الاستثمارات العراقية في سورية تتخلى عن المرتبة الأولى لمصلحة تركيا

انتقلت لخطوط النفط الجديدة والغاز

TT

قالت هيئة الاستثمار في سورية إن الاستثمارات العراقية في سورية تراجعت إلى المرتبة الثانية بعد تركيا التي احتلت المرتبة الأول بين الاستثمارات العربية والأجنبية عام 2009 بعد أن احتفظت بالمرتبة الأولى منذ إصدار قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991 وحتى عام 2008.

وأشارت في تقرير صادر عنها إلى أن حجم الاستثمارات العراقية في سورية يتجاوز الـ15 مليار ليرة أغلبها مقام في مجال الصناعة والنقل ويبلغ عدد المشاريع العراقية في سورية 32 مشروعا.

وإذا ما أخذ اتفاق التعاون في مجال النفط والغاز الذي تم توقيعه بين سورية والعراق خلال زيارة المالكي الأخيرة لدمشق، فإن بابا استثماريا استثنائيا سينفتح بين البلدين وبمئات الملايين من الدولارات ستصرف أولا على إنشاء ثلاثة خطوط لنقل النفط والغاز بالشراكة بين مستثمرين سوريين وعراقيين ودوليين، ينقل الخط الأول 1.5 مليون برميل يوميا والثاني 1.25 مليون برميل يوميا والثالث للغاز.

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن رجال أعمال كبارا من الجانب العراقي والسوري سيتولون تنفيذ هذا المشروع الضخم الذي يشكل جانبا من برنامج استثماري يهدف أيضا إلى إقامة مصفاة للنفط قرب الحدود السورية - العراقية لتكرير النفط العراقي.

في السياق نفسه، علمت «الشرق الأوسط» أن اتصالات مكثفة تجري حاليا للمصادقة على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات الموقعة بين البلدين منذ عام 2002 وذلك لتلبية آفاق المرحلة القادمة، كما يجري حاليا تكثيف الاتصالات للإعلان عن تشكيل مجلس أعمال سوري - عراقي وفقا لما تم الاتفاق عليه في محضر اللجنة العليا المشتركة التي عقدت العام الماضي، حيث يعول عليها من أجل دفع التعاون بين البلدين وإنجاز الكثير من الاستثمارات المطروحة على الطاولة لتنفيذها ويكون القطاع الخاص شريكا رئيسيا فيها وتأخذ بعدا ثنائيا مهما شبيها بالمنحى الذي بدأت تأخذه الاستثمارات السورية – السعودية، والسورية – القطرية، التي بدأت تركز على النوعية والمشاريع الكبرى.

هذا وتتوقع أوساط اقتصادية سورية أن ينضم العراق قريبا إلى اتفاق السوق المشتركة التي أعلن عن تأسيسها بين الأردن وسورية وتركيا ولبنان مما يجعل هذه الدول إقليميا تجاريا واقتصاديا وحتى استثماريا واحدا.

هذا وتحاول كل من سورية والعراق صياغة العلاقات الاقتصادية والتجارية عبر دفع الاتفاقيات الموقعة نحو حيز التنفيذ وفي مقدمتها اتفاق حماية الاستثمارات المشتركة وتطوير الاتفاقيات التي من شأنها خدمة التجارة والترانزيت بين البلدين وتخليصها من العوائق التي تواجهها ومنع الازدواج في القوانين المطبقة لدى الجانبين لتسهيل انسياب الأعمال بين البلدين. وكانت اللقاءات التي أجراها مؤخرا نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي مع المسؤولين السوريين ركزت على رفع حجم التبادل التجاري إلى 3 مليارات دولار، بدلا من مليار دولار حاليا وإفساح المجال واسعا أمام رجال الأعمال والشركات السورية للمساهمة في إعادة إعمار العراق بالاستفادة من القرب الجغرافي بين البلدين إلى جانب تشجيع رجال الأعمال على إقامة شراكات وتكتلات فيما بينهم في مشاريع استثمارية في كلا البلدين تركز على تلبية احتياجات الأسواق العراقية بشكل رئيسي. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن رجال أعمال كبارا مقربين من قيادتي البلدين قد ساهموا في صياغة التقارب الاقتصادي والاستثماري بين البلدين الأمر الذي نجم عنه قرار بإعادة تسهيل خط نفط كركوك - بانياس الذي ينقل النفط العراقي عبر سورية إلى الأسواق التصديرية وقد بادر العراق إلى تكليف شركة أجنبية لوضع تقرير حول الخط وأعمال التأهيل التي يحتاجها من أجل بإعادة استخدامه، علما بأن الخط متوقف منذ 1992 ويتيح نقل 900 إلى مليون برميل يوميا وإعادة العمل به تحتاج من عام إلى عامين. هذا وترتبط سورية والعراق بطيف لا بأس به من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون من بينها اتفاق لمنع الازدواج الضريبي واتفاقيات للربط بين موانئ البلدين وموانئ دول الخليج، بالإضافة إلى اتفاقيات تعاون بين المناطق الحرة في البلدين.

هذا وتحاول السلطات العراقية عبر سفاراتها وقنصلياتها إقناع رجال الأعمال العراقيين بالعودة إلى بلادهم والاستثمار فيها والمساهمة في إعادة إعمار العراق الذي رصدت له مليارات الدولارات، مما ينبئ باحتمال تراجع الاستثمارات العراقية في سورية مقابل ارتفاع الاستثمارات السورية في العراق وذلك في ظل وجود رغبة عراقية بمشاركة سورية في عملية إعادة الإعمار لحسابات اقتصادية وسياسية معا.

هذا ويعيش في سورية حاليا نحو مليون و200 ألف عراقي وتوصف سورية من الدول السخية على اللاجئين العراقيين، بحسب بيان صادر عن المفوضية العليا بشؤون اللاجئين التي قالت إن 70 في المائة من اللاجئين العراقيين الذين سجلوا في سورية مؤخرا يعيشون فيها منذ أكثر من 4 سنوات وإن معظم المقيمين في سورية مترددون في العودة إلى وطنهم العراق.