الناتج الإجمالي السعودي ينمو بـ 3.9% خلال 2010

«جدوى» في تقرير إقتصادي تؤكد تحقيق قطاع النفط أسرع معدلات النمو بسبب ارتفاع الأسعار

جانب من العاصمة السعودية الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

كشف تقرير اقتصادي، صدر أمس، عن أن بيانات النمو الاقتصادي الفصلية تفصح عن تحقيق الاقتصاد السعودي نموا اسميا سنويا خلال الربع الثاني بلغ 15.2%، منخفضا من مستوى 34.1%، والذي كان قد سجله خلال الفصل الأول هذا العام.

وقال التقرير الصادر من شركة «جدوى للاستثمار»: إن قطاع النفط حقق أسرع معدلات النمو بسبب ارتفاع أسعاره، لكن يعزى معظم التباطؤ في النمو خلال الفصل الثاني إلى التغير في أسعار النفط أيضا، في الوقت الذي تراجع فيه نمو القطاع غير النفطي إلى 7.3% سنويا في الفصل الثاني وذلك مقارنة بنسبة 10.7% للفصل الأول.

توقع التقرير أن يسجل الاقتصاد الاسمي لعام 2010 نموا في حدود 15.7%، مشيرا إلى أنه لا يزال عند التوقعات بأن يأتي النمو في الناتج الإجمالي الفعلي لهذا العام عند مستوى 3.9%.

وقال التقرير: إن أفضل المجموعات أداء ضمن القطاع غير النفطي كانت قطاعي التشييد والمرافق، وكان أقلها أداء قطاعي الزراعة والتجزئة، مبينا أن النمو السريع لقطاع النفط يعود بصفة أساسية إلى الزيادة في إيرادات النفط بين الربع الثاني لعام 2009، والربع الثاني لهذا العام، والذي جاء نتيجة لارتفاع أسعار النفط؛ حيث بلغ متوسط سعر الزيت العربي الخفيف نحو 77.4 دولار للبرميل في الفصل الثاني من هذا العام، مقارنة بمتوسط سعر بلغ 59.1 دولار للبرميل خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وكذلك بسبب الزيادة الطفيفة في حجم الإنتاج.

وأوضحت «جدوى للاستثمار» أن النمو في قطاع النفط جاء أقل من تقديراتها نتيجة الزيادة في إيرادات النفط خلال تلك الفترة، في الوقت الذي جاءت فيه هذه المعدلات على نحو مغاير للاتجاه الذي ساد خلال السنوات الأخيرة؛ حيث كان الناتج الإجمالي يفوق بصورة واضحة المستوى الذي تبرره التغيرات في أسعار النفط وحجم الإنتاج، مما قد يعكس التباطؤ في الأنشطة الأخرى المرتبطة بالنفط والتي ربما تضمنتها تلك الأرقام.

ولفت التقرير إلى أن النمو في القطاع الخاص غير النفطي سجل تراجعا على أساس سنوي من 6.7% في الفصل الأول إلى 6.2% في الفصل الثاني، بينما تراجع الاقتصاد غير النفطي بنسبة 2.1% في الفصل الثاني مقارنة بالفصل الأول.

وأشار إلى أنه لم يكن مفاجئا أن يحقق قطاعا التشييد والمرافق (الكهرباء والغاز والماء) أفضل أداء على أساس سنوي؛ حيث استفادت هذه القطاعات من الإنفاق الحكومي الضخم المتواصل، كذلك سجل قطاع الصناعة نموا قويا مدعوما بفئة «صناعات أخرى» (قطاع التصنيع باستثناء تكرير النفط)، مشيرا إلى أنه ربما يعزى هذا الأداء الجيد لانطلاق العمليات الإنتاجية في بعض المنشآت البتروكيماوية وانتعاش الإنتاج في صناعات أخرى، كالإسمنت مثلا، الذي استفاد من تعاظم الإنفاق على أعمال التشييد.

وأوضح أن النمو ظل قويا في قطاع الاتصالات على الرغم من الزيادة في معدلات انتشار استخدام الهاتف الجوال في المملكة، مرجعا ذلك إلى النمو المستمر في طرح تطبيقات النطاق العريض وخدمات الهاتف الجوال، في حين أن قطاع النقل الذي تم دمجه ضمن قطاع الاتصالات في بيانات الناتج الإجمالي قد استفاد من زيادة حجم الصادرات والواردات.

