محافظ مؤسسة النقد السعودي: قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة يسجل نموا سنويا بـ 16%

ضخامة القطاعين النفطي والعام تضعف دور المؤسسات الصغيرة

TT

كشف مسؤول سعودي رفيع عن أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة سجل نموا على مدى 4 سنوات ماضية بنسبة تبلغ 16 في المائة، في الوقت الذي أكد فيه أهمية تعزيز دور تلك المنشآت في الناتج المحلي، مشيرا إلى أن مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة لا تتجاوز 33 في المائة من إجمالي إنتاج القطاع الخاص.

وأقر محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي - السعودي (البنك المركزي) بوجود تحديات تواجه قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية، مشددا على ضرورة مواجهة عقبة الحصول على التمويل والإقراض لمساعدة تلك المؤسسات على النمو وتحقيق معدلات مساهمة أعلى في الناتج المحلي.

وكان الجاسر يتحدث في مؤتمر للمنشآت الصغيرة والمتوسطة عقد أمس في العاصمة السعودية الرياض، على هامش زيارة لارس تانيل، مدير مؤسسة التمويل الدولية.

والسعودية - أكبر اقتصاد عربي - تسعى لتفعيل دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة للمساهمة في الاقتصاد، وذلك من خلال دراسات يعمل عليها عدد من الجهات المختصة.

وأكد الجاسر في حديثه أمس أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تمارس دورا مهما في الحركة الاقتصادية في الدول المتقدمة والنامية لقدرتها الاستيعابية الهائلة لتوظيف القوى العاملة بما فيها متوسطة ومتواضعة التدريب والتأهيل العلمي ودورها في الحركة اليومية في النشاط التجاري للسلع والخدمات، وهو ما سيسهم بجزء من المخرجات التعليمية التي تخصص الحكومة السعودية مبالغ كبيرة منها للتعليم في ميزانيتها السنوية.

وقال محافظ مؤسسة النقد العربي - السعودي إن وزارة المالية بالتعاون مع المصارف السعودية أسست برنامج «كفالة» لتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الذي يديره صندوق التنمية الصناعية السعودي برأسمال 200 مليون ريال (53.3 مليون دولار)، حيث بلغ إجمالي ما قدمه حتى العام الماضي 644 مليون ريال (171 مليون دولار)، إضافة إلى منح المصارف قروضا تحت مظلة البرنامج بلغت 1.6 مليار ريال (426.6 مليون دولار) استفادت منها نحو 1113 منشأة صغيرة ومتوسطة الحجم.

وحققت مؤشرات النمو في منشآت الأعمال معدلات مرتفعة في السنوات الأخيرة، حيث ارتفع عدد المنشآت المشتركة في نظام التأمينات الاجتماعية من 121.5 ألف منشأة في عام 2005 إلى 218.4 ألف منشأة في عام 2009، بمتوسط سنوي يبلغ 16 في المائة، مشيرا إلى أن المنشآت الفردية تمثل 93.1 في المائة من الإجمالي، والمحدودة 4.7 في المائة، والتضامنية 0.6 في المائة. وأبان الدكتور محمد الجاسر أن النشاط الاقتصادي لهذه المنشآت يتركز في 3 أنشطة، وهي التجارة بنسبة 34.3 في المائة والتشييد والبناء بنسبة 32.3 في المائة، والصناعات التحويلية بنسبة 14.6 في المائة، فيما تحظى المنشآت الصغيرة التي يعمل بها أقل من خمسة أشخاص بالنصيب الأكبر بنسبة 54.4 في المائة من إجمالي عدد المنشآت في نهاية عام 2009.

وكانت «ساما» – البنك المركزي - في السعودية قد أشارت في وقت سابق إلى سعيها لإيجاد آلية عمل لتفعيل دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني. واطلع محافظ «ساما» على خلاصة تجربة الدول النامية في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، من خلال زيارة قامت بها نائبة رئيس البنك الدولي.

وبين الدكتور الجاسر أن مساهمة المؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم في منطقة اليورو تبلغ نحو 99.8 في المائة من إجمالي منشآت الأعمال، ومساهمتها بنحو 60 في المائة، من القيمة المضافة، و70 في المائة من التوظيف، في الوقت الذي تعتبر مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي منخفضة في السعودية، حيث بلغ نصيب إجمالي ناتج القطاع الخاص، وهي جزء منه، 33 في المائة، في حين أسهمت المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي في دول أخرى بنسبة 57 في المائة.

وأرجع محافظ مؤسسة النقد سبب ضعف مساهمة قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المملكة «لضخامة القطاع النفطي والقطاع العام، بوصفهما المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي».

وأوضح الدكتور محمد الجاسر أن تعريف المنشآت الصغيرة والمتوسطة يأتي من اعتماد صندوق التنمية الصناعية السعودي معيار المبيعات السنوية للتعريف بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهي التي لا يتجاوز مبيعاتها 20 مليون ريال سنويا لأغراض التمويل، وفقا لبرنامج «كفالة»، لافتا النظر إلى أن البنك الدولي قام بتوزيع استبيان على المصارف التجارية لتحديد تعريف للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكانت النتيجة وجود تباين في تعاريف المصارف لها.

