رئيس غرفة تجارة الأحساء: نتطلع لمشاريع عملاقة في الصناعات التحويلية والزراعة والسياحة

صالح العفالق لـ «الشرق الأوسط»: 3 عوامل تجعل من الأحساء قبلة جاذبة للاستثمارات

صالح العفالق («الشرق الأوسط»)
TT

دعا صالح العفالق، رئيس الغرفة التجارية في محافظة الأحساء، (شرق السعودية) الهيئة العامة للاستثمار بوضع الأحساء على خارطة المناطق التي ستحظى بمدن صناعية، وذلك للميزة النسبية للأحساء التي تنفرد بها على مناطق أخرى، كونها تمثل بوابة رئيسية لـ3 دول خليجية هي الإمارات، عمان، قطر، وقربها أيضا من مصادر الطاقة والغاز.

وأكد العفالق خلال حوار مع «الشرق الأوسط» أن الأحساء تعد من المناطق المتعطشة والواعدة لاستثمارات ضخمة في مجال الصناعات التحويلية والسياحة والزراعة، مشيرا إلى أنه تم تحديد موقع للمدينة الصناعية الثانية بالأحساء على الطريق الدولي الذي يربط السعودية بدولة قطر وعلى مساحة 300 مليون متر مربع، وينتظر أن يتم إدراجها في الميزانية العامة قريبا.

وكشف العفالق عن استثمار مشروع من وزارة الزراعة على جزء من أرض متنزه الأحساء الوطني وعلى مساحه 5.8 مليون متر مربع، وستتم تجزئته إلى عدة مراحل والعمل على استقطاب شركات عالمية وممولين لتنفيذ مشاريع ضخمة على هذه المساحة الكبيرة، وطالب بإحياء ميناء العقير، وتفعيل مطار الأحساء لاستقبال رحلات دولية لاستثمار مقومات الأحساء الاستثمارية، وجعلها منطقة تصدير لكثير من المنتجات الزراعية والتحويلية. فإلى نص الحوار:

* كيف تنظر إلى البيئة الاستثمارية في الأحساء؟

- في الواقع، منذ توليت رئاسة الغرفة التجارية في محافظة الأحساء وضعت مع أعضاء مجلس الإدارة رؤية ورسالة وأهدافا استراتيجية نتطلع لتحقيقها خلال دورة المجلس الحالي، وهي مبنية على الجدية والنوعية الموجودة بالأحساء، والخيارات الاستراتيجية المبنية أصلا على الخريطة الاستثمارية في المحافظة، ومن أهم تطلعاتنا وتأملاتنا دون شك السياحة والصناعة والزراعة، لأن السياحة في الأحساء مرتبطة بالتاريخ، ولها عمق تاريخي قوي يمتد إلى 5 آلاف عام.

* وما هي الاستثمارات السياحية المخطط لها حاليا؟

- الاستثمارات السياحية هي عمليه تكاملية والسياحة تحتاج إلى بنية ومشاريع متعددة، سواء فيما يتعلق بالتسوق أو التنمية أو مشاريع الإيواء، وأعتقد أن البنية التحتية جيدة في محافظة الأحساء لوجود شبكة طرق تربطها بمختلف مناطق السعودية ودول الخليج المجاورة، وشبكة طرق داخلية، وارتباط الأحساء بساحل العقير الواقع على ساحل الخليج، وهذا أمر تم فعليا من اتجاهين، إضافة إلى الطريق المحوري الدائري الذي نفذته وزارة المواصلات وتم تشغيل 70 في المائة تقريبا منه، إضافة إلى الحدائق العامة التي تعد متنفسا للأهالي وزوار الأحساء.

