الجمهوريون يسعون إلى تغيير مهمة مصرف «الاحتياطي الفيدرالي»

مشرعان دعوا إلى إعادة تشكيل جوهرية للبنك المركزي

TT

دعا مشرعان جمهوريان نافذان الثلاثاء الماضي إلى إعادة تشكيل جوهرية لمهمة مصرف الاحتياطي الفيدرالي، مشيرين إلى ضرورة توقف المصرف المركزي عن محاولة خفض معدل البطالة، والتركيز عوضا عن ذلك على الحفاظ على انخفاض مستوى التضخم.

وقد ينهي الاقتراح الذي تقدم به كل من السيناتور بوب كروكر، عن ولاية تينيسي، والنائب مايك بينس، عن ولاية إنديانا، المهمة المزدوجة لمصرف الاحتياط الفيدرالي التي يمارسها منذ ثلاثة عقود، بناء على تكليف الكونغرس له بتحقيق الحد الأقصى للتوظيف واستقرار الأسعار في الوقت ذاته. وأوضح المشرعان أن القانون يفرز سياسة غير ناجعة، حيث على مصرف الاحتياطي الفيدرالي أن يوازن بين هدفين مختلفين، مشيرين إلى أنه من الأفضل للمصرف أن يواجه التضخم، بينما تعمل الجهات الأخرى في الحكومة والقطاع الخاص على خلق فرص عمل. وقال كروكر: «إتاحة الفرصة لمصرفنا المركزي بالتركيز على الحفاظ على مستوى التضخم المنخفض ستكون أفضل لأميركا من التوجه واسع النطاق المتبع حاليا». ويعد هذا الاقتراح، الذي قدمه بينس كمشروع قانون الأسبوع الحالي، آخر التطورات المفاجئة التي أعقبت قرار مصرف الاحتياطي الفيدرالي منذ أسبوعين بشراء سندات خزانة بقيمة 600 دولار في إطار جهود غير تقليدية لدعم النمو.

من جهته، أشار بين بيرنانكي، رئيس المصرف، إلى شراء السندات على أنه خطوة منطقية لإخفاق المصرف المركزي في جوانب من مهمته مع ارتفاع معدل البطالة والأسعار وعدم انخفاضهما إلى الحد غير الرسمي الذي حدده واضعو سياسة مصرف الاحتياط الفيدرالي. لكن البرنامج أثار انتقاد اقتصاديين ومسؤولين منتخبين، لخشيتهم أن يؤدي إلى ارتفاع مستوى التضخم أو إلى انخفاض سعر الدولار بشكل كبير.

وستجعل التغييرات التي اقترحها كروكر وبينس توجيهات مصرف الاحتياطي الفيدرالي تسير بموازاة التوجيهات التي تتبعها أغلب المصارف المركزية الأجنبية الأخرى، فالمصرف المركزي الأوروبي، على سبيل المثال، مسؤول عن الحفاظ على مستوى تضخم أدنى من 2 في المائة على الرغم من عدم تكليفه رسميا مواجهة البطالة.

وقالت متحدثة رسمية باسم مصرف الاحتياطي الفيدرالي الثلاثاء الماضي إن المصرف المركزي لا يسعى إلى تغيير مهمته، وإن السياسة الحالية «ملائمة». لكن بعض رؤساء فروع مصرف الاتحاد الفيدرالي الإقليمية أكثر انفتاحا على فكرة أفضلية تكليف المصرف المركزي مهمة محدودة النطاق، شأنه شأن المصارف المركزية الأخرى بالخارج.

من المتوقع أن يثير هذا التغيير جدلا وألا ينظر إليه مجلس الشيوخ، الذي سيظل تحت سيطرة الديمقراطيين إلى حين عقد أولى جلسات الكونغرس الجديد في يناير (كانون الثاني)، بجدية في ظل وجود معدل بطالة قدره 9.6%. وقال بارني فرانك، رئيس لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب، الاثنين الماضي، إن إدخال تغييرات على مهمة مصرف الاحتياطي الفيدرالي بمثابة «معركة أسخف» من أن يستأنفها الجمهوريون. وأضاف بحسب «بلومبيرغ نيوز» قائلا: «فكرة عدم اكتراث مصرف الاحتياطي الفيدرالي بالبطالة فكرة رهيبة تقوض الاقتصاد».

ويأتي موقف كروكر بعد اجتماع مغلق مع بيرنانكي الاثنين الماضي والذي اطلع خلاله رئيس مصرف الاحتياطي الفيدرالي السيناتور كروكر على برنامج شراء السندات.

وقال كروكر في بيان صحافي: «استفسر كروكر في هذا الاجتماع من بيرنانكي، رئيس المصرف، عن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها مصرف الاحتياطي الفيدرالي، وبعد بحث ومناقشة طويلة أصبح كروكر يعتقد أن الوقت قد حان لتوجيه مهمة مصرف الاحتياطي الفيدرالي نحو التركيز فقط على استقرار الأسعار». ويعود تاريخ المهمة الثنائية لمصرف الاحتياطي الفيدرالي إلى قانون هامفري - هاوكينز للتوظيف الكامل عام 1978، ويمكن لهذه المهمة الثنائية أن تسبب أحيانا ارتباكا للمصرف المركزي. على الرغم من أن استقرار الأسعار يمكن أن يدعم سلامة سوق العمل على المدى الطويل، ولكنه يمكن أن يحدث تضاربا بين الهدفين على المدى القصير. وعلى سبيل المثال، كان معدل التضخم مرتفعا للغاية خلال النصف الأول من عام 2008، نتيجة لارتفاع سعر الطاقة وأسعار سلع أخرى، لكن كانت حالة سوق العمل تتجه نحو الأسوأ مع زيادة تسريح العاملين. وخفض بيرنانكي وزملاؤه معدلات الفائدة، في محاولة لمعالجة التدهور الاقتصادي، بينما ركز المصرف المركزي الأوروبي فقط على التضخم ورفع معدلات الفائدة لاحتواء ارتفاع الأسعار.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»