سويسرا تدفع الضرائب عن عوائد الحسابات الأجنبية دون التضحية بـ«السرية المصرفية»

وزير المالية السويسري أعلن التعاون الضريبي مع بريطانيا وبعد غد مع ألمانيا

مقر مصرف «يو بي إس» السويسري في جزيرة مانهاتن بنيويورك حيث تعرض البنك لأكبر غرامة مالية خلال العام الحالي (أ.ف.ب)
TT

وافقت الحكومة السويسرية، أمس، على التعاون مع الحكومة البريطانية بشأن الضرائب المستحقة على حسابات البريطانيين في البنوك السويسرية، وقال بيان للحكومة السويسرية صدر في جنيف أمس بهذا الصدد إن وزير المالية السويسري، هانس رودلف ميرز، ونظيره البريطاني، جورج أوزبورن، وافقا على بدء محادثات لتحسين التعاون بينهما، الخاص بالضرائب، في بداية العام المقبل.

وقال بيان الحكومة السويسرية إن المفاوضات المقبلة ستغطي موضوع تنظيم إجراءات الضرائب بين البلدين، الخاصة بموجودات البريطانيين الحالية في البنوك السويسرية، التي لم تجب عليها ضرائب، كما ستتناول كذلك جبي الضرائب على استثمارات البريطانيين المستقبلية في سويسرا. ولم تتمكن «الشرق الأوسط» من الحصول على تعليق من وزارة الخزانة البريطانية بشأن المحادثات.

وقالت تقارير أمس إن بريطانيا تسعى من خلال هذه المفاوضات الحصول على الضرائب على أرباح الحسابات والسندات المودعة للمواطنين البريطانيين في سويسرا «غير المعلن عنها»، والمقدرة بنحو 61.5 مليار دولار. وعلى الرغم من أن سويسرا قد وافقت على التعاون مع نحو 30 دولة بشأن جباية الضرائب، فإنها لم تلغ بعد اتفاقية «السرية المصرفية».

وطبقا لوكالة الأنباء السويسرية أمس، سيقوم الوزير السويسري ميرز بتوقيع اتفاقية ازدواج ضريبي بعد غد (الخميس)، مع نظيرة الألماني، لتبلغ بذلك عدد الاتفاقيات التي وقعتها سويسرا، الخاصة بتبادل المعلومات الضريبية نحو 30 اتفاقية. ويلاحظ أن الوزير السويسري ميرز، الذي سيتقاعد خلال هذا الشهر، تعرض لضغوط مكثفة منذ تسلمه منصبه من داخل سويسرا ومن وخارجها. فبينما تتهمه البنوك السويسرية بأنه أضعف الصناعة المصرفية السويسرية باستجابته للضغوط الأميركية والأوروبية الخاصة بإلغاء نظام «السرية المصرفية» الذي تفتخر به سويسرا وبنوكها ومواطنوها، يفتخر بأنه تمكن من إنقاذ نظام السرية من حظر القائمة السوداء في دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي.

وكانت الضغوط الأميركية والأوروبية هددت عام 1958 بوضع سويسرا على «اللائحة السوداء» في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، ومن ثم حظر التعامل مع البنوك السويسرية في أهم الدول الصناعية، ويذكر أن ألمانيا وسويسرا اتفقتا على الخطوط العريضة الخاصة بالضرائب المترتبة على حسابات المواطنين الألمان في البنوك السويسرية، واستثماراتهم المقدرة بـ200 مليار يورو (نحو 280 مليار دولار).

ووفقا لتصريحات مايكل أمبوهل، كبير المفاوضين مع ألمانيا، التي نقلتها وكالة الأنباء السويسرية، فإن الاتفاق الضريبي بين سويسرا وألمانيا، سيمكن ألمانيا من تحصيل فوائد على الإيداعات، تقدر بـ30 مليار يورو (نحو 42 مليار دولار). وذلك بحساب معدل الضرائب التي تفرضها ألمانيا على دخول رأس المال وأرباح الأسهم والسندات، البالغة نسبتها 25 في المائة. ولا تعني اتفاقيات الضريبة المزدوجة، التي وقعتها سويسرا، أو على وشك توقيعها، بأي حال من الأحوال أنها ستكشف أسماء أصحاب الحسابات أو معلومات الحسابات في البنوك السويسرية التي تقع ضمن قانون «السرية المصرفية»، وإنما ستقوم بإبلاغ الدولة الموقعة معها بعدد الحسابات والفوائد المترتبة على الإيداعات والاستثمارات في هذه الحسابات. وبالتالي تقوم الدولة الموقعة بحساب قيمة الضرائب المترتبة على هذه الفوائد، حسب النسبة الضريبية في البلد الموقع. وبهذه الطريقة تكون سويسرا قد أبقت على نظام «السرية المصرفية»، الذي يعاقب على كشف معلومات الحسابات وأسماء أصحابها، في ذات الوقت الذي أرضت فيه الدول التي تعتقد أن مواطنيها يخفون أموالهم عن أعين رجال الضرائب، عبر وضعها في البنوك السويسرية. ولكن مصلحة الضرائب البريطانية قالت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أن اتفاقيات الازدواج الضريبي مع سويسرا، لا تفي بمعايير الشفافية الخاصة بشؤون الضريبة والإيداعات، لأنها لا تكشف عن أسماء أصحاب الحسابات. ووفقا لتقديرات المحلل المصرفي، بيتر ثورن، بشركة «هلفي للوساطة المالية السويسرية»، الذي نقلته «وكالة بلومبيرغ»، فإن قيمة الموجودات التي يملكها المواطنون البريطانيون في المصارف السويسرية وغير المعلن عنها تقدر بنحو 59.6 مليار فرنك (نحو 61.5 مليار دولار). وذلك إضافة إلى موجودات بريطانية معلن عنها في البنوك السويسرية تقدر بنحو 24.5 مليار فرنك (نحول 26 مليار دولار). وقال ثورن إن البنوك السويسرية ستجد صعوبة في الأعوام المقبلة في جذب إيداعات من أوروبا، لأن أصحاب الثروات سيقارنون بين الفوائد التي يجنونها من مصارف بلادهم، مقارنة مع البنوك السويسرية. ويذكر أن حجم الإيداعات والاستثمارات الأجنبية التي تديرها البنوك السويسرية تقدر بترليوني دولار، وفقا لتقديرات «بوسطن كونسلتانت» للاستشارات.

وكانت المحاكم الأميركية قد أغلقت قضية مصرف «يوبي إس» عملاق المصارف السويسرية، الذي أدين في قضية مساعدة مواطنين أميركيين على التهرب من الضرائب في الأسبوع الماضي، بعد أن اكتملت تسوية الضرائب وكشف الحسابات.