اتحاد عمال سورية: زيادة الرواتب لم تتجاوز معدلات التضخم

تقرير اقتصادي: ارتفاع الأسعار ضاعف الأعباء

TT

قال اتحاد العمال في سورية (أحد أقوى التنظيمات النقابية في سورية) إنه على الرغم من زيادة الأجور في سورية خلال السنوات الخمس الماضية، التي بلغت 65 في المائة حتى الآن، فإنها لم تتجاوز معدلات التضخم المسجلة منذ عام 2005، مما يشير إلى تراجع الأجور عمليا.

وأشار الاتحاد في تقريره الاقتصادي لعام 2010، الذي جرت العادة على تقديمه إلى المجلس العام لنقابات العمال إلى «أن الارتفاع الكبير في الأسعار أدى إلى زيادة الأعباء على شرائح الدخل المتوسط والضعيف, الأمر الذي زاد في معدل الفقر على الرغم من انخفاض معدل الفقر البشري».

وجدير بالذكر أن نائب رئيس الحكومة السورية للشؤون الاقتصادية، عبد الله الدردري، كان اعترفا قبل أيام، وأمام مجلس اتحاد العمال نفسه، بأن الحكومة لم تتمكن من خفض معدلات الفقر في البلاد.

ويظهر التقرير الاقتصادي «أنه إذا ما استقرت معدلات البطالة في سورية عند حدود 8 في المائة, فإن الحاجة ما زالت ملحة لخلق المزيد من فرص العمل، حيث لم يتم تنفيذ إلا (50 في المائة) من هدف الخطة الخمسية العاشرة، التي توشك أن تنتهي، المتمثلة في خلق 625 ألف فرصة عمل جديد مع منتصف الخطة. كما ازداد حجم العمالة في القطاع الخاص غير المنظم».

وأشار الاتحاد في تقريره «إلى بروز خلل بين الأجور والأسعار في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الفترات السابقة، عندما بنيت معادلة نظام الأجور والأسعار المتمثلة بالحصول على أجور قليلة مقابل سلع وخدمات أساسية منخفضة السعر أو مجانية. حيث يتم الآن تحرير أحد طرفي المعادلة، أي زيادة أسعار السلع والخدمات بشكل جوهري، مقارنة بتحريك الأجور بشكل ضعيف.

فعلى الرغم من رفع مستوى الشريحة المعفاة من الضرائب (إعفاء الحد الأدنى للأجور من الضريبة)، والزيادات المتتالية لرواتب عمال القطاع العام، ورفع الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين (6010 ليرات سورية)، والشروع في تطبيق وتعميم الضمان الصحي على موظفي القطاع العام، فإن تقليص الدعم والتضخم وارتفاع أسعار السلع الغذائية والمحروقات يؤدي إلى عجز الكثير من الفئات الاجتماعية العاملة في القطاع العام على مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة.

ويزداد الأمر سوءا بالنسبة للعمالة غير المؤهلة التي تعمل في القطاع الخاص، وتحديدا القطاع غير المنظم، الذي يضم أوسع الفئات الاجتماعية هشاشة وضعفا، حيث يضغط قطاع الأعمال (بدوافع خفض التكلفة ومواجهة المنافسة) على عدم تحريك سلم الأجور، بالتوازي مع زيادات الرواتب في القطاع العام، وبما يتوافق مع معدلات التضخم».

وتطرق التقرير الاقتصادي إلى النمو الاقتصادي المتحقق في سورية؛ فأشار «إلى أن تحقيق معدل نمو اقتصادي يجاوز حاجز الـ7 في المائة، يعتبر هدفا محوريا من أهداف الخطة الخمسية العاشرة، وتدور حوله، وترتبط به باقي الأهداف الكمية الأخرى بالخطة، لكن المتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية، التي حصلت منذ بداية فترة الخطة وحتى الآن لا تنبئ بتحقيق ذلك المعدل من النمو الحقيقي».

وتشير دراسة أعدتها مديرية الاقتصاد الكلي في هيئة تخطيط الدولة إلى «أن النمو الاقتصادي في سورية قد تراجع خلال عامي 2008 و2009 ليصل إلى 3 في المائة، بعدما كان قد وصل إلى 5.5 في المائة عام 2007. وستلعب مجموعة عوامل دورا سلبيا على معدلات النمو الاقتصادي خلال سنوات الخطة أهمها: ارتفاع تكاليف الإنتاج الصناعي والخدمي بسبب رفع أسعار الطاقة، وانخفاض المساحات المزروعة بشكل واضح نتيجة للجفاف والهجرة الريفية وارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي, واستمرار العجز في ميزان التجارة الخارجية، وتراجع دور النفط كمصدر أساسي للتمويل، وارتفاع أسعار الوقود والمشتقات النفطية الأخرى في الأسواق الدولية، وتداعيات الأزمة المالية العالمية على بعض قطاعات الاقتصاد السوري، ومنها المؤسسات الصناعية العامة». كما أشار الملخص الاقتصادي للتقرير الوطني الأول للسكان في سورية لعام 2009 إلى «أن النمو في قطاعات الاقتصاد الحقيقي كان سالبا خلال تلك السنوات، وهو ما يضعف معدل النمو الاقتصادي بشكل عام».

وأوضح اتحاد العمال السوري في تقريره «أن عدم القدرة على تحقيق معدل النمو الاقتصادي المستهدف يعني في النهاية عدم القدرة بطريقة مباشرة وغير مباشرة على تحقيق أكثر الأهداف الكمية الأخرى في الخطة، مثل معدلات الاستثمار، والادخار، والتشغيل، والتضخم، والإنتاج وغيرها، ومن جهة أخرى يمكن تفسير عدم القدرة على تحقيق معدل النمو المخطط له بعدم قدرة السياسات الاقتصادية على التأثير في الاقتصاد خلال السنوات الأربع الأولى من عمر الخطة».