هيئة الاستثمار السعودية تكشف عن فرص بقيمة 500 مليار دولار

الدباغ محافظ الهيئة: الانتهاء من خطة الاستثمار للأعوام الـ5 المقبلة.. وعلى القطاع الخاص المشاركة في جذب الاستثمارات

عمرو بن عبد الله الدباغ محافظ الهيئة العامة للاستثمار خلال لقائه برجال الأعمال في الشرقية أمس (تصوير: عمران حيدر)
TT

كشفت الهيئة العامة للاستثمار السعودية عن الانتهاء من مسودة استراتيجية للاستثمار في القطاعات الاقتصادية السعودية للسنوات الخمس المقبلة، تمهيدا لعرضها على مجلس الاقتصاد الأعلى والجهات المعنية، وذلك لإقرارها.

ولم يوضح عمرو الدباغ محافظ الهيئة العامة للاستثمار السعودية، الذي كان يتحدث في لقاء مع عدد من رجال وسيدات الأعمال في الدمام، شرق السعودية، ملامح هذه الخطة، لكنه أشار إلى عرضها على القطاعات الاقتصادية الحكومية والخاصة لإبداء ملاحظاتها قبل إقرارها وتطبيقها.

وشدد الدباغ، على دور القطاعات الاقتصادية السعودية في جذب الاستثمارات الخارجية خاصة في قطاع الطاقة، وقال إن «الاستثمارات في قطاع الطاقة لا تهرول للسعودية كونها عاصمة النفط العالمية كما يعتقد البعض، فحصتنا في الأسواق العالمية للصناعات المرتبطة بالطاقة وذات الاستهلاك الكثيف لا تتجاوز 2 في المائة»، مضيفا «أن السعودية ما زالت تمثل منطقة جذب كبير لرؤوس الأموال لتساعدنا على تحسين وزيادة حصتنا في الأسواق العالمية».

وتابع «نحن لا نروج للاستثمار من واقع قوة الاقتصاد السعودي فحسب، بل لأن السعودية نقطة انطلاق لصناعة تصديرية مرتبطة بالطاقة، إذ يمكن أن نصل إلى 250 مليون مستهلك في المناطق المحيطة بنا، وذلك في غضون 3 ساعات بالطائرة، فالعمل جار لجعل السعودية بيئة استثمارية، واليوم نروج لاستثمارات وصناعات تصديرية تغذي المنطقة وليس السوق المحلية فحسب».

وقال إن السعودية تمثل أيضا نقطة انطلاق لمقدمي الخدمات اللوجيستية، لافتا إلى وجود فرص استثمارية بقيمة 300 مليار دولار في الطاقة، و100 مليار دولار في النقل، و100 مليار دولار في الصناعات القائمة على المعرفة، مضيفا أنه تم افتتاح 9 مكاتب لتسويق تلك الفرص المطروحة للشرائح المستهدفة، إضافة للترويج لها على المستوى المحلي والإقليمي وفق ترويج وتسويق متخصص.

وفي رد للدباغ على سؤال لسيدة أعمال أمس، أشار إلى أن الهيئة لا تنظر لرأس المال سواء كان مؤنثا أو مذكرا فيما يتعلق بالاستثمارات المتاحة وفي المدن الصناعية، مضيفا أن الهيئة جهة تنفيذية، وأن هناك شروطا وضعت للاستثمارات دون تحديد جنس المستثمر.

وناقش محافظ الهيئة العامة للاستثمار السعودية رجال وسيدات الأعمال في المنطقة الشرقية، الذين التقاهم في مقر الغرفة التجارية الصناعية في الدمام، في عدد من الانتقادات التي تتعلق بعمل الهيئة وعدم وضوح إجراءاتها وتغيرها من وقت لآخر، في الوقت الذي حضر فيه اللقاء نحو 90 من الشخصيات الاقتصادية في المنطقة الشرقية.

وأشار الدباغ إلى أن من المبادرات الاستراتيجية للهيئة تطوير منظومة قطاعات ذات قيمة مضافة من خلال التركيز على قطاعات ذات المزايا النسبية مثل الطاقة والنقل والصناعات القائمة على المعرفة.

وأوضح الدباغ أن رؤية الهيئة هو تحقيق نمو اقتصادي سريع ومستمر باستثمار عناصر القوة التي تتميز بها السعودية باعتبارها المصدر الأهم للطاقة في العالم وحلقة وصل رئيسية بين الشرق والغرب، وذلك للوصول إلى مصاف أفضل 10 دول في العالم من حيث تنافسية بيئة الاستثمار عام 2010. وذلك من خلال إيجاد بيئة عمل صحية، ومجتمع قائم على المعرفة ومدن اقتصادية عالمية جديدة، وتطوير منظومة قطاعات الطاقة والنقل والصناعات القائمة على المعرفة وتحويل بيئة ومناخ الاستثمار إلى بيئة جاذبة غير منفرة لرؤوس الأموال الوطنية والأجنبية.

وأضاف أن هذا التوجه أسفر عن عدة مبادرات لتحسين التنافسية في الاستثمار، منها مبادرة المائة شركة الأكثر نموا، ومبادرة تنافسية المناطق، حيث يعَد تقرير سنوي يشخص المزايا التي تتسم بها كل منطقة من مناطق السعودية الـ13، ويرفع التقرير إلى أمير المنطقة، وكذلك المنافسة في الخدمة الاجتماعية، ورصد الشركات الأكثر خدمة في المجال الاجتماعي.