من ناحية أخرى، أشارت «جدوى» إلى أن قطاع الزراعة سجل أبطأ نمو بين القطاعات، كما هو الحال منذ عدة سنوات، بسبب السحب التدريجي لكثير من الإعانات، إضافة إلى قطاع التجزئة والذي جاء ضمن أضعف القطاعات أداء خلال الفصل الثاني، وهو تراجع لم يكن متوقعا؛ حيث إن هبوط النمو في هذا القطاع إلى 3.6% مقارنة بنحو 8.8% في الفصل الأول يعتبر أمرا محيرا في ضوء مؤشرات الإنفاق الاستهلاكي القوية (قفز حجم عمليات نقاط البيع بنسبة 33% وارتفعت السحوبات النقدية من أجهزة الصرف الآلي بنسبة 14% خلال الفترة نفسها).

وحقق القطاع العام (الحكومي) نموا أقوى من نمو القطاع الخاص، وكان هذا القطاع قد حظي باستثمارات ضخمة خلال السنوات الأخيرة، وشهد القطاع العام تراجعا حادا في معدلات النمو على أساس سنوي وشهري، على حد سواء، خلال الفصل الثاني، وهو تراجع لم تتضح أسبابه بعد.

وأوضح أن معيار النمو الاقتصادي شائع الاستخدام بين الاقتصاديين هو الناتج الإجمالي الفعلي الذي يستبعد آثار التضخم، لكن يتعذر تحويل البيانات التي تم نشرها بالقيمة الاسمية إلى القيمة الفعلية بصورة دقيقة؛ حيث يتعين الأخذ في الحسبان معامل الانكماش التي تقيس تغيرات الأسعار في كل قطاع.

وأكد أن ما يزيد العملية تعقيدا أن معامل الانكماش للناتج الإجمالي للقطاع غير النفطي يحمل بعض التشابه مع معدل التضخم الذي يتم احتسابه من خلال مؤشر تكلفة المعيشة الذي يتم نشره على أساس شهري؛ حيث كان متوسط التضخم الأساسي قد بلغ نحو 6.4% بين عامي 2007 و2009، بينما لم يتجاوز معامل الانكماش للناتج الإجمالي للقطاع غير النفطي 2.5%.

ورجحت «جدوى الاستثمارية» أن تظهر بيانات الفصل الثالث تباطؤا في نمو القطاع الخاص غير النفطي لدى مقارنتها ببيانات الفصل الثاني؛ وذلك بسبب تراجع نشاط الشركات خلال الصيف ورمضان وعيد الفطر، لكن نموه قد يأتي قريبا من مستوياته الحالية على أساس سنوي.

وقال: إن ذلك الانتعاش الذي حققته القروض المصرفية مقارنة بمستواها قبل عام يؤدي إلى دعم معدلات النمو، بالمقابل رجحت أن ينطلق النمو من مستويات أعلى مما كان عليه خلال الفصل الثاني، حيث تعتقد أن الفصل الثاني من العام الماضي ربما سجل أدنى نقطة للاقتصاد خلال الانكماش الأخير، الأمر الذي قد يؤدي إلى ضآلة الإنتاج.

وتوقع التقرير أن يتباطأ النمو الكلي في الاقتصاد نتيجة تراجع نمو إيرادات النفط؛ حيث فاق متوسط سعر الزيت العربي الخفيف في الفصل الثالث من عام 2010 متوسطه خلال الفصل الثالث من العام الماضي بنحو 11%.

وتوقع أيضا أن يعزز نمو القطاع الخاص غير النفطي في الفصل الرابع؛ حيث سيتواصل انتعاش القروض المصرفية وتحسن ثقة الشركات والمستهلكين، ومن المتوقع أن يؤدي النمو الضعيف في إيرادات النفط إلى خفض وتيرة النمو الكلي للاقتصاد.

وبناء على تقديرات التقرير فإن متوسط أسعار النفط (خام غرب تكساس) يتوقع أن يكون عند مستوى 78 دولارا للبرميل هذا العام.