وهناك مشروع العقير السياحي، كما أوجدت الأمانة مشاريع سياحية وترفيهية لذوي الدخل المحدود وذوي الدخل المتوسط على شواطئ وحدائق العقير، وتم استثمار عشرات الملايين في هذا الاتجاه، فهذا هو ما يدعم البنية التحتية للسياحة في الأحساء. وفيما يتعلق بجانب الإيواء فتوجد مجموعة من الفنادق الجيدة، إضافة إلى مجموعة أخرى من الفنادق فئة 4 نجوم، وأيضا الشقق المفروشة، وشهدت الـ4 سنوات الماضية افتتاح الكثير من المجمعات التجارية الكبيرة، وقطاع التسوق في الأحساء يشهد انتعاشا كبيرا وذلك للكثافة السكانية التي تكتظ بها المحافظة. أضف إلى ذلك المتحف الوطني بجانب مجموعة من المتاحف الشخصية المفتوحة للعامة، والقصور القديمة التي يعود تاريخها إلى العصور العثمانية، ومن أهمها قصر إبراهيم الذي أعيد ترميمه وافتتاحه، بجانب مجموعة من القصور ومنها ما يتم ترميمه وتفتح أبوابها للعامة مثل قصر صاهود وقصر محيرس وقصر طرازان ومجموعة من القصور التي تحكي حقبة تاريخية أحسائية يستوجب حقيقة أن تسجل وتوثق.

* هذا ما يتعلق بالبنية التحتية وعوامل الجذب، ولكن ما هي الفرص والمشاريع الاستثمارية القائمة؟

- حاليا هناك شركة الأحساء للسياحة والترفيه، التي استثمرت مواقع سياحية قائمة مثل جبل قارة ومتنزه الأحساء الوطني ومتنزه الشيباني، المعروف بالمشتل، ويبلغ رأسمال الشركة 30 مليون ريال (8 ملايين دولار)، ويتوقع أن تنفذ مشاريع في المرحلة الأولى بتكلفة 150 مليون ريال (40 مليون دولار)، ومشروع جبل قارة عبارة عن مبان قديمة تحاكي تاريخ الأحساء، أما مشروع متنزه الشيباني فأطلقنا عليه اسم مشروع (قلب الأحساء) لأنه يقع في قلب الواحة الزراعية، وسيضم مجموعة من المشاريع، وسيتم الانتهاء من المشروع خلال 3 سنوات، ولكن سيتم تشغيل الجزء المنفذ خلال العام الأول، وتصل تكلفته إلى نحو 100 مليون ريال (26.7 مليون دولار)، كما يوجد مشروع نشرف عليه باستثمار من وزارة الزراعة، هو جزء من أرض متنزه الأحساء الوطني على مساحه 5.8 مليون متر مربع، ولتنفيذ مثل هذا المشروع فإنه تواجهنا بعض المعوقات التي نعمل للتغلب عليها، خاصة فيما يتعلق بقضية المدد الإيجارية المعتمدة من الدولة بـ25 سنة، وهي مدة قليلة لاستثمارات بهذا الحجم، ولكن هناك اتجاه وخطة تقضي بتقسيم المشروع إلى أجزاء، جزء منه ناد للسيارات وناد للرماية وناد للفروسية، وقرية تراثية، وقد بدأ التنفيذ في مشروعين والمشروع الثالث تم الانتهاء من دراسته، إلى جانب أننا نبحث عن شركاء استراتيجيين، وهناك اتصالات ومفاوضات مع مجموعة دولية نتمنى أن نصل إلى اتفاق معها بما يخدم المشروع والمنطقة، متى ما توفر التمويل المطلوب.

* وما هي الفرص الاستثمارية المتاحة الأخرى في الأحساء؟

- الفرص المتاحة كثيرة، وأعتقد أن الأحساء ما زالت متعطشة لمشاريع جبارة ومجال التسويق والتسوق خصب وجيد، وهناك فرص في قطاع الإيواء وتوجد طلبات إيجابية من بعض مستثمرين لديهم دراسات لإقامة فنادق 5 نجوم و4 نجوم، إضافة إلى فرص متعددة في قطاعات مختلفة، وتدعم الغرفة كل المشاريع التي تجذب الاستثمارات وتعمل على تطوير محافظة الأحساء والقرى التابعة لها، ونحن الآن بصدد تنظيم منتدى اقتصادي سيقام قريبا على أن يتبنى المنتدى إبراز الفرص الاستثمارية في جميع المجالات في الأحساء، ومجال السياحة على وجه الخصوص مهم بالنسبة لنا.