وأشار الدباغ إلى أن نمو الاستثمارات الأجنبية يعود إلى جملة الإصلاحات التي أجرتها الحكومة، وتفاعل وتجاوب مؤسسات القطاع الخاص معها. لافتا إلى أن السعودية وبحسب تقرير سهولة ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي قفزت إلى الترتيب الـ13 عام 2009 خلال الخمس سنوات الماضية حيث كانت في المركز الـ67 عام 2005 من بين 181 دولة، موضحا أن إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر حسب القطاعات الاقتصاديات بنهاية 2009 بلغ 552 مليار دولار، كما أن إجمالي زيادة الاستثمارات الأجنبية والمشتركة بلغ 1.126 مليار ريال بنهاية 2009 قافزا من 279 مليار ريال عام 2005.

وأوضح أن حصة رأس المال السعودي من إجمالي استثمارات المشاريع الأجنبية والمشتركة وصلت إلى 574 مليار ريال (153 مليار دولار) وبنسبة 51 في المائة والأجنبي 552 مليار ريال (147 مليار دولار) بنسبة 49 في المائة، مشيرا إلى أن إجمالي العاملين في مشاريع الاستثمار الأجنبي من السعوديين 101 ألف عامل والأجانب 274 ألفا.

وأكد الدباغ أن نسبة السعودة في الاستثمارات الأجنبية والمشتركة بلغت 27 في المائة والاستثمارات الوطنية 9.9 في المائة كما بلغ عدد العاملين الأجانب في الاستثمارات الأجنبية والمشتركة 274 ألف عامل، فيما وصل إلى 5.946 ألف عامل في الاستثمارات الوطنية. مضيفا أن قيمة الأجور والرواتب بلغت 29.3 مليار ريال فيما بلغت قيمة المبيعات 395 مليار ريال وقيمة المشتريات 225 مليار ريال فيما بلغت قيمة صادرات الاستثمارات الأجنبية والمشتركة من دون النفط الخام 109.8 مليار ريال وصادرات الاستثمارات الوطنية 78.1 مليار ريال.

وأشار إلى أن من المبادرات التي تدعمها الهيئة وتسعى لتروجيها هي «المدن الاقتصادية» والعمل على تحويل بيئة ومناخ الاستثمار إلى بيئة جاذبة غير منفرة لرؤوس الأموال الوطنية والأجنبية والتركيز على المناطق الأقل نموا. ومن سمات هذه المدن أنها ليست مشاريع عقارية، وإنما هي مشاريع استثمارية ينفذها ويقوم بتطويرها وإدارتها القطاع الخاص، إذ بها موانئ ومطارات ومصاف للتكرير وغير ذلك، مؤكدا أن إنشاء مدينة اقتصادية بالمنطقة الشرقية غير مطروح الآن.

وكان عبد الرحمن الراشد رئيس غرفة الشرقية قد افتتح الملتقى، وأشار إلى الكثير من البرامج التنموية الكبيرة، منها الجبيل 2 التي يجري تهيئتها كقاعدة تصدير للصناعات البتروكيماوية وغيرها من الاستثمارات، وفي مقدمتها مدينة المعادن غير البترولية التي ستضم وحدات صناعة الألمنيوم والأسمدة، وكذلك تحويل المدينة الصناعية في الدمام إلى مركز رئيسي لصناعة المنتجات الهندسية والكيماوية، إضافة إلى بناء معمل التكرير في الجبيل بإشراف «أرامكو» السعودية، وبالتعاون مع شركة «توتال»، والمجمع البتروكيماوي الجديد بمحاذاة مصفاة رأس تنورة التي تعد أكبر مصافي العالم.

وبين أنه عند الحديث عن هذه المشاريع، فإن الحديث يتعلق بمئات المليارات من الدولارات، وهو ما يعني استثمارات عملاقة تتجه إلى الشركاء والمستثمرين الدوليين بخبراتهم وتجاربهم ونجاحاتهم في هذه المجالات، فمن الضروري الإشارة إلى موقع المستثمر السعودي في هذه الاستثمارات، وعلى سبيل المثال ما يطرحه قطاع المقاولات عن حصة لهم في هذه المشاريع، وعن دور يقومون به في عملية التنمية، وفي خدمة وطنهم.

وذكر أن التحديات التي تواجه الاستثمار المحلي كثيرة، ومن أهم المعوقات التي تؤدي إلى تعثر الاستثمارات، غياب التمويل عن أداء دوره الوطني، مما يؤدي إلى بطء عملية التنمية ويهدد بتراجعها، وتراجع النمو الاقتصادي، وليس تعثر المشاريع الصناعية فحسب، وعلينا أن نبحث بعمق، وبشكل أمين في الحلول وفي العلاج.

وقال الراشد إلى جانب نقص أو ضعف أو تعثر التمويل هناك بطء الإجراءات الحكومية، وتعدد الجهات المسؤولة عن الموافقة على المشاريع، وكذلك ضرورة النظر في الأنظمة والقوانين الحالية حتى نفتح المزيد من الأبواب والفرص أمام المستثمر المحلي، ومراجعة الثغرات التي تسمح للروتين والبيروقراطية بالتحكم في المشاريع الاستثمارية الجديدة، مما يؤدي إلى تراجع وإحجام المستثمر عن استثمار أمواله في الداخل، والهروب إلى الخارج، خاصة الدول الخليجية التي أصبحت تجتذب الكثير من المستثمرين المحليين بالإضافة إلى أن المشكلات نفسها يواجهها المستثمرون السعوديون في قطاع الزراعة، مثلا هناك معوقات في التمويل، وأخرى في دخول المحاصيل إلى الأسواق السعودية، إضافة إلى تحديات في قضايا الاتفاقيات الثنائية مع البلدان المستضيفة للاستثمار الزراعي.