أكثر من 11 مليار دولار في طريقها لجيوب مصرفيي «حي المال» خلال 2010

أوروبا على وشك ربط «حوافز المصرفيين» بأداء بنوكهم

تهدف لجنة المصارف الأوروبية إلى وضع «حد رقمي» على مقدار الحافز المالي (تصوير: حاتم عويضة)
TT

استبق رجال المال وخبراء المصارف في «حي المال» بلندن اجتماع لجنة الرقابة المصرفية الأوروبية المقرر عقده في 29 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي لمناقشة إجراءات الحد من الحوافز التي تدفعها البنوك للمصرفيين، بجدل كبير حول مخاطر هذه الإجراءات على المراكز المالية الأوروبية، وتحديدا لندن التي تعد عاصمة المصارف في أوروبا. ولا تهدف لجنة المصارف الأوروبية إلى وضع «حد رقمي» على مقدار الحافز المالي، ولكنها ترغب في تقنين هذه الحوافز بحيث لا تدفع المصرفيين الذي ينفذون الصفقات لأخذ مخاطر عالية في الاستثمار تعرض المصارف لخسائر تضعف مركزها المالي في سبيل زيادة الحوافز التي تدفع لهم. يذكر أن بعض خبراء المال يعتقدون أن اهتمام المصرفيين بالعملات والحوافز، خاصة في بنوك الاستثمار، كان أحد أسباب انهيار مصرف «ليمان براذرز» وتورط كثير من المصارف الأميركية والأوروبية في أخذ مخاطر عالية في سوق المشتقات والخيارات كادت أن تفلس النظام البنكي لولا تدخل البنوك المركزية. ولكن لجنة الرقابة الأوروبية التي أجرت «اختبار صحة» للمصارف الأوروبية في نهاية يوليو (تموز) الماضي لا تعتقد أن الحوافز هي السبب في ما حدث من أزمة مالية للبنوك العالمية، وإن كانت قد شجعت المصارف على أخذ مخاطر فوق مستويات التغطية المالية المتوفرة لها.

ووفقا لمقترح لجنة رقابة المصارف الذي كشفت عنه مؤخرا، فإن مشروع القانون المقترح يلزم المصارف بأن لا يتجاوز الحافز النقدي الذي تدفعه المصارف لأي مصرفي 20% من إجمالي قيمة الحافز على أن يمنح بقية الحافز في شكل أدوات استثمارية لآجال تتراوح بين عامين وخمسة أعوام مثل تمليكه أسهما في الشركة أو أية أداة أخرى. كما يحظر المقترح على مديري البنوك التي أنقذتها الحكومات خلال الأزمة الأخيرة الحصول على حوافز أو أية ضمانات مالية مثل تلك التي كانت تدفع إبان السنوات التي سبقت الأزمة المالية.

كما ينص المقترح كذلك على أن يدفع المصرف نسبة 50% على الأقل من قيمة الحافز في شكل أداة مالية مرتبطة بأداء أسهم البنك. ويهدف هذا المقترح إلى تقليل مخاطر الصفقات المنفذة، حيث ترتبط مصلحة المصرفي المالية بأداء سهم المصرف الذي يعمل فيه، وبالتالي فسيكون حذرا في فحص مخاطر الصفقات قبل تنفيذها. وذلك خلافا للنظام السائد حاليا، حيث تمنح المصارف الحوافز نقدا، مما يجعل المصرفيين يهتمون بالحوافز والعمولات أكثر من اهتمامهم بالمخاطر المترتبة على المصرف في تنفيذ الصفقات. وتوقع معهد دراسات الاقتصاد والأعمال البريطاني أن تبلغ الحوافز التي ستوزعها بنوك «حي المال» في لندن نحو 7 مليارات جنيه إسترليني (نحو 11.2 مليار دولار) في نهاية العام الحالي، وهو مبلغ يقل بنحو 500 مليون دولار عن الحوافز التي تسلمها مصرفيو لندن العام الماضي. ويذكر أن مصرف «غولدمان ساكس» قد قام مسبقا بتوزيع حوافز نصف سنوية مستبقا بذلك أي إجراء قد يحد من الحوافز. و«غولدمان ساكس» من المصارف عالية الربحية، وتقدر تقارير مالية في لندن الأرباح التي يحققها البنك يوميا بأكثر من 30 مليون دولار. يذكر أن أكثر من ثلاثة آلاف مصرفي في لندن تسلم كل منهم حوافز نقدية تفوق مليون إسترليني (نحو 1.6 مليون دولار) في نهاية العام الماضي.

وفي حين اعترف مصرفيون ومسؤولون في لندن بضرورة معالجة الحوافز وما سببته من عدم ثقة في البنوك، أعرب آخرون عن مخاوفهم من النتائج السلبية لهذه البنوك على موقع لندن في خارطة المال العالمية. في هذا الصدد، قال ماركوس إيجيس رئيس مصرف «باركليز» البريطاني: «لا يمكن استعادة سمعة المصارف ما لم يعالج موضوع الحوافز»، في حين اعترف سير فيليبس هامبتون رئيس مصرف «بنك أوف أسكوتلاند» أن مصرفه دفع حوافز لأفراد لا يستحقونها، واقترح أحد مسؤولي بنك إنجلترا «البنك المركزي» البريطاني أن تدفع الحوافز بطريقة تؤكد أن المصرفي سيخسر في حال تعرض مصرفه للإفلاس.

ولكن جون تيري الشريك في شركة «برايس ووتر هاوس كوبرز» لتدقيق الحسابات حذر من عواقب الحد من الحوافز على مستقبل المركز المالي للعاصمة البريطانية. وقال تيري لصحيفة «الغارديان» إن مقترح الحد سيجبر المصارف على مغادرة «حي المال» إلى مراكز مالية أخرى. وتساءل تيري عن الأسباب التي تمنع الخبرات المصرفية النادرة من البقاء في لندن أو أية عاصمة أوروبية أخرى إذا كانت ستفرض عليهم حدودا على دخولهم من الحوافز. وأشار إلى أن الخبرات المصرفية ربما تهاجر إلى آسيا التي لا تفرض تشريعات تحد من الحوافز التي تمنحها البنوك للمصرفيين في حال إجازة مثل هذه التشريعات. ولكن خبراء في «حي المال» يعتقدون أن البنوك الاستثمارية ستتخطى أية حواجز تضعها لجنة الرقابة للحد من الحوافز وأن هذه الثقافة باتت راسخة في النظرة الاستثمارية وأن الصفقات الكبرى والمربحة لا يمكن الحصول عليها من دون تحفيز. يذكر أن مكتب مراقبة الحسابات البريطاني فتح تحقيقا ثانيا في سبتمبر (أيلول) حول فشل شركات تدقيق الحسابات في دق جرس الإنذار حول المصارف المنهارة التي قامت بتدقيق حساباتها. ووفقا لتقارير مالية بريطانية، فإن التحقيق المفتوح يتناول شركة «برايس ووتر هاوس كوبرز» التي دققت حسابات مصرف «ليمان براذرز» وشركة «أرنست آند يونغ» التي دققت حسابات «جي بي مورغان».