* من الواضح أن الأولوية الاستثمارية لمشاريع السياحة في الأحساء.

- من الناحية الاستراتيجية أعتقد أن المشاريع السياحية تأتي في المقدمة، إضافة إلى قطاع آخر لا يقل أهمية وهو قطاع الصناعة الحرفية، وتمتلك الأحساء ميزة نسبية كموقع جغرافي كونها تقع بين دول الخليج وبوابة الخليج لثلاث دول (قطر والإمارات وعمان)، وقربها أيضا من المخزون النفطي والعلاقة التاريخية بشركة «أرامكو» السعودية وقرب الأحساء من مصادر الإنتاج والخدمات، وهذا يجعلها منطقة جذب لشركات الخدمات النفطية لتستثمر في الأحساء باعتبارها قريبة من الآبار ومن مصدر الغاز سواء كان في الحوية أو في حقل شيبة أو في حرض.

* ولكن هذه المقومات لم نر لها على أرض الواقع انعكاسات إيجابية على الأحساء.

- دون شك، فإن المحافظة بحاجة فعلا لمشاريع عملاقة وجبارة وهذا ما يدفعنا للتوجه إلى هيئة المدن الصناعية ممثلة بالدكتور توفيق الربيعة، وهو حقيقة من الشخصيات الداعمة، وقد تم التنسيق مع الأمانة وتم تخطيط مدينة صناعية كبيرة جدا على الطريق الدولي الذي يربط السعودية بدولة قطر، وتبلغ مساحتها 300 مليون متر مربع، ولعل هيئة المدن تطورها على مراحل لأن مساحتها كبيرة، ونتطلع للانتهاء من المرحلة الأولى منها، كي نستطيع أن نستقطب صناعات على هذا الاتجاه، ووفقا للميزة النسبية التي ذكرناها إضافة إلى توفر الأيدي العاملة.

* وهل تقدم مستثمرون لطلب إقامة مشاريع صناعية بالأحساء أو المدينة الصناعية الجديدة؟

- بلا شك هناك طلبات متزايدة، ولكن للأسف المدينة الصناعية الحالية بالأحساء صغيرة ومساحتها مليون متر فقط، والطلبات الموجودة عندنا طلبات كثيرة جدا ولا يمكن أن تستوعبها المدينة، وما زلنا في انتظار الانتهاء من المرحلة الأولى في المدينة الصناعية الجديدة التي ستخدم الكثير من المشاريع والمصانع، وخاصة فيما يتعلق بقطاع الخدمات والصناعات التحويلية.

* ما هي معوقات الصناعة بالأحساء؟

- أول معوق هو عدم توفر المواقع والمدن الصناعية المطورة، لأن المستثمرين الصناعيين يهمهم في المقام الأول توفر أرض صناعية توجد بها كل الخدمات وقريبة من مواقع التصدير، وهذه المتطلبات الأخيرة متوفرة في الأحساء، إضافة إلى قربنا من أهم 3 دول خليجية.

* لكن الأحساء لم تستفد من محفزات موقعها الاستراتيجي حتى اليوم.

