الرئيس التنفيذي الجديد لـ«ماستر كارد» يعلن الحرب على الأوراق النقدية

أجاي بانغا لاحظ أن 85% من المعاملات المالية في العالم لا تزال تتم نقدا

أجاي بانغا الرئيس التنفيذي الجديد لـ«ماستر كارد» (نيويورك تايمز)
TT

على الرغم من أن بانغا ارتقى إلى المقدمة داخل مجتمع الأعمال الأميركي، فإن جذور نجاحه توجد داخل الهند، حيث ولد وتربى وبدأ عمله. وربما يعتمد نجاحه داخل «ماستر كارد» على الهند أيضا.. فعلى الرغم من المنافسة على إدارة عمليات الدفع على أشدها داخل الولايات المتحدة، فإن ميادين المعارك الأوسع في دول، مثل الهند والبرازيل، التي يوجد بها عدد كبير من الناس، ليس لديها حسابات مصرفية وطبقة متوسطة متنامية.

ترى شركة «ماستر كارد» أنها وجدت في بانغا مرشحا مثاليا وغير تقليدي لتولي مثل هذه المهام. ويقول بانغا، وهو من السيخ، وله شارب ولحية، إنه يحب فريق البيسبول «نيويورك ميتس» وليدي غاغا وإلفيس بريسلي والطقوس السيخية.. وتأتي شخصية بانغا، الذي يحب السفر كثيرا ويتسم بالحيوية، في تناقض واضح مع رؤساء تنفيذيين سابقين داخل «ماستر كارد» اشتهروا بأسلوب محافظ وكانوا أميركيين.

يرى البعض أن ارتداء العمامة، العقيدة الرئيسية في الديانة السيخية، في شركة أميركية، يجعل الأفراد ينظرون إليه ويقولون «إنه يرتدي عمامة وقد وصل بها إلى القمة، لا بد أنه فذ».

كانت والدته أول فرد في العائلة ينال شهادة جامعية، أما والده فكان ضابطا في الجيش الهندي، وكانت العائلة دائمة التنقل. ويقول بيندرا، الذي يعرف العائلة منذ ما يقرب من عقد: إن النهج العسكري للعائلة واضح في رغبة بانغا الدائمة في إسعاد والديه.

بعد يوم من بدء الحكومة الهندية حملة تحديد أرقام هوية لجميع مواطني الدولة، البالغ عددهم 1.2 مليار مواطن، وصل أجاي بانغا، الرئيس التنفيذي الجديد لـ«ماستر كارد» إلى المدينة، يحدوه حماس ورغبة تقديم يد العون.

وسيقوم البرنامج بتحديد هوية المواطنين بالاعتماد على بصمات الأصابع وبصمة العين، وربما يسهل ذلك على الحكومة إدارة البطاقات التموينية والمدفوعات الأخرى التي تقدم إلى المواطنين تحت خط الفقر.

ويقول بانغا إنه يعتقد أن لديه وسيلة بسيطة لإجراء عملية المدفوعات، وهي شبكة «ماستر كارد». وأضاف خلال مؤتمر صحافي في فندق «تريدنت» داخل المركز المالي هنا: «لم أتعلم داخل الولايات المتحدة، بل تعلمت داخل الهند؛ لذا أفهم ما تحاولون القيام به. وأعتقد أنها فرصة عظيمة لحكومتنا والمواطنين وشركات مثل شركتنا».

وعلى الرغم من أن بانغا ارتقى إلى المقدمة داخل مجتمع الأعمال الأميركي، فإن جذور نجاحه توجد داخل الهند، حيث ولد وتربى وبدأ عمله. وربما يعتمد نجاحه داخل «ماستر كارد» على الهند أيضا.

وبعد أن لاحظ أن 85% من المعاملات في العالم لا تزال تتم نقدا، أعلن بانغا «حربا على النقد» لدفع أكبر عدد ممكن من العملاء إلى عمليات الدفع الإلكتروني، التي تعالجها شركة «ماستر كارد». وعلى الرغم من أن المنافسة على إدارة عمليات الدفع على أشدها داخل الولايات المتحدة، فإن ميادين المعارك الأوسع في دول مثل الهند والبرازيل، التي يوجد بها عدد كبير من الناس، ليس لديها حسابات مصرفية وطبقة متوسطة متنامية.

ويمكن أن يساعد الاستحواذ على شريحة صغيرة من هؤلاء العملاء - من خلال بطاقات الخصم المدفوعة مسبقا ونظم الدفع عبر الهواتف المحمولة وبطاقات الائتمان - على توسيع أنشطة وأرباح «ماستر كارد». ويقول بانغا، في إشارة إلى تقييمات حجم الطبقة المتوسطة عالميا على مدار الأعوام الخمسة المقبلة: «سواء أكانوا 200 مليون أم 400 مليون، المهم أنهم ملايين كثيرة».

