صندوق النقد العربي: الدولار الضعيف قد يدفع دول الخليج إلى رفع قيمة عملاتها

خبراء: هذه البيانات غير واردة وتعزز المضاربات

TT

اعتبر صندوق النقد العربي أمس أن ضعف أداء الدولار قد يدفع دول مجلس التعاون الخليجي إلى رفع قيمة عملاتها المرتبطة بشكل أساسي بالعملة الخضراء، مشيرا إلى أنه إذا استمر الدولار في الانخفاض فإن ذلك قد يدفع دول الخليج إلى إعادة تقييم عملاتها، بينما لا تبدو هذه التصريحات قابلة للتطبيق على أرض الواقع الخليجي وفقا لعدد من الخبراء المطلعين على الوضع المالي للمنطقة.

وقال جاسم المناعي المدير العام لصندوق النقد العربي أمس إن الدولار الضعيف قد يدفع دول مجلس التعاون الخليجي إلى رفع قيمة عملاتها المرتبطة بشكل أساسي بالدولار، واعتبر أنه «إذا ما استمر الدولار في الانخفاض فإن ذلك قد يدفع دول الخليج إلى إعادة تقييم عملاتها»، مضيفا: «أعتقد أن دول مجلس التعاون الخليجي ستبدأ بالتأكيد في بحث مسألة تأثير الدولار الضعيف على عملاتها».

وترتبط عملات خمس دول من مجلس التعاون هي السعودية والإمارات والبحرين وقطر وسلطنة عمان بالدولار حصرا، بينما ترتبط عملة دولة الكويت بسلة عملات يشكل الدولار الحصة الساحقة منها ما بين 70 و80 في المائة.

وأكد مدير صندوق النقد العربي الذي مقره أبوظبي على هامش مشاركته في المنتدى المالي الكويتي أن «منطقتنا لا تتمتع بمناعة إزاء حرب العملات بسبب ارتباطها بالدولار»، مضيفا أن «حربا كهذه سيكون لها تأثير على اقتصادات الدول العربية، وخصوصا بسبب ارتفاع التضخم ومشكلات أخرى».

وشهدت منطقة الخليج حركة مضاربات بالعملة في عام 2008 على خلفية الحديث عن نية بعض الدول الخليجية فك ارتباطها بالدولار، إلا أن الإمارات أكدت مرارا أنها لا تنوي القيام بمثل هذه الخطوة. لكن هذا الكلام غير وارد الحدوث عند صناع القرار في دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يذهب إليه المستشار الاقتصادي الدكتور محمد العسومي، قائلا: «هناك تصريحات متكررة بأن سعر صرف العملات في دول الخليج لن يتغير وسيبقى كما هو، لذلك دول المجلس ليس لديها مثل هذه التوجهات، وهذا الكلام بعيد عن الواقع».

ويشير العسومي متحدثا لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه عندما بدأ الدولار في الهبوط قبل عامين أكد كبار مسؤولي البنوك المركزية في الدول الخليجية عدم وجود أي نية لهذا التغيير بالنسبة إلى التصريحات، أما منطق الأمور فيقول إن مبيعات النفط الخليجي هي بالدولار، ولذلك أي تغيير في قيمة العملات لن يحدث، فمبيعات النفط تشكل 75 في المائة من دخل الدول الخليجية، وأي تغيير سيؤثر على العائدات على اعتبار أن عملات الخليج ستكون أقوى من الدولار، وعند استلام ثمن النفط المسعر بالدولار وتحويله إلى العملة المحلية فأنت من سيتحمل الفرق، والنفط هو مصدر الدخل الرئيسي لدول مجلس التعاون، لذلك فإن محاولات استخدام عملات غير الدولار لم تنجح.

ويرى العسومي أن تصريحات من هذا النوع عن رفع قيمة العملات الخليجية تعزز حدوث مضاربات بالعملة الخليجية، «وأرجو أن لا يكون هناك نتائج سلبية للتصريح، وإذا كان لا بد أن يكون هناك تصريحات من هذا النوع فيجب أن تصدر من البنوك المركزية لأن أي نوع من هذه التصريحات يمكن أن يؤجج المضاربات، وهذا ما حدث قبل عامين عندما بدأ الحديث عن نية الإمارات اللجوء إلى سلة عملات.

بدوره يرى الخبير المصرفي والرئيس التنفيذي لـ«دويتشه بنك» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الدكتور هنري عزام أن الأعوام العشرين السابقة أثبتت للعالم أن اقتصادات الخليج مستقرة وطمأنته لعدم إمكانية حدوث تغيير يؤثر على استقرار الاقتصاد، ويعتبر عزام أن ارتباط دول الخليج بالدولار ساهم في استقرار المنطقة ماليا ونقديا والقضاء على المضاربات.

إلى ذلك، يرى الخبير الاقتصادي هنري عزام «أننا نفكر دولاريا، لذلك من الأفضل عدم إعادة تقيم العملات الخليجية لأن ذلك لن يفيد حتى لو استمر الدولار في الانخفاض، مع العلم أنه لن يستمر في هذا الانخفاض طويلا».

ومن أحد الأسباب الرئيسية في رأي هنري عزام، التي تجعل من بقاء ارتباط الدولار بالعملات الخليجية أمرا أكثر فائدة هو حجم الحركة التجارية بين دول الخليج ودول آسيا كالصين وكوريا وكل تلك الدول مرتبطة بالدولار، وهو ما يسهل حركة التجارة.