وفد المفوضية وصندوق النقد يدرس اليوم احتياجات مصارف آيرلندا

بينما أجازت أوروبا خطة لتشديد الرقابة على المصارف

وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن (يمين) أثناء اجتماعات الاتحاد الأوروبي لمعالجة أزمة الديون (أ.ب)
TT

بعد ستة أشهر من التدخل لإنقاذ اليونان باتت ايرلندا قريبة على الأرجح من الحصول على مساعدة دولية لدعم مصارفها التي تعاني من صعوبات جدية تحت ضغط منطقة اليورو التي تجتهد في الخروج من الأزمة. ويصل وفد خبراء من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي اليوم إلى دبلن لتقييم الوضع وحجم المساعدات الضرورية.

وأوضح وزير المالية الايرلندي براين لنيهان أمس أن الوفد سيعكف على «درس المشكلات البنيوية في المصارف الايرلندية على ضوء الضغوط الأخيرة في الأسواق وتقييم ما ينبغي عمله»! غداة اتفاق في هذا الصدد مع زملائه في منطقة اليورو في بروكسل. ولم تحدد أي مهلة لكن لنيهان أكد أن المناقشات تكتسي طابعا «عاجلا». وأعرب وزراء مالية منطقة اليورو وصندوق النقد مساء أول من أمس عن استعدادهم لمساعدة ايرلندا إذا دعت الحاجة في حين تؤثر اضطرابات الأسواق على الاستقرار النقدي في الاتحاد الأوروبي. والهدف هو إعداد برنامج لمساعدة القطاع المصرفي الذي يعتبر نقطة الضعف في اقتصاد الجزيرة.

وأوضح رئيس مجموعة وزراء مالية منطقة اليورو جان كلود يونكر أن الحكومة الايرلندية ستقرر «خلال الأيام المقبلة» ما إذا كانت ستطلب مساعدة مالية خارجية. غير أن البعض يرى في أن اللجوء إلى برنامج دعم دولي لا مناص منه.

وقال وزير المالية البلجيكي ديدييه ريندرس الذي تتولى بلاده حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي: «أظن أننا لن نتوصل إلى الخروج من هذا الوضع بدون مساعدة أوروبية» موضحا أن المساعدة «ستكون مشروطة بسلسلة من المطالب» بهدف «تحسين الوضع المالي» في ايرلندا. وفضلا عن منطقة اليورو أعربت المملكة المتحدة أيضا عن استعدادها للمشاركة في المساعدة إذا طلبتها دبلن وذلك رغم أنها ليست عضوا في منطقة اليورو. وأعلن وزير المالية البريطاني جورج اوزبورن على هامش اجتماع وزراء المالية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في بروكسل أن «ايرلندا أقرب جيراننا ومن مصلحة بريطانيا الوطنية أن ينجح الاقتصاد الايرلندي وأن يكون النظام المصرفي مستقرا وبالتالي فإن بريطانيا مستعدة لدعم ايرلندا». من جانبه أعلن مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية الأوروبي اولي رين أن «مناقشات» جارية حاليا حول احتمال مشاركة بريطانيا! مشددا من جانب آخر على أن الوضع في ايرلندا «خطير جدا جدا» وأنه «لا فائدة من تضييع الوقت». وقد أدت صعوبات البنوك في ايرلندا التي تعاني من انعكاسات أزمة عقارية وعجز عام هائل (32% من إجمالي الناتج الداخلي هذه السنة) خلال الفترة الأخيرة إلى ارتفاع معدلات فائدة قروض الدولة. وهي مشكلة تعاني منها دول أوروبية أخرى مثل البرتغال وإسبانيا.وإذا تقرر إعداد خطة مساعدة فإن ايرلندا ستتمكن من أن تعول على صندوق الاستقرار المالي الذي تأسس الربيع الماضي في منطقة اليورو إثر الأزمة اليونانية. وسيتمكن الصندوق من جمع الأموال في الأسواق بضمان من الدول الأعضاء في منطقة اليورو قد تصل إلى 440 مليار يورو.

وفي واشنطن عبر البيت الأبيض أمس عن الثقة في قدرة أوروبا على التغلب على أزمة الديون التي بدأت في اليونان وامتدت إلى دول أخرى مثل ايرلندا. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيبز للصحافيين «نواصل الاعتقاد - مثلما فعلنا في حالة اليونان - بأن أوروبا لديها القدرة على التعامل مع الأزمة في ايرلندا وربما في دول أخرى». وقال جيبز أيضا إن أزمة الديون في أوروبا ستكون أحد الموضوعات التي سيناقشها الرئيس الأميركي باراك أوباما أثناء حضوره اجتماع قمة حلف شمال الأطلسي في لشبونة يومي الخميس والجمعة. وستكون الحرب في أفغانستان الموضوع الرئيسي في قمة حلف الأطلسي.

إلى ذلك وافق وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي أمس على تشديد الرقابة على البنوك لكنهم تعثروا بشأن مسألة ضريبة القيمة في المضافة في القطاع المصرفي وتبادل المعلومات الضريبية بين الدول. ووافق الوزراء بالاجماع على خطة لإنشاء ثلاث هيئات رقابية جديدة في يناير «كانون الثاني» على البنوك وشركات التأمين والأسواق لتصحيح الاختلالات الناتجة عن الأزمة المالية. وسيكون هناك أيضا مجلس أوروبي جديد لتقييم المخاطر يستضيفه البنك المركزي الأوروبي لرصد المخاطر الأوسع نطاقا ومنعها من التحول إلى فقاعة للأصول تهدد الاستقرار. وقال ديدير ريندرز وزير مالية بلجيكا التي تتولي حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي «إنها حزمة هامة للغاية. إنها تعزيز لقيادة الاتحاد الأوروبي من حيث تنظيم الخدمات المالية».

ورغم ذلك سيحتاج الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى اتفاق حول ميزانيته للعام القادم للتأكد من تمويل الكيانات الجديدة. ووصلت المفاوضات بين مشرعي الاتحاد الأوروبي والحكومات حول ميزانية الاتحاد للسنة المالية 2011 إلى طريق مسدود يوم الاثنين الماضي. ووافق البرلمان الأوروبي - الذي له رؤية مشتركة مع الحكومات - بالفعل على إجراءات الرقابة.

ووافق الوزراء أيضا بصفة مبدئية على تشديد الإشراف اعتبارا من 2011 على المؤسسات المالية التي تمارس الأنشطة المصرفية والتأمين في عدة دول. وقالت المفوضية الأوروبية الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي والتي أعدت مسودة الإجراءات «سيجعل التشريع بمقدور المراقبين الماليين مراقبة البنوك وشركات التأمين في وقت واحد لمواجهة الثغرات التي كشفت عنها الأزمة المالية».وقال ريندرز إن دول الاتحاد ستسعى الآن للتوصل إلى اتفاق مع البرلمان الأوروبي للإسراع في تبني التشريع الجديد. لكن الوزراء اضطروا لتأخير الاتفاق على مشروع لتحسