لماذا رفضت كندا عرضا ضخما بـ40 مليار دولار لبيع أكبر شركة للأسمدة في العالم؟

يعتبر المنع الرسمي الثاني لمحاولة استحواذ في البلد خلال 25 عاما

شركة «بوتاش» الكندية تعتبر أكبر شركة لصناعة الأسمدة في العالم (رويترز)
TT

رفضت كندا عرض شركة «بي إتش بي بيليتون» الضخم، والذي يقدر بنحو 40 مليار دولار لشراء شركة «بوتاش، أوف ساسكاتشوان»، مشيرة إلى أن بيع أضخم شركة في العالم لصناعة الأسمدة لن تعود بفائدة صافية على الدولة.

وقد أمهلت الحكومة الكندية شركة «بي إتش بي» 30 يوما لتقديم مقترحات إضافية، وهي الفترة التي يمكن للحكومة فيها اتخاذ قرار نهائي، بحسب البيان الذي قرأه وزير الصناعة توني كليمنت في أوتاوا، والذي أحجم عن تقديم المزيد من التفاصيل بشأن القرار. وكانت أسهم «بوتاش كورب» قد شهدت انخفاضا بنسبة 5.1 في المائة في أعقاب انتهاء جلسة التداول في نيويورك.

يعد قرار حكومة رئيس الوزراء ستيفن هاربر، التي سعت إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، الرفض الرسمي الثاني لمحاولة استحواذ في كندا خلال 25 عاما.، حيث تعرضت الحكومة لضغوط من قبل إقليم ساسكاتشوان، الذي قال إن بيع شركة «بوتاش» سيخفض فرص العمل وضريبة الدخل ويسلم السيطرة على مقاليد الشركة إلى مصدر أجنبي.

وقال مارك نيلسون، المحامي المقيم في تورنتو والذي يعمل في شركة «بروك أند بلاكويل»، المتخصصة في قواعد الاستثمار الأجنبي الكندي، في مقابلة معه: «كنت أتوقع أن تطرح بي إتش بي كل شيء على الطاولة لتجنب الحصول على رد سلبي. وأشك في قدرتهم على وضع مغريات كبيرة لإنهاء الصفقة، وإذا ما تمكنوا من ذلك فستكون كذبة كبيرة».

أثار الرفض الكندي للعرض شركة «بي إتش بي» بخيبة الأمل، لكن الشركة أكدت أنها ستواصل العمل مع الحكومة وستراجع خياراتها. وتقول شركة «بوتاش» في بيان لها رد على قرار الحكومة: «إن عرض شركة بي إتش بي غير ملائم كلية».

كان سهم شركة «بوتاش» قد انخفض 7.40 دولار ليغلق على 138.10 دولار بعد انتهاء جلسات التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية، وهو ما يفوق عرض «بي إتش بي» في ملبورن والتي عرضت 130 دولارا مقابل السهم. على الجانب الآخر ارتفع سهم «بي إتش بي» 3.1 في المائة ليغلق على 43.96 دولار في ملبورن، في أعلى ارتفاع له خلال ستة أشهر.

وكانت كلفة حماية سندات «بي إتش بي» من التخلف عن الوفاء بالديون قد انخفضت إلى أدنى مستوى لها خلال الأشهر الأربعة الماضية، وقد انخفض العجز عن سداد الائتمان من 15 نقطة أساس إلى 85 نقطة أساس في سيدني، بحسب أسعار شركة «أستراليا أند نيوزيلاندا بانكينغ غروب ليميتد» وهو ما يعتبر أدنى انخفاض لها منذ 18 يونيو (حزيران) وأدنى مستوى لها منذ 17 أغسطس (آب) بحسب بيانات شركة «سي إم إيه» مزود البيانات.

ستكون صفقة «بي إتش بي» أكبر استحواذ في كندا بعد شراء شركة «فيفندي إس إيه» شركة «سيغرام» بنحو 46.1 مليار دولار في عام 2000.

وقال كريس داماس، المحلل المالي في شركة «بي سي إم آي ريسيرش» والمقيم في أونتاريو، في رسالة إلكترونية: «حملة الأسهم في بوتاش هم الخاسرون الرئيسيون في هذا القرار، على المدى القريب على الأقل. ولا أعتقد أن علينا المسارعة إلى الحكومة الفيدرالية من أجل الحماية عندما يأتي البعض ليحاول الحصول على شركاتنا الضخمة».

