المستثمرون بالولايات المتحدة ينجحون في الالتفاف حول اللوائح وإخفاء استثماراتهم

رغم أنها تلزم المستثمر بالكشف عن هويته إذا ما زادت نسبة ملكيته عن حد معين

توجد قاعدة داخل الولايات المتحدة تلزم حاملي الأسهم بالإعلان عندما يستثمرون أكثر من 60 مليون دولار (أ. ب)
TT

منذ نحو أسبوع فاجأت إمبراطورية الموضة «مويه أوينيسي لوي فويتون» الفرنسيين بإعلانها أنها استحوذت على 17 في المائة من أسهم «هيرميس إنترناشيونال». وقبل ذلك بأسبوعين فاجأ بيل أكمان، المستثمر في صناديق التحوط، ومعه شركة «فورنادو ريالتي تراست» العقارية وول ستريت عندما كشفا النقاب عن استحواذهما على نحو 27 في المائة من أسهم شركة «جيه سي بيني» الكبرى لتجارة التجزئة. لكن انتظر لحظة: كيف تستطيع هذه الشركات الغازية أن تراكم هذه المراكز الكثيرة دون أن يعلم أحد؟

يطلب المنظمون في كل من الولايات المتحدة وفرنسا من كافة المستثمرين أن يعلنوا عند استحواذهم على نسبة أكبر من 5 في المائة من أسهم شركة ما. ولإضفاء إحساس بالشفافية داخل الأسواق توجد قاعدة داخل الولايات المتحدة معروفة باسم «13 دي» بالإضافة إلى قانون «هارت سكوت رودينو»، الذي يلزم حاملي الأسهم الساعين إلى الحصول على حصص تمكنهم من التأثير على قرارات الشركات الإعلان عندما يستثمرون أكثر من نحو 60 مليون دولار. وبهذا لا يستطيع مستثمرون بعينهم الظهور بغتة.

وعلى الرغم من ذلك يبدو أن هذا ما يحدث بالضبط.

استفاد أكمان من قاعدة تمنح المستثمرين 10 أيام للإعلان عن موقفهم بعد تخطي حد الملكية البالغ 5 في المائة. وما حدث في حالة أكمان أنه بمجرد تخطي ذلك الحد، قفز هو وشركة «فورنادو» نحو شراء عشرات الملايين من الأسهم قبل انتهاء المهلة الممنوحة للإعلان عن الأمر. وكانت الطريقة التي اتبعها أرنولت أكثر مكرا، حيث استخدم المشتقات للتسلل إلى شركة «هيرميس» وبدأ من 2008 بحيث لا يكون ملزما بالإعلان عن ملكيته للأسهم قبل أن يكون على أتم الاستعداد للانقضاض.

كل هذا قانوني، لكن السؤال هو: هل ينبغي أن يحدث؟

كتب كل من آدم أو إيميريك وويليام سافيت، الشريكين في شركة «وشتيل ليبتون روسين أند كاتز»، في تنبيه موجه إلى العملاء: «إذا لم يتبن المشرعون وواضعو اللوائح المنظمة للأوراق المالية في الولايات المتحدة متطلبات خاصة بالإعلان طبقا للتوافق العالمي ويسعوا إلى إعلان شامل وعادل للمشتقات وأشكال الملكية المصطنعة وغير القياسية وتقنيات المراقبة الأخرى، تنصح الشركات الأميركية باتخاذ هذه الإجراءات بنفسها كلما أمكن». وخلال السنوات الماضية تخلت مجالس إدارة الشركات عن الكثير من وسائلها الدفاعية مثل «خطط حقوق المساهمين» في إطار الجهود المبذولة لتحقيق المزيد من الانفتاح والديمقراطية وذلك تحت ضغط من حاملي أسهم وشركات استشارات كبرى مثل «إنستيتيوشنال شير هولدارز سيرفيسيس».

