لماذا «نحى» الرئيس التنفيذي لـ«تويتر» نفسه من منصبه؟

بلغ عدد مستخدميه 175 مليون شخص بعد أن كان نصف مليون قبل 3 أعوام

إيفان ويليامز «نيويورك تايمز»
TT

خلال المهرجان السنوي للتقنيين «ساوث باي ساوثويست» في أوستن، بولاية تكساس، خلال مارس (آذار)، اختار منظمو المؤتمر غرفة في حجم حظيرة طائرات للمتحدث البارز إيفان ويليامز، وهو مؤسس مشارك لموقع «تويتر» الذي أصبح يمثل ظاهرة في العالم الرقمي.

وفي لحظة خاصة قبل أن تفتح الأبواب، التقط ويليامز، وهو مشهور بتوخي الحذر والتمهل، صورة لصفوف الكراسي اللانهائية التي تواجه المسرح وقام بنشرها على موقع «تويتر».

وبعد ذلك، وبينما كان ويليامز يتحدث مع المحاور عن بناء مشروع يناسب القرن الحادي والعشرين مع المحافظة على المبدأ الأساسي لـ«تويتر» وتعزيز التجربة المؤسساتية، بدأ أفراد من الجمهور يهمهمون باستنكار وأخذوا يغادرون المشهد، الواحد تلو الآخر. وقال عضو في فريق العمل داخل «تويتر» بعد ذلك: «أرادوا إيفان ويليامز، وقد حصلوا على إيفان ويليامز».

ومن المفارقة أن هذا الرجل الذي لا يشعر بالراحة على المسرح الكبير هو نفس الشخص الذي يمثل قوة محورية في تطور الاتصالات، وهو نفسه الرجل الذي سهل على الناس التواصل مع بعضهم وتبادل المعلومات وحرك – سواء على الصعيدين المحلي أو العالمي - أي شخص معه تليفون محمول أو يستطيع استخدام الإنترنت.

وقد أصبحت شركة «تويتر» واحدة من شركات الإنترنت النادرة والأسطورية التي شهدت معدل نمو غير مسبوق. ويبلغ عدد المستخدمين المسجلين 175 مليون شخص بالمقارنة مع 503 آلاف شخص قبل 3 أعوام و58 مليون مستخدم خلال العام الماضي. ويزداد عدد المستخدمين بمقدار 370 ألف مستخدم تقريبا يوميا.

وقد ساعد الموقع على تغيير الطريقة التي يتم من خلالها تجميع الأخبار وتوزيعها، وأعاد تشكيل طريقة تواصل الشخصيات العامة بدءا من المشاهير وصولا إلى القادة السياسية. وكذا لعب دورا في احتجاجات شعبية داخل إيران والصين ومولدوفا. وقد أصبح الموقع يتمتع بقوة ويحظى بشعبية لدرجة أنه يتنافس حاليا مع أمثال «غوغل» و«فيس بوك» من ناحية عدد المستخدمين، وبدأ يتنافس معها من أجل الحصول على دولارات الإعلانات.

ولكن على الرغم من هذا النمو المدهش، فإن موقع «تويتر» حقق نجاحا كبيرا؛ فهو ثمرة فكرة عظيمة ونجاح متنام وليس نهجا محددا مسبقا لطريقة إدارة معينة. وبسبب ذلك، فإن شركة «تويتر» في وضع يمكنها من أن تكون شركة الإنترنت المستقلة الكبرى المقبلة أو الشركة الناشئة المقبلة التي يلتهمها كيان عملاق مثل «غوغل» أو ربما تكون الشركة الناشئة المقبلة التي تفقد زخمها.

وفي الوقت الحالي، تسعى الشركة إلى التحلي ببعض الحزم مع شعور بالهدف تحتاج إليه لضمان أنها الكيان الكبير المقبل. ويقول ويليامز (38 عاما): «الشيء الذي تعلمته والذي يختلف كثيرا عن أي وقت آخر في حياتي هو أن لدي فريقا عظيما جدا. أدرس هذا الأمر منذ وقت طويل وانغمست في الكثير من الوسائل المرتبطة بإدارة الناس واتخاذ قرار بشأن المنتجات والعمل وأشعر بثقة في هذه المرحلة بأن الشركة سيكون لها ثقل مناسب جدا».

وفي الشهر الماضي، أعلن ويليامز بصورة غير متوقعة أنه قرر التنحي عن منصب الرئيس التنفيذي وإعطاء هذا المنصب إلى ديك كوستولو، الذي كان يشغل منصب مسؤول العمليات الأول داخل «تويتر».

ويركز ويليامز، الذي لا يزال ضمن مجلس إدارة الشركة، في الوقت الحالي على استراتيجية المنتج. وقد اتخذ القرار بعد أن فكر طويلا وقضى شهورا عاكفا على إعادة التصميم الأخير لموقع «تويتر». ويقول أشخاص عملوا معه إنه يتميز بفهم ما يريده مستخدمو الإنترنت ويتميز أيضا بالتفكير في مستقبل «تويتر» ولكنه ليس من نوعية المديرين الذين تتحكم فيهم التفاصيل.

في الوقت نفسه، يهتم كوستولو بالأساس بتفاصيل تحقيق مكاسب وكيفية إتمام الأعمال. وهذه هي المرة الثالثة التي يتولى فيها إدارة شركة، وقد باع آخر شركة له، وهي خدمة الاشتراك عبر الإنترنت «فيد بيرنر» إلى شركة «غوغل» عام 2007.