وقالت شركة «بوتاش» إنها ستنظر في العروض الأخرى، فقد طلبت روسيا من مصنعي أسمدة محليين تقديم عرض مشترك، بحسب شركة «أو إيه أو أكرون»، ثالث أكبر مصنع للأسمدة النتيروجينية في روسيا. لكن «أكرون» أبلغت الحكومة الروسية أنها لن تشارك في الخطة بعد تلقيها رسالة من وزير التجارة والصناعة في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي التي اقترح فيها عرضا مشتركا، بحسب ما ذكره رئيس الشركة ألكسندر بوبوف، في مقابلة تليفونية معه.

وبموجب قانون كندا للاستثمار يمكن للحكومة الفيدرالية الكندية رفض أي صفقة تقدر قيمتها بـ299 مليون دولار كندي (296 مليون دولار أميركي) أو أكثر من ذلك إذا رأت أن الصفقة لا تقدم دخلا صافيا للدولة.

يذكر أن الحكومة الكندية كانت قد راجعت ووافقت على 1,637 طلب استحواذ في الفترة بين 30 يونيو (حزيران) 1985، العام الذي وافق سن القانون، و30 سبتمبر (أيلول) من هذا العام، بحسب البيانات الحكومية. أما الصفقة التي رفضت فكان عرض شركة «أليانت تك سيستمز»، في عام 2008 لشراء مقرات شركة «ماكدونالد ديتويلر أند أسوشيتس ليميتد».

استأجرت شركة «بي إتش بي» صفحات إعلانية كاملة في الصحف للدفاع عن قضيتها، وقالت الشركة إنها ستجعل ساسكاتشوان مقرا لمكتبها الرئيس لعمليات «بوتاش» وستواصل تطوير مشروع تعدين جانسن بوتاش في الإقليم، والذي تبلغ قيمته 12 مليار دولار كندي، لتحافظ على مستوى العمال وتقترح مرشحين كنديين للانتخاب في مجلس إدارتها.

وقال أندرو ماكنزي، في مقابلة معه في 22 أكتوبر (تشرين الأول)، إن الشركة عرضت على الإقليم صفقة خاصة بقيمة 3 مليارات دولار كندي كضريبة دخل يتوقع أن يفقدها الإقليم خلال عشر سنوات إذا ما تمت عملية الاستحواذ.

وقال ماكنزي خلال المقابلة: «إذا أعرضت عن مقترح كهذا، فهذا يعطي إشارة على أنك غير منفتح على النشاط التجاري، ويزيد من صعوبة جذب رؤوس أموال في المستقبل إلى كل من ساسكاتشوان وكندا، وستصعب على الشركات الكندية الاستثمار بالخارج».

يهيمن حزب هاربر المحافظ على 13 من بين 14 دائرة انتخابية وأي خسائر هناك في الانتخابات المستقبلية ستبعده عن الأغلبية البرلمانية. ويملك الحزب 142 مقعدا من مقاعد مجلس العموم الـ308 بفارق 12 مقعدا عن الأغلبية.

وقد شهدت بعض أضخم شركات المواد الطبيعية الكندية عمليات استحواذ من قبل شركات أجنبية خلال العقد الماضي. ففي عام 2006 قدمت شركة «إكستراتا» السويسرية عرضا ناجحا لشراء شركة «فالكون بريدج» لإنتاج النيكل، وفي الوقت الذي قامت فيه شركة «فالي سا» البرازيلية بشراء شركة «إنكو ليميتد» للتعدين، اشترت شركة «ريو تينتو» ومقرها لندن شركة «ألكان» منتج الألمونيوم، عام 2007.

وتعرضت شركة «يو إس ستيل كورب» الأميركية ملاحقة قضائية من الحكومة الكندية العام الماضي لفشل الشركة في الالتزام بتعهداتها التي قطعتها عام 2007 عندما استحوذت على شركة «ستيلكو»، المتخصصة في إنتاج الحديد.

عرض شراء شركة «بوتاش»، يعد ثالث عملية بمليارات الدولارات يفشل المدير التنفيذي لبي إتش بي، ماوريس كلوبرز في إنهائها.

وكانت «بي إتش بي» قد رفضت اقتراح شركة «ريو تينتو غروب»، ثالث أضخم شركة تعدين في العالم في عام 2008 نتيجة لتراجع الأسواق المالية والسلع.

وقالت الشركة في 18 أكتوبر إنهما تراجعتا عن خطة دمج عمليات استخراج الحديد بسبب المعارضة القوية في آسيا وأوروبا.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»