صندوق النقد: الشرق الأوسط ينمو بقوة ولكن هناك مخاوف من التضخم

أكد أن دبي تعود للنمو بفضل التجارة والسياحة

منظر من دبي، يبدو فيه مترو الأنفاق وطريق الشيخ زايد، أكثر أحياء المدينة ازدهارا (أ. ف. ب)
TT

قال صندوق النقد الدولي أمس إن النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتعافى بقوة. وقال الصندوق في تقريره الاقتصادي عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي يغطي أيضا أفغانستان وباكستان إن من المنتظر أن ينمو الناتج الإجمالي في المنطقة 4.2 في المائة هذا العام من دون تغيير عن توقعات مايو (أيار) وبعد نمو بلغ 2.3 في المائة في 2009.

ونسبت «رويترز» إلى مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي القول «نتوقع أن تنمو معظم دول المنطقة بشكل أسرع في عامي 2010 و2011 عن 2009». ومن المتوقع أن يبلغ نمو الناتج الإجمالي 4.8 في المائة في 2011، لكنه ما زال أقل من مستوى 5.7 الذي تحقق قبل اندلاع أزمة الائتمان العالمية في 2008. وقال الصندوق إن النشاط الاقتصادي يزداد بشكل ملحوظ في دول المنطقة المصدرة للنفط، مضيفا أن من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الخام إلى 25 مليون برميل يوميا في 2010 وإلى 26 مليون برميل يوميا في 2011 نظرا لارتفاع الطلب العالمي.

وتابع الصندوق أن ارتفاع أسعار النفط 23 في المائة في 2010 وأكثر من ثلاثة في المائة في 2011 سيؤدي إلى تحول ملحوظ في موازين المعاملات الخارجية.

وبلغ سعر النفط 81.69 دولار للبرميل يوم الجمعة، مدعوما ببيانات إيجابية في ألمانيا وإضرابات في فرنسا وتقلب مؤشر الدولار. وقال الصندوق إن من المتوقع أن يرتفع فائض المعاملات الجارية المجمع للدول المصدرة للنفط في المنطقة نحو 80 مليار دولار في 2009 - 2011 في ظل التوقعات الحالية لأسعار النفط ويشمل ذلك نحو 50 مليار دولار لدول مجلس التعاون الخليجي الست.

ويتوقع الصندوق أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في السعودية 3.4 في المائة في 2010 و4.5 في المائة العام المقبل وبالنسبة للإمارات العربية المتحدة 2.4 و3.2 في المائة على الترتيب مكررا تقديراته التي أعلنها في وقت سابق هذا الشهر.

وقال الصندوق إن من المتوقع نمو الأنشطة غير النفطية في الدول المصدرة للنفط تدريجيا، حيث ستتوازن السياسات إثر ضعف الطلب الخاص، وتابع الصندوق «ستستمر السياسات المالية والنقدية الميسرة في الكثير من الدول لتصبح ملائمة على مدى الأعوام المقبلة، لكن مع المتابعة عن كثب للضغوط التضخمية الناشئة»، وقال «من المتوقع أن يرتفع التضخم في بعض الدول مثل السعودية مما قد يستدعي كبح التحفيز في 2011». وتبدو مرونة السياسة النقدية في معظم دول الخليج محدودة نظرا لارتباط عملاتها بالدولار مما يجعل سياسات الإنفاق الحكومي أداة أساسية في توجيه اقتصادات الخليج. وقال الصندوق «يتمثل التحدي الذي يواجه السياسة النقدية في موازنة الحاجة لدعم إحياء نمو الإقراض مع ترويض الارتفاع المحتمل للتضخم». وارتفع التضخم في السعودية، أكبر اقتصاد عربي إلى 6.1 في المائة في أغسطس (آب) مسجلا أعلى مستوى في 18 شهرا ويرجع ذلك بشكل رئيسي لارتفاع نفقات الغذاء والإسكان وهي عوامل ليست في متناول البنك المركزي. وقال الصندوق إن إمارة دبي المثقلة بالديون تواجه تحديات على الأمد القصير، بينما تتمتع جارتها أبوظبي بوضع مالي قوي.