ويتولى بانغا (50 عاما) القيادة داخل «ماستر كارد» في الوقت الذي تواجه فيه تحديات كبيرة بسبب قواعد جديدة تحكم بطاقات الخصم والائتمان داخل الولايات المتحدة وصولا إلى ظهور منافسين جدد أذكياء يقدمون معاملات لاسلكية وعبر شبكة الإنترنت. وبالطبع توجد شركة «فيزا» وهي منافس أكبر بالنسبة لها.

ويقول ديفيد روبرتسون، ناشر تقرير نيلسون، وهو عبارة عن نشرة تتناول أخبار القطاع: «سيتعين على (فيزا) و(ماستر كارد) إيجاد نشاط جديد والعمل في الخارج. توجد حاجة إلى العثور على منطقة جديدة لم يطرقها أحد ولا توجد فيها ضغوط المنافسة».

وترى شركة «ماستر كارد» أنها وجدت في بانغا مرشحا مثاليا وغير تقليدي لتولي مثل هذه المهام. ويقول بانغا، وهو من السيخ له شارب ولحية، إنه يحب النبيذ الجيد وفريق البيسبول «نيويورك ميتس» ولادي غاغا وإلفيس بريسلي والطقوس السيخية.

وتأتي شخصية بانغا، الذي يحب السفر كثيرا ويتسم بالحيوية، في تناقض واضح مع رؤساء تنفيذيين سابقين داخل «ماستر كارد» اشتهروا بأسلوب محافظ وكانوا أميركيين تخرجوا في الأغلب في كليات رابطة اللبلاب.

ويقول آدم فريش، وهو محلل من «مورغان ستانلي»: «يأتي معه أسلوب مختلف وإحساس مختلف بالأشياء الملحة داخل الشركة؛ لذا أتوقع أن تتغير وتيرة أعمال (ماستر كارد)».

وعلى سبيل المثال أحدث بانغا تغييرا كبيرا داخل الشركة من خلال الإعلان عن أن أي طلبات للمقر الرئيسي لم يتم العمل عليها خلال أسبوعين ستحصل على موافقة تلقائية، وهو القرار الذي يهدف إلى تسريع عملية اتخاذ القرار.

يشار إلى أنه على مدار العقود الأربعة الأولى من نشأتها، كانت «ماستر كارد» - التي كانت يطلق عليها أولا «ماستر تشارج» - مملوكة لمصارف الدولة وكانت تحقق أرباحا كبيرة لهم. وكانت «فيزا» أيضا ملك المصارف نفسها؛ لذا لم تكن هناك منافسة مباشرة بين الاثنتين.

بيد أن «ماستر كارد» أثبتت أنها أكثر تحفظا وغير مهيأة للانتشار مثل «فيزا»، التي سعت بصورة أكبر إلى الهيمنة على سوق بطاقات الخصم في الولايات المتحدة، وهو ما تحقق لها وتفوقت وتقدمت على «ماستر كارد» في سوق البطاقات سابقة الدفع الجديدة، وفي السعي وراء الأعمال الجديدة في الدول النامية في أميركا اللاتينية وآسيا.

اتضح الاختلاف الجلي بين الشركتين في أعقاب الإعلان عن «ماستر كارد» عام 2006 و«فيزا» عام 2008. ويقول فريتش: إن المستثمرين يعتقدون أن «ماستر كارد» حظيت بنموذج أعمال مثالي، تحول إلى علامة تجارية شهيرة، ما انعكس في ارتفاع أسعار أسهم «ماستر كارد» إلى 5 أضعاف منذ الإعلان عن الشركة.

لكن عندما ظهرت «فيزا» في السوق وجد المستثمرون أن عمليات بيع الأسهم وشرائها التي تقوم بها «فيزا» في المناطق النامية المهمة أفضل من «ماستر كارد». ويبلغ رأسمال السوق لـ«فيزا» في الوقت الحالي ضعفي «ماستر كارد». وقد تحدثت «ماستر كارد» عن تحقيقها العام الماضي أرباحا تقدر بـ1.5 مليار دولار عن دخل يقدر بـ5.1 مليار دولار، مقارنة بـ2.4 مليار دولار أرباح «فيزا» عن دخلها الذي بلغ 6.9 مليار دولار في السنة المالية التي انتهت في سبتمبر (أيلول) 2009.

وقال فريتش: «كانت (فيزا) تتسم بالسرعة والمغامرة. وبدت (ماستر كارد) أكثر اقتناعا بالحفاظ على الوضع القائم».