وربما يجسد ويليامز النمط الكلاسيكي داخل «وادي السليكون»، ويعني ذلك الشاب الواعد الموهوب الملهم الذي يتمتع بأفكار جيدة ولكنه ليس الشخص الذي ينفذ استراتيجية عمل متطورة بمجرد بدء عجلة العمل في الدوران، بحسب ما يقوله ستيف بلانك، وهو مدرس المشاريع التجارية الجديدة داخل ستانفورد.

يشار إلى أن شركة «تويتر» أنشئت عام 2006 كمشروع تابع لكيان أكبر. وفي ذلك الوقت كانت كيانا تابعا لخدمة بودكاست تدعى «أوديو»، وهي شركة أخرى شارك ويليامز في تأسيسها وحصلت على ملايين الدولارات من مستثمرين.

ولم يكن حتى المؤسسون يشعرون بالإثارة إزاء «أوديو» وأخبر ويليامز جميع من عملوا هناك أن عليهم تقديم أفكار جديدة. وبينما كان جالسا على مزلجة أطفال في متنزه يأكل طعاما مكسيكيا في أحد الأيام، اقترح مهندس يدعى جاك دورسي على الزملاء وسيلة بسيطة لإرسال تحديثات عن الحالة من خلال الرسائل النصية.

وقام دورسي والشريك الثالث المؤسس لـ«تويتر» بيز ستون بعمل نموذج أولي خلال أسبوعين. وخلال ذلك الوقت، كان ستون يرفع السجادة في منزله داخل بيركلي عندما اهتز التليفون المحمول داخل جيبه. وكان ويليامز يبعث رسالة على «تويتر»: «أحتسي بينوت نوار بعد مساج في وادي نابا».

كان موقع «تويتر» يمثل عنصرا فريدا على ساحة الإعلام الاجتماعي. وكان يمكن للناس أن يتتبعوا بعضهم من دون تتبعهم، وكانت جميع الأشياء التي تنشر يمكن للجميع الاطلاع عليها ومحصورة على 140 حرفا أو رمزا كي تناسب الرسائل النصية عبر التليفون المحمول.

وشبه المؤسسون موقع «تويتر» بالآيس كريم، ليس مفيدا ولكنه «شيء ممتع للأصدقاء وأفراد العائلة عندما لا يكونون في مكان واحد»، بحسب ما يقول ويليامز.

ويختلف هذا بدرجة كبيرة عن نظرته حاليا، ويعتبر ذلك تحولا كبيرا في تطور «تويتر». ولوقت طويل، تحدث مؤسسو «تويتر» عن الموقع وهم يشعرون بالرعب؛ إذ بدا كأنه شيء ينبض بالحياة في ذاته بينما هم يقفون موقف المتفرج. ويعترفون بأنه لم تكن لديهم فكرة عن الطريقة التي سيستخدم بها الناس الموقع أو كيف يمكن أن يدر المال.

ولكنهم كانوا يعتقدون أن لديه مستقبلا واعدا، وفي 2007، حولوه إلى شركة منفصلة عن «أوديو» وكان دورسي يشغل منصب الرئيس التنفيذي لـ«تويتر» فيما كان ستون مدير الابتكار وويليامز رئيس مجلس الإدارة.

وأنفق ويليامز ما لديه من أموال كي يدفع إلى مستثمري «أوديو» مقابل الحصول بعد ذلك على حصة حاكمة في «تويتر» ولكنه كان يقضي أيامه في إدارة شركة أخرى «أوبفيس» ولم يكن يركز على إدارة «تويتر».

وبينما كان ستون صديقا لكل من ويليامز ودورسي وكان يتواصل معهما، كان ويليامز ودورسي أكثر هدوءا وكان الرابط الوحيد بينهما هو العمل. وعندما قرر ويليامز الانضمام إلى «تويتر» بدوام كامل في ربيع 2008، توترت علاقته مع دورسي؛ حيث كان الاثنان يتنافسان من أجل السيطرة. وبنهاية 2008، شهد موقع «تويتر» نموا مفاجئا، وبدأت الأشياء داخل الشركة تتعطل. واقترح ويليامز على مجلس إدارة «تويتر» أن يتخلص من دورسي. وباستثناء دورسي، وافق مجلس الإدارة بالإجماع، بحسب ما ذكره أفراد كثر على اطلاع بالنقاشات. وكان ويليامز يدير 3 شركات؛ لذا رأى أعضاء مجلس الإدارة أن أداءه سيكون أفضل.

وبعد ترقي ويليامز، أصبح دورسي رئيس مجلس الإدارة، وعلى الرغم من أن هذه النقلة كانت تحيط بها مشكلات، أراد مجلس الإدارة أن يضمن أن دورسي سيبقى قريبا من الشركة؛ لأنه لا يزال يمتلك حصة كبيرة في «تويتر» وأنه في الأساس وضع فكرة الموقع، بحسب ما ذكره اثنان من أعضاء مجلس الإدارة.

وصدم هذا التغيير الموظفين وكان سببا في توتر العلاقة بدرجة أكبر بين دورسي وويليامز. ورفض دورسي التعليق، ولكن يقول أشخاص قريبون منه إنه شعر وكأن ويليامز خدعه. ويقول موظف في «تويتر» كان هناك خلال التغيير وطلب عدم ذكر اسمه للحفاظ على علاقات داخل العمل: «كان هناك شعور بأن إيفان أراد السيطرة بعد أن أدرك الأهمية المحتملة لـ(تويتر)». ويقول ويليامز عن رحيل دورسي: «إنه أمر صعب ومربك».

ويقول أعضاء في مجلس الإدارة: إن اجتماعات مجلس الإدارة داخل «تويتر» تمر بسلام، وخلال الأسبوعين الماضيين شوهد دورسي حول المكاتب أكثر وأخذ دورا أكبر في الاستراتيجية على المدى الطويل.

* خدمة «نيويورك تايمز»