ولم يتم تحديث وتطوير قانون «13 دي» وقوانين أخرى لعقود، فمدة العشرة أيام الممنوحة كمهلة للإعلان كانت معقولة منذ سنوات قبل استخدام البريد الإلكتروني، بينما لا يعد ذلك مناسبا حاليا. والقوانين في بريطانيا على سبيل المثال أكثر صرامة، حيث يسمح للمستثمرين بـ48 ساعة فقط للإعلان عن تجاوزهم للحد المسموح به والبالغ 3 في المائة، مما يجعل من المستحيل نظريا مراكمة عدد كبير من الأسهم دون أن يتم تحذير الأسواق بشكل عادل. يعد استخدام المشتقات من أجل التسلل مصدرا أكبر للقلق. وقد كتبت عن هذا الموضوع في 2008 عندما استخدمت شركة «جانا بارتنرز»، وهي أحد صناديق التحوط، سلسلة من المقايضات لشراء 21 في المائة من أسهم «سي إن إيت». وتوالت بعد ذلك حالات مماثلة، حيث حكم قاض بأن «صندوق استثمار الأطفال» أساء استخدام المشتقات للتأثير على التصويت في صراع بالوكالة كانت شركة «سي إس إكس» للسكة الحديد لها دور فيه. وقال لويس كابلان قاضي محكمة الدائرة الفيدرالية بمانهاتن إن الممارسة «تسمح إلى حد كبير بنصب كمين لشركات الأوراق المالية بملكية تفوق 5 في المائة». أما في حالة الكمين الذي نصبته شركة «مويه أوينيسي لوي فويتون» لشركة «هيرميس»، فأوضح أرنولت أن شركته استحوذت على عقود مالية آجلة يطلق عليها «عقود أسهم تبادلية» عام 2008 (تعادل 5 ملايين و4.8 مليون سهم) شركة «هيرميس» حددت الموعد النهائي لها بين شهري يناير (كانون الثاني) ومايو (أيار) 2011. وبعد ذلك قامت شركة «مويه أوينيسي لوي فويتون» من خلال الشركات التابعة لها «بإدخال تعديلات على هذه العقود بحيث يحصلون على تسليم مادي للأوراق المالية الكامنة».

يا لها من مناورة ماهرة لم تبد خرقا لأي قانون. ورفض جيم فينغيروث من شركة «كسيكسيت أند كامباني»، ومتحدث باسم شركة «مويه أوينيسي لوي فويتون» التعليق. ومن المصادفة الغريبة أن يكون فينغيروث ممثلا لشركة «جيه سي بيني» وقد رفض أيضا التعليق نيابة عن الشركة. وهناك جانب آخر لهذه القصة، حيث تبين من الحديث مع مجموعة من النشطاء التابعين لمستثمرين طبقوا بعضا من هذه الإجراءات بأنفسهم ورفضوا تسجيل تعليقهم لأسباب واضحة، من الواضح أنه إذا جعلت الحكومة فترة السماح الممنوحة للمستثمرين للإعلان عن مواقعهم بعد تعدي نسبة الـ5 في المائة أقصر، لن يسعى هؤلاء المستثمرون إلى الحصول على هذه الأسهم لأنها ستكون باهظة الثمن. ويندر أن يشكو مستثمرون آخرون من التراكم المتسلل لأنه يفيدهم. وخلال فترة الأيام العشرة التي سارع فيها أكمان و«فورنادو» من أجل شراء أسهم شركة «جيه سي بيني»، ارتفعت أسهم الشركة بنسبة 45 في المائة. إن كنت تؤمن بديمقراطية حامل الأسهم وبأن ما يفعله هؤلاء الناشطون هو الضغط باتجاه إحداث تغييرات في الإدارة وداخل مجالس الإدارة، ويقولون إن فرض المزيد من القيود على الاستحواذ سيقلل فقط من احتمال سعيهم للتغيير. قال أحد الناشطين: «لن يتمكن أحد من الحصول على حصة داخل أي شيء». «ونعتقد أننا مفيدون لأسواق رأس المال». هذا صحيح. لكن بالنظر إلى إعطاء دفعة قوية نحو المزيد من الشفافية في الأسواق، يبدو أن المنظمين عليهم التفكير في مناقشة الأمر.

* خدمة «نيويورك تايمز»