كان تعيين بانغا عملا جريئا، على الرغم من أنه ربما يكون قد جاء متأخرا، من قبل مجلس إدارة «ماستر كارد» لتغيير ذلك كله.

لم يذهب بانغا مباشرة إلى منطقة بيورتشيس الوارفة في نيويورك، حيث يوجد مقر «ماستر كارد» الأشبه بحرم الجامعة.

كانت والدته أول فرد في العائلة ينال شهادة جامعية، أما والده فكان ضابطا في الجيش الهندي، وكانت العائلة دائمة التنقل. ويقول بيندرا، الذي يعرف العائلة منذ ما يقرب من عقد: إن النهج العسكري للعائلة واضح في رغبة بانغا الدائمة في إسعاد والديه.

إلى جانب ذلك فإن بانغا مقرب من أخيه الأكبر مانفيندرا، الذي ارتقى إلى مراتب عليا في شركة «يونيليفر» وهو يعمل الآن في شركة «كلايتون دوبيلير آند رايس» للأسهم الخاصة في لندن، أما أخته، ديبا دوظي، فتعيش في هيوستن وتعمل مديرة أعمال في شركة مضاربة.

ما إن تخرج في الجامعة، بدأ بانغا مشواره في الوظائف الإدارية في الهند في شركتي «نستلة» و«بيبسي»؛ حيث كان يمسح المراحيض ويطعم الدجاج في مطاعم «كنتاكي فرايد تشيكن» (التي كانت تابعة لشركة «بيبسي» آنذاك) لتجربة إدارة المطاعم. كما ذاق للمرة الأولى طعم الأطعمة السريعة على الطريقة الأميركية والتسويق. أما إيفان مينيزيس، المدير التنفيذي لأميركا الشمالية في شركة «دياغيو»، شركة المشروبات، فقد التقى بانغا للمرة الأولى عندما كانا يبلغان من العمر 17 عاما، ودرسا في جامعة دلهي. كانت هناك الكثير من الصفات المشتركة بين الرجلين، فقد عمل والد كل منهما في الحكومة والأخ الأكبر لكل منهما كان من أفضل الطلاب - على حسب قول مينيزيس.

بيد أنه يرى أن بانغا تميز لذكائه وقدرته على التواصل مع الناس.

بعد ذلك، تخرجا في الجامعة سويا، والتحقا بشركة «نستلة» عام 1981، عندما كانت لا تزال شركة صغيرة تبحث عن موطئ قدم لها في الهند. تم إيفادهما في خلال الـ18 شهرا الأولى إلى المناطق النائية في الهند. ويقول مينيزيس: «كنا نتبادل قصص الرعب التي شاهدناها».

على الرغم من ذلك، فإن تلك الأيام كانت نشطة للغاية، فكل منتج كانا يقدمانه كان يلقى رواجا كبيرا، وكانا يشاركان في النشاطات الاجتماعية كل ليلة مع مجموعة من الأصدقاء المقربين. ويقول مينيزيس: «كنا نجلس إلى جانب بعضنا بعضا ونعمل بجد ونمارس الأنشطة الاجتماعية بجد أيضا».

انضم بانغا إلى «سيتي غروب» عام 1996، ليرتقي في السلم الوظيفي سريعا، جاب فيها العالم وانتقل فيها مع عائلته وزوجته ريتو وابنتيه إلى لندن ثم بروكسل وهونغ كونغ ونيويورك.

اختار دينيار ديفتري، المسؤول عن أوروبا والشرق الأوسط في «سيتي غروب» بانغا كمساعد أول له في أواخر التسعينات وامتدح ذكاء بانغا وقدرته على تولي المهام الصعبة، فعلى سبيل المثال، عندما أوكل إليه ديفتري مهمة القيام بالعمليات الصغيرة نسبيا في أوروبا الوسطى والشرق الأوسط حولها إلى شركات كبرى.

ويقول ديفتري: «أنجز المهمة وتمكن من تحقيق إنجازات في هذه الشركات في هذه الأسواق؛ فهو يعلم كيف يدير الدفة عبر العقبات عن طريق التعاون مع الأفراد ممن يعمل معهم».

وفي الفترة من عام 2000 وحتى 2002 ترأس شركة «سيتي فينانس» في نيويورك، التي تقدم الرهن العقاري وقروض المستهلكين الأخرى، وعندما وصل بانغا، كان القسم يخضع لتحقيقات من لجنة التجارة الفيدرالية على خلفية مزاعم بممارسات قروض عدوانية. كانت مهمته تتمثل في تنظيف الوحدة التي أصبحت جزءا من «سيتي غروب» في عملية استحواذ. وأسفر التحقيق في النهاية عن دفع «سيتي غروب» 215 مليون دولار كتسوية في عام 2002.