- للأسف الاستفادة قليلة جدا وذلك لعدم وجود التسويق الجيد وعدم وجود نية من وزارة الصناعة باستغلال مقومات الأحساء الاستثمارية حتى الآن على الرغم من أن الصناعة بالذات هي خيار استراتيجي، وعلى الدولة أن توفر كل الإمكانات لجذب المستثمرين، ويقيني أن الأحساء منطقة واعدة للاستثمار في قطاع الصناعة وقطاعات أخرى، وبالمناسبة كان لنا مؤخرا اجتماع مع أعضاء من المجلس الاقتصادي القطري، ولمسنا من الإخوة القطريين الرغبة في الاستثمار وخيارهم الاستراتيجي الأحساء لقربها من قطر، وخاصة في الصناعات النفطية والصناعات الغذائية وفي مجال التسويق أيضا، وعلى الرغم من الموقع الاستراتيجي للأحساء، كبوابة رئيسية لدول الإمارات وقطر وعمان، لا توجد استفادة مباشرة، على الرغم من أن الأحساء تتميز بكثافتها السكانية (مليون نسمة)، والمشكلة هي عدم توفر الخدمة، ونتمنى تفعيل مطار الأحساء وميناء العقير لدعم عوامل الجذب السياحي والاستثماري في المنطقة.

* الأحساء منطقة زراعية معروفة، لكن الاستثمارات في هذا القطاع لم تصل إلى المستوى المطلوب.

- هذا صحيح، ونحن اتجهنا لإعادة إدارة العجلة بكل بساطة، وهنالك شركات موجودة مثل شركة «الأحساء للصناعات الغذائية» - إحدى شركات «الأحساء للتنمية» - وللأسف كان مصنع الشركة متوقفا وبالتنسيق مع الإخوان بالشركة تم إعادة تشغيله هذا العام، وبدأ عمليات الإنتاج واستقبال طلبات التمور، وتوجد عدة مصانع كثيرة صغيرة، ولكن الحديث هنا عن المصنع الكبير، وهو شراكة ما بين شركة «الأحساء للتنمية» وشركة «الشرقية الزراعية»، ونأمل أن يكون هذا المصنع قائدا للسوق وبدايته جيدة، وفي الآونة الأخيرة وبتوجيهات من الدكتور فهد بالغنيم وزير الزراعة تم إنشاء جمعية تسمى (جمعية النخلة) وبدأت تقوم بدور إيجابي في هذا المجال، ونعمل أيضا على مهرجان للتمور بالأحساء منذ عامين، وتحتاج سوق الأحساء للتمور إلى إعادة هيكلة وستعاد صياغة المهرجان بالكامل، وفي هذا العام سيكون التركيز أكثر على العملية التسويقية أكثر من العملية الإعلامية والترفيهية على أساس دعم المنتج ليعود عليه المهرجان بالفائدة بعد أن كان في الغالب هو الحلقة الأضعف في الموضوع.

* كيف تقيم نجاح شركة «الأحساء للتنمية»؟

- نتطلع تطلعا إيجابيا لنجاح الشركة، ونحن دخلنا سوق كبيرة ومهمة، ويقيني أن قطاعات الإيواء والبنية التحتية موجودة والدعم الحكومي والتسوق موجود، ولكن قطاع الترفيه ما زال ضعيفا وأعتقد أن «شركة الأحساء» سوف تلعب دورا مهما في هذا الجانب.

* ألا ترى أن دعم الاستثمار في قطاع الحرف اليدوية سيكون مثمرا في منطقة غنية بإرثها وتراثها مثل الأحساء؟

- الحرف اليدوية هي أحد مكونات مشروع جبل قارة، وهي تخليد لهذه الحرف، وستعود أيضا بالنفع على أصحاب هذه المهن، وكذلك الحفاظ على هذا الإرث التاريخي. وكوني عضوا في المجلس البلدي، أعرف أن الأمانة لها دور إيجابي في دعم هذا الجانب في مدينة الملك عبد الله للتراث ليكون جزءا منها، وكذلك مركز الأمير سلطان الحضاري. وهيئة السياحة راغبة في دعم برامج للتدريب على المهن والحرف، مما ينبئ بمستقبل جيد للاستثمار في هذا المجال.