وتابع «في غياب تمويل إضافي لدبي من أبوظبي فإن العجز الأساسي غير النفطي في دولة الإمارات من المتوقع أن ينخفض نحو 12 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي على مدى 2010 - 2011».

وأضاف الصندوق أن تطور النظام المصرفي في الدول المصدرة للنفط يتطلب اهتماما متواصلا مع استمرار ارتفاع القروض المتعثرة في عدد من الدول مما يدعو إلى تقوية الأطر التنظيمية والرقابة. إلى ذلك قال صندوق النقد الدولي، أمس، إن اقتصاد إمارة دبي وحدها سينمو بنسبة 0.5 في المائة هذه السنة بعدما انكمش بنسبة 1.3 في المائة عام 2009، وذلك بفضل قطاعي التجارة والسياحة اللذين يشكلان القوة الدافعة لتعافي اقتصاد الإمارة.

وقال رئيس قسم الشرق الأوسط ووسط آسيا في الصندوق، مسعود أحمد لوكالة «فرانس برس» إن «توقعاتنا للنمو بالنسبة لدبي هذه السنة في حدود نصف في المائة».

وأكد أحمد، بعد كشف تقرير فصلي للصندوق حول المنطقة، أن التجارة والسياحة سجلتا نموا أفضل مما كان متوقعا مطلع العام، بينما ما زال قطاع العقارات يعاني من اضطرابات بعدما شكل خلال سنوات الطفرة المحرك الأساسي للنمو.

وأضاف أحمد أن « قطاعي التجارة واللوجيستي في وضع جيد وذلك جزئيا بفضل الانتعاش السريع والقوي في آسيا. إن هذا يؤثر على قطاعي التجارة واللوجيستي في دبي».

كما أشار إلى أن القطاع السياحي «في وضع جيد نسبيا أيضا». وتعد دبي أبرز قطب للتجارة في المنطقة إذ تملك أكبر ميناء في الشرق الأوسط هو ميناء جبل علي، سادس أكبر محطة للحاويات في العالم. وعززت الإمارة سمعتها خلال سنوات الطفرة كوجهة سياحية بفضل فنادقها الفارهة وأبراجها، لا سيما برج خليفة الأعلى في العالم، إلا أن القطاع العقاري تعرض لهزة قوية مع الأزمة المالية وانخفضت الأسعار عموما في الإمارة بحدود 50 في المائة منذ مستواها الأعلى في صيف 2008.

وقال أحمد في هذا السياق إن القطاع العقاري «سيستمر في التأثير سلبا على الانتعاش»، معربا عن اعتقاده بعدم قدرة القطاع على تخطي مشكلة الفائض في المعروض على المدى القصير.

وأضاف في هذا السياق أن «المشكلة ليست خاصة بدبي ففي دول عدة يوجد فائض كبير في المعروض يتطلب (التعافي) سنوات»، إلا أنه شدد على أهمية عودة التمويل لضخ الحياة مجددا في القطاع. وقال في هذا السياق إن «تمويل شراء العقارات في ظل الأسعار الحالية الأكثر واقعية سيساعد في اجتذاب الشارين، لذا من المهم جدا أن يعود التمويل وهذه إحدى النقاط التي نركز عليها». وتوقع الصندوق أن ينمو اقتصاد الإمارات ككل بنسبة 4.2 في المائة هذه السنة وبنسبة 3.2 في 2011 بعدما انكمش بمقدار 2.5 في المائة في 2009. أما اقتصاد إمارة أبوظبي وحدها وهي صاحبة الغالبية العظمى من النفط الإماراتي فسينمو بنسبة 3.6 في المائة هذه السنة بحسب الصندوق.