في الفترة بين عامي 2002 و2005 أشرف على الخدمات المصرفية للأفراد في أميركا الشمالية، والتي شملت شبكة واسعة من الفروع والمنتجات الاستهلاكية التي شملت الرهن العقاري وقروض الطلاب وقروض السيارات، ثم تولى إدارة المستهلك الدولي عام 2005.

وخلال فترة عمله في «سيتي غروب»، تعرض البنك لانتقادات كبيرة نتيجة لبعض منتجات الرهن العقاري والبطاقات الائتمانية التي قدمها البنك وعلى الاستثمارات في الأدوات المالية غير المألوفة، والتي كادت تتسبب في إفلاس البنك عامي 2008 و2009، ما دفعه إلى الاستعانة بأموال خطط الإنقاذ الحكومية. وقالت المتحدثة باسم «سيتي غروب»: إن بانغا لم يتورط في الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري أو الأدوات المالية التي تسببت في مشكلات «سيتي بنك». وعندما سئل عن دوره في عمل تلك المنتجات، قال إنه لا علاقة له بها، ورفض الإدلاء بمزيد من التعليقات.

كانت آخر وظائفه: الإشراف على مناطق آسيا المطلة على المحيط الهادي المربحة إلى حد بعيد من هونغ كونغ، حيث يشرف على الصين وفيتنام والأسواق النامية الأخرى. والتي باتت الآن مناطق خصبة لـ«ماستر كارد».

ويقول ديفتري إنه يعتقد أن كون بانغا سيخيا كان في صالحه على الرغم من التعليقات أو النظرية غير المريحة في بعض الأحيان. فيرى أن البعض يعتقدون أن ارتداء العمامة، العقيدة الرئيسة في الديانة السيخية، في شركة أميركية يجعل الأفراد ينظرون إليه ويقولون «إنه يرتدي عمامة وقد وصل بها إلى القمة، لا بد أنه فذ».

على الرغم من خبرته الدولية في «سيتي»، فإن بانغا تجول كثيرا في أميركا وسافر إلى المدن الكبيرة والصغيرة بدءا من شيفر بورت بولاية أنجليس إلى بيلينغز بولاية مونتانا. وقد زين مكتبته المتواضعة في بيروتشيس بتذكارات من بينها حذاء رعاة بقر اشتراه من مدينة دودجي سيتي بولاية كنساس عليه ملصق كُتب عليه «صنع في الصين».

كان بانغا من بين الأسماء التي وُضعت ضمن قائمة قصيرة كمديرين تنفيذيين محتملين في «سيتي غروب»، لكن عندما استدعته «ماستر كارد» عام 2009 للعمل كرئيس لعملياتها كان يعلم أنه سيدير الشركة في القريب العاجل.

تولى بانغا المسؤولية في 1 يوليو (تموز) في واحدة من أصعب الفترات في تاريخ «ماستر كارد», فقد أعاق الكساد العالمي استخدام بطاقات الائتمان وقوضت التشريعات الحكومية الجديدة من ربحية بطاقات الخصم والائتمان، وأدت إلى هبوط أسهم «ماستر كارد» و«فيزا» في البورصة.

في الوقت ذاته، هددت التكنولوجيات الجديدة بإنهاء الهيمنة التقليدية لـ«فيزا» و«ماستر كارد» و«أميركان إكسبريس»، خاصة مع انتقال خاصية الدفع إلى الهواتف الجوالة.. ففي الهند تقوم البنوك والحكومة، على سبيل المثال، بتجربة نقل الأموال عن طريق الهواتف الجوالة التي يمكن أن تبعد «ماستر كارد» و«فيزا» - والأرباح التي تأتي منهما - عن السوق فيها. وعلى الرغم من اعترافه بالعقبات التي يواجهها، يرى بانغا أن التحديات تعتبر ضئيلة بالنسبة للفرص الكبيرة للصيغ الإلكترونية للدفع.

فإلى جانب الفرص في الدول النامية، ترى العديد من الحكومات والشركات أن البطاقات الطريقة الأنسب لدفع الرواتب، خاصة أولئك الذين لا يملكون حسابات بنكية. وتتوافر بعض أنظمة الضمان الاجتماعي الآن عبر بطاقات «ماستر كارد» سابقة الدفع، وكذلك بعض الشيكات.

ورد على نفسه، من دون دهشة، بهندية طلقة: «ما الفارق الذي يمكن أن تفعله؟».

*خدمة «نيويورك تايمز»