لبنان: تأخير الموازنة العامة يربك إصدارات تناهز 3.5 مليار دولار

وزارة المال تكلف مؤسسات مصرفية بمبادلة سندات دين دولية بقيمة 700 مليون دولار

يبلغ إجمالي سندات الدين الحكومي اللبناني بالعملات الأجنبية نحو 18 مليار دولار
TT

تتحضر وزارة المال اللبنانية لفتح استدراج عروض طلبته من مصارف محلية وأجنبية بغية اختيار مصرفين محليين ومصرف أجنبي لتنفيذ عملية مبادلة SWAP)) لسندات دين أجنبية، تبلغ قيمتها 700 مليون دولار أميركي.

ويكفل الإصدار الجديد تغطية إصدار سابق يستحق الشهر المقبل بالقيمة ذاتها، في حين تبلغ فوائده المستحقة نحو 130 مليون دولار يفترض أن تتم تغطيتها من حساب الخزينة لدى البنك المركزي، بسبب وجود عائق قانوني متعلق بتأخير إقرار الموازنة العامة، يحول دون زيادة الاستدانة بالعملات الأجنبية ما لم تكن مغطاة بإجازة تشريعية من المجلس النيابي.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن المصارف اللبنانية المهتمة وبعض المؤسسات المالية الدولية بدأت في إرسال عروضها إلى الوزارة، على أن تكتمل الردود ضمن المهلة المحددة، ظهر الاثنين المقبل، مما يتيح الاختيار منتصف الأسبوع المقبل وتنفيذ العملية قبل حلول موعد استحقاق الإصدار المحدد في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2010.

ووفق طلب الوزارة، الذي اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإن الإصدار سيتكون من شريحتين، الأولى بقيمة 400 مليون دولار لمدة لا تزيد عن 11 عاما (تستحق في عام 2021) والثانية بقيمة 300 مليون دولار لمدة 14 عاما (تستحق عام 2024). وهذا يعني أن الفوائد المعروضة ستكون بين 6.25 و6.75 في المائة، وفقا لمعدلات الفوائد السائدة في السوق حاليا. حيث قام الكثير من البنوك اللبنانية، بينها بنك الاعتماد اللبناني وبنك بيروت والبنك اللبناني للتجارة، بتنفيذ إصدارات أسهم تفضيلية تراوحت قيمها بين 30 و100 مليون دولار، في الأسبوعين الأخيرين، بفوائد بين 6.5 و6.75 في المائة لمدة بين 5 و10 سنوات. وهذا ما يمكن اعتباره مؤشرا مرجعيا للإصدار الحكومي.

ويمثل الإصدار الجديد باكورة إصدارات متتالية تزيد قيمتها الإجمالية عن 4 مليارات دولار، تزمع وزارة المال اللبنانية تنفيذها لمقابلة ما تبقى من استحقاقات العام الحالي واستحقاقات العام المقبل التي تزيد مع فوائدها عن 3.5 مليار دولار، وتستحق الشريحتان الأوليان منها في شهري مارس (آذار) ومايو (أيار)، مع إمكانية تنفيذ إصدارات إضافية لتمويل الحاجات المالية للدولة.

لكن هذا الانسياب الظاهر في توجهات وزارة المال يواجه، وفق مصادر مالية وقانونية متابعة، عقبة مهمة تتمثل في التأخير المتمادي لإقرار مشروع قانون الموازنة العامة للعام الحالي الذي لا يزال عالقا لدى لجنة المال النيابية بعدما خضع لفحص وتدقيق في مجمل أبواب الإنفاق. وسط توقعات، غير أكيدة، بإحالته إلى الهيئة العامة لمجلس النواب.

وتقر وزيرة المال ريا الحسن بأن تغطية الاستحقاقات المقبلة يلزمها فعلا إقرار مشروعي الموازنة للعام الحالي والعام المقبل؛ بغية الحصول على إجازة المجلس النيابي للحكومة بالاقتراض. وهو أمر حيوي أيضا للاستفادة من حال الركود وتراجع معدلات الفوائد في الأسواق المالية الإقليمية والدولية، واستعداد القطاع المصرفي المحلي للاكتتاب في الإصدارات بهدف تصريف جزء من الفوائض الجاهزة لديه بما يفوق 10 مليارات دولار. وهذا ما يمكن الحكومة من رفع عبء مالي مؤثر في حركة السوق المالية المحلية، وفي تصنيف السندات ذاتها التي تلقى طلبا متزايدا من مصادر محلية وخارجية.

ويبلغ إجمالي سندات الدين الحكومية بالعملات الأجنبية نحو 18 مليار دولار، تساوي نحو 85 في المائة من الدين العام بالعملات الأجنبية، بينما يصل إجمالي الدين إلى نحو 51 مليار دولار، يمثل الدين المحرر بالليرة اللبنانية نحو 58 في المائة منه، ويمثل الدين بالعملات الأجنبية (يشمل سندات اليورو، وقروضا خارجية، ومساهمات مؤتمر باريس3) نسبة 42 في المائة. وتحمل المصارف المحلية نسبة تقارب 63 في المائة من إجمالي الدين بالليرة، ونسبة مماثلة من إجمالي السندات بالدولار. في حين يكتتب البنك المركزي بنحو 20 في المائة من إجمالي الدين بالليرة.

وكانت وزارة المال نفذت في شهر مارس الماضي إصدار سندات دين بالعملة الأجنبية (يوروبوند) بقيمة 1.2 مليار دولار، بفائدة 6.375 في المائة، مدة استحقاقها 10 سنوات، وبلغ حينها حجم طلبات الاكتتاب ثلاثة أضعاف المبلغ المعروض، أي أكثر من 3.4 مليار دولار، مما حدا بالوزارة إلى زيادة قيمة الإصدار عن قيمته الأصلية المحددة بمليار دولار.