لبنان: تكليف مصرفي «كريدي سويس» و«بيروت» بإصدار سندات دين حكومية قيمتها 830 مليون دولار

إصدارات متتالية أو «مخرج» لتغطية 3.5 مليار دولار العام المقبل

يبلغ حجم سوق سندات الدين الحكومية اللبنانية بالعملات الأجنبية نحو 18 مليار دولار، تساوي نحو 85 في المائة من الدين العام بالعملات الأجنبية (رويترز)
TT

أوكلت وزارة المال اللبنانية إلى مصرف دولي ومصرف محلي مهمة إدارة إصدار جديد لسندات دين أوروبية (يوروبوندز)، وتسويقه داخل لبنان وخارجه بقيمة أصلية تبلغ 700 مليون دولار بما يكفل تغطية استحقاق إصدار سابق بقيمة مماثلة نهاية الأسبوع المقبل.

وعلمت «الشرق الأوسط » أن فض العروض المقدمة من مؤسسات مصرفية ومالية لبنانية ودولية أفضى إلى فوز مصرفي «كريدي سويس» كمدير دولي وبنك «بيروت» كمدير محلي. وهذا التنوع تحرص الوزارة على اعتماده في كل إصدارات الدين الحكومية بالعملات الأجنبية. علما أن التنفيذ سيتم بالتنسيق بين المديرين عبر قناة المبادلة (سواب) الذي يمنح حاملي الأوراق أفضلية نسبية في الاكتتاب الجديد.

كما علم، أن وزيرة المال ريا الحسن التي ستجري مفاوضات مكملة مع المصرفين تتجه إلى إبلاغهما بإمكانية زيادة حجم الإصدار بحدود 130 إلى 150 مليون دولار ضمن السقف المحدد للسماح بالاستدانة، وذلك بهدف تغطية الفوائد المستحقة على الإصدار السابق.

وكشفت عمليات رصد مسبقة أجرتها مصارف محلية وخارجية شاركت في استدراج العروض وأطلعت «الشرق الأوسط» على بعض منها، أن تغطية الإصدار جاهزة بما يتخطى ضعفي القيمة المحددة. حيث تلقى الأوراق الحكومية اللبنانية طلبا متزايدا من مؤسسات خارجية كما تشكل جزءا أساسيا من محافظ التمويل لدى القطاع المصرفي المحلي الذي يملك فائضا في السيولة يزيد عن 10 مليارات دولار.

ووفق التعديل الذي تقترحه الوزارة على المبلغ الإجمالي للإصدار، فإنه من المتوقع أن يتكون من شريحتين، الأولى تصل إلى 500 مليون دولار لمدة لا تزيد عن 11 عاما (تستحق في عام 2021) والثانية بين 300 و400 مليون دولار لمدة 14 عاما (تستحق عام 2024). أما الفوائد المتوقعة فستكون بين 6.25 و6.75 في المائة، وفقا لمعدلات الفوائد السائدة في السوق حاليا، وقياسا بإصدارات خاصة نفذتها بعض المصارف اللبنانية أخيرا. وتفضل وزارة المال عادة توزيع الاكتتابات بين المصادر الداخلية والخارجية دون اشتراط نسب مسبقة، وغالبا ما تلجأ إلى اعتماد نظام الحصص (بروراتا). ويتم التركيز أكثر على الاكتتابات الخارجية كونها تعكس ثقة مصارف ومؤسسات مالية كبيرة بالأوراق اللبنانية عموما والحكومية خصوصا. وهذا ما يدعم تحسين تصنيف هذه الأوراق التي تقدمت إلى الدرجة «ب» مع نظرة مستقبلية إيجابية أو مستقرة من قبل مؤسسات «ستاندار أند بورز» و«موديز انفسترز» و«فيتش ايبكا».

ويبلغ حجم سوق سندات الدين الحكومية بالعملات الأجنبية نحو 18 مليار دولار، تساوي نحو 85 في المائة من الدين العام بالعملات الأجنبية، بينما يصل إجمالي الدين إلى نحو 51 مليار دولار، يمثل الدين المحرر بالليرة اللبنانية نحو 58 في المائة منه، ويمثل الدين بالعملات الأجنبية (يشمل سندات اليورو، وقروضا خارجية، ومساهمات مؤتمر باريس 3) نسبة 42 في المائة. وتحمل المصارف المحلية نسبة تقارب 63 في المائة من إجمالي الدين بالليرة، ونسبة مماثلة من إجمالي السندات بالدولار. في حين يكتتب البنك المركزي بنحو 20 في المائة من إجمالي الدين بالليرة.

وبفعل التحسن المطرد لتصنيف السندات وانخفاض الفوائد في الأسواق المالية الإقليمية والدولية، يتم تداولها في الأسواق بما يفوق أسعارها الأصلية. وتتراوح الأسعار بين 103 و130 دولارا (لكل 100 دولار كقاعدة سعرية) وذلك وفقا لمعدل العائد ولفترات الاستحقاق الموزعة على شرائح سنوية تمتد حتى عام 2024. مع الإشارة إلى أن هذه الأسعار تدنت قبل نحو 3 سنوات دون سعر الإصدار الأصلي بسبب سوء الأوضاع الداخلية.

وتزمع وزارة المال الاستفادة من الأجواء المؤاتية وضعف الفوائد العالمية لطرح إصدارات متتالية خلال الأشهر الأولى من العام المقبل بغية مقابلة استحقاقات تزيد مع فوائدها عن 3.5 مليار دولار، وتستحق الشريحتان الأوليان منها في شهري مارس (آذار) ومايو (أيار)، مع إمكانية تنفيذ إصدارات إضافية لتمويل الحاجات المالية للدولة.

لكن هذا الانسياب الظاهر في توجهات وزارة المال بحسب ما أكدته «الشرق الأوسط» قبل أيام يواجه، وفق مصادر مالية وقانونية متابعة، عقبة مهمة تتمثل في التأخير المتمادي لإقرار مشروع قانون الموازنة العامة للعام الحالي الذي لا يزال عالقا لدى لجنة المال النيابية بعدما خضع لفحص وتدقيق في مجمل أبواب الإنفاق. وسط توقعات، غير أكيدة، بإحالته إلى الهيئة العامة لمجلس النواب.

وتقر وزيرة المال ريا الحسن بأن تغطية الاستحقاقات المقبلة يلزمها فعلا إقرار مشروعي الموازنة للعام الحالي والعام المقبل؛ بغية الحصول على إجازة المجلس النيابي للحكومة بالاقتراض. لكن ثمة حلول إجرائية بديلة يمكن للوزارة اللجوء إليها لإعادة تمويل ديون مستحقة. علما أن الأوضاع الداخلية وما يعتريها من تصعيد أو تبريد هي المفتاح الفعلي الذي يوصد أبواب الموازنة أو يشرعها.