وأشار إلى أنه يمكن الاستنتاج من ذلك أن المؤسسات الصغيرة هي التي تتراوح مبيعاتها السنوية ما بين 100 ألف ريال (26.6 ألف دولار) إلى 5 ملايين ريال (1.3 مليون دولار)، وتوظف ما بين 2 إلى 49 عاملا، بينما المؤسسات المتوسطة هي التي يبلغ حجم مبيعاتها ما بين 5 ملايين ريال (1.3 مليون دولار) سنويا إلى 50 مليون ريال (13.3 مليون دولار) وتوظف ما بين 50 إلى 200 عامل.

وعدد الجاسر مزايا المنشآت صغيرة ومتوسطة الحجم، مشددا على أنه على الرغم من كل تلك المميزات فإن نمو وتطور قطاع المنشآت الصغيرة ومتوسطة الحجم يواجه مجموعة من التحديات التي قد تكون متشابهة إلى حد كبير على الصعيد العالمي.

وأشار إلى أن من أبرز تلك التحديات ارتفاع تكلفة رأس المال نتيجة ارتفاع معدلات الفائدة، مقارنة بالمنشآت الكبيرة وصعوبة الحصول على التمويل المناسب بسبب نقص الضمانات وتواضع السجل الائتماني وضعف القدرة على المنافسة.

وتابع: كما تشمل تلك التحديات التأثير في قوى السوق والاستفادة من وفورات الحجم، كما في المنشآت الكبيرة، إضافة إلى ضعف القدرة على مواجهة وتيسير الإجراءات الحكومية للتوسع في أعمالها وتواضع الصرف المالي على أبحاث التطوير.

وأضاف أن النصيب المئوي للمنشآت التي يعمل بها من 5 إلى 59 شخصا يبلغ نحو 42 في المائة، والباقي، ونسبته 3.8 في المائة، للمنشآت التي يعمل بها أكثر من 60 شخصا، لافتا إلى أنه من واقع هذه البيانات يتضح أن معظم المنشآت في المملكة منشآت صغيرة الحجم بالنظر إلى معيار عدد العمالة.

وأكد أن أبرز التحديات التي تواجه المنشآت الصغيرة ومتوسطة الحجم تتركز في الحصول على التمويل اللازم لتلبية احتياجاتها التوسعية، وهي عدم توافر الضمانات الكفيلة لمنح الائتمان، مؤكدا أنه للتغلب على هذه المشكلة في المملكة قامت وزارة المالية بالتعاون مع المصارف السعودية بتأسيس برنامج «كفالة» بغرض تغطية نسبة من مخاطر الجهة الممولة في حالة إخفاق النشاط المكفول في سداد التمويل أو جزء منه، ولتشجيع البنوك على تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تمتلك مقومات النجاح، ولكن لا يمكنها تقديم الضمانات اللازمة أو السجلات المحاسبية التي تثبت أهليتها للحصول على التمويل.

من جانبه أوضح لارس تانيل مدير مؤسسة التمويل الدولية، في كلمته خلال الندوة الأهمية التي يكتسبها موضوع الندوة، مستعرضا جهود البنك الدولي في هذا الشأن، إضافة إلى جهود مؤسسة التمويل الدولية وتعاونها مع مجموعة العشرين، لتعزيز مبادرتها بشأن التوسع في سبل تقديم التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

وتوقع لارس أن تحظى قضية تمويل هذه المشاريع اهتمام وحرص قادة مجموعة العشرين في اجتماعهم المقبل بكوريا خلال الشهر الحالي، بوصف أنشطة هذه الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الركيزة الاقتصادية الرئيسية لمعظم دول العالم، ولكونها الموفر الأكبر لفرص العمل، ولكون نشاطها رافدا مهما للشركات الكبرى.

وعرض التحديات التي تواجه قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في منطقة الشرق الأوسط، ومن أهمها توافد أعداد كبيرة من طالبي العمل سنويا وبسبب نقص التمويل اللازم وقصر وقت السداد وصعوبة الضمانات المطلوبة للتمويل، وما تراه المصارف من ارتفاع في مستوى المخاطرة يتباطأ نمو هذه الشركات.

وقال إنه من واقع خبرة مؤسسة التمويل الدولية في الكثير من دول العالم فإنه بالإمكان تحقيق البنوك ربحية كبيرة من تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلى عمل المؤسسة الدولية بشكل وثيق مع بنوك العملاء، لإعداد منتجات جديدة ولإنشاء نطاق كامل للعمليات المصرفية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

ورأى أن سوق المشاريع الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط «يشوبها القصور الشديد» عند مقارنتها بأسواق الدول النامية الأخرى.

وتطرق إلى برنامج «إيدج» لأنشطة الأعمال الذي يقدم المساعدة الفنية من قبل المؤسسة الدولية والشراكة مع بنك الرياض لاستعانته بالخدمات الاستشارية للمؤسسة لتقييم أوضاع السوق وحجمها واحتياجاتها ومدى تعقدها وتقدمها وما نجم عنه من إعلان البنك خطا جديدا لأنشطة الأعمال، للوفاء باحتياجات عملاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتقديمه حقيبة من الأدوات التمويلية لهذه الفئة من المؤسسات، وتطلعه للعمل مع مزيد من البنوك في المملكة لزيادة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

ونوه لارس بقيام السعودية بإصلاحات اقتصادية كبيرة جعلتها في قائمة أكثر الإصلاحيين فاعلية، وفقا لتقرير «القيام بأنشطة الأعمال» للبنك الدولي الصادر خلال السنوات الأخيرة، مشيدا في الوقت ذاته بجهود الحكومة السعودية ولرؤيتها الرشيدة في مجال تعزيز بيئة أنشطة الأعمال المواتية وقيامها بتشجيع القطاع الخاص الذي يقود قاطرة النمو.