سورية تبدأ في تطبيق عقلية القطاع الخاص في إدارة القطاع العام

وزير الصناعة السوري لـ«الشرق الأوسط»: نتوجه لتحويل بعض المؤسسات العامة الصناعية إلى قابضة

TT

قالت دراسة إن الحكومة السورية دخلت المرحلة العملية لإدارة القطاع العام بفكر وعقلية القطاع الخاص وذلك من أجل ضمان استمراره والالتزام بمقررات حزب البعث الحاكم بعدم خصخصة وبيع هذا القطاع وإنما إصلاحه وإدارته بطريقة ربحية.

وبحسب دراسة حكومية فإن سورية عملت في هذا الإطار على تطوير البنية الاستثمارية عبر إصدار منظومة متكاملة من القوانين والتشريعات وإتاحة المجال للقطاع العام للانطواء تحت هذه المنظومة كالمؤسسة العامة للاتصالات التي بدأت خطواتها للتحول إلى شركة تعمل وفق قانون الشركات.. أيضا تم تأسيس شركة استثمارية مملوكة من الدولة برأسمال 100 مليون دولار ستكون بمثابة ذراع استثمارية للحكومة ستعمل وفق آليات عمل القطاع الخاص حيث سيكون لها دور بارز في تطوير الشركات الاستثمارية ضمن بيئة عمل متحررة من جميع القيود. وبحسب المعلومات فإن ثمة توجها لأن تعمل مؤسسة الطيران العربية السورية أيضا وفق عقلية القطاع الخاص وأيضا المستشفيات الحكومية وغيرها من المؤسسات الاقتصادية والخدمية المملوكة للدولة.

وتحرص الحكومة السورية على تأمين بيئة العمل المناسبة للمؤسسات الاقتصادية والخدمية التي تملكها وخاصة المؤسسات الرابحة التي تمد خزينة الدولة بموارد جيدة كمؤسسة الاتصالات والمصرف التجاري السوري والمؤسسة العامة للتأمين وغيرها من المؤسسات التي باتت تمتلك المرونة في عملها، الأمر الذي مكنها من المنافسة في أجواء الانفتاح بعد أن طالت القطاعات التي تعمل فيها.

ففي قطاع التأمين تسيطر المؤسسة الحكومية على أكثر من 45 في المائة من السوق منافسة 13 شركة تأمين خاصة دفعة واحدة وفي قطاع المصارف ما زال المصرف التجاري السوري مستأثرا بأكثر من 65 في المائة من الحياة المصرفية السورية رغم المنافسة المحتدمة من قبل 15 مصرفا خاصا.

ومع حرص الحكومة السورية على الاحتفاظ بالقطاع العام عبر إصلاحه وتحسين إدارته وتحريره من القيود ومنحه بعض المزايا التفضيلية وذلك تلبية لاستحقاقات مقررات حزب البعث بعدم التخلي عن القطاع العام بل إصلاحه وهو ما سيؤكد عليه في مؤتمره القادم حيث سيركز على مبدأ رفض الخصخصة مقابل الاستمرار في إصلاح القطاع العام في كافة فروعه مع التركيز على القطاع الصناعي عبر تطوير أسلوب الإدارة فيه لتعزيز قدراته التنافسية وتمكينه من مواجهة التحديات.. وهو ما أكده وزير الصناعة السوري فؤاد عيسى الجوني الذي قال لـ«الشرق الأوسط » إنه تمت دعوة مديري الشركات العامة الصناعية للقيام بمسؤولياتهم وفقا لما توفره القوانين والقرارات والتعليمات والعمل على زيادة الإنتاج وتخفيض التكاليف وتقليل الهدر وتسويق المنتجات بأساليب عصرية، مشيرا إلى أن «تحديث شركات القطاع الصناعي العام يأتي في إطار تحويل آليات العمل فيها إلى عقلية القطاع الخاص في ظل التوجه إلى تحويل المؤسسات العامة الصناعية إلى شركات قابضة تعمل بمنطق السوق».

وأوضح أن «وزارة الصناعة السورية تتجه نحو تسجيل شركات القطاع العام الصناعي في غرف الصناعة لتتواصل مع ما يجري في القطاع الخاص الصناعي السوري والاطلاع على ما يجري في العالم من تطورات اقتصادية عبر الوسائل المتوفرة».

وأشار إلى «أهمية الاهتمام بالبحث العلمي التطبيقي في الشركات والاستفادة مما خصصته الحكومة من أموال لهذه الغاية التي تصل إلى 1 في المائة من ميزانية الشركات».

وأكد أن هناك خطوط إنتاج قديمة وتكاليف تبديلها بالكامل مرتفعة مما يتطلب من مديري الشركات العمل على البحث عن حلول لنقاط الاختناق في هذه الخطوط وتحديثها بشكل دوري والاستفادة مما يصنع محليا من آلات وخطوط إنتاج يمكن شراؤها بدلا من استيرادها بتكاليف عالية.

ومع إصلاح القطاع العام فإن الحكومة تعمل بالمقابل على تحسين بيئة عمل القطاع الخاص الذي بلغت مساهمته من الدخل الوطني لسورية 70 في المائة في أحدث الأرقام المعلنة من قبل الحكومة كما يسهم القطاع الخاص بـ90 في المائة من صادرات سورية.

وكان رئيس الحكومة السورية محمد ناجي عطري أعلن رسميا أن الحكومة تعمل بالتوازي على تطوير القطاع العام من جهة وتحسين قدراته التنافسية وتحويله إلى قطاع رابح دون أن يعني ذلك التخلي عن المؤسسات الخاسرة إلى جانب تطوير بيئة عمل القطاع الخاص الوطني وترسيخ دوره في عملية التنمية.

ولعل المحور الأهم على أجندة الحكومة السورية لمرحلة السنوات الخمس المقبلة وفقا لما أعلنه رئيس الحكومة السورية هو إعطاء الأولوية لدفع عملية الاستثمار، إذ تخطط الحكومة لمشاريع استثمارية خلال السنوات المقبلة بتكلفة استثمارية تقارب الـ90 مليار دولار كاستثمارات حكومية واستثمارات للقطاع الخاص الوطني والعربي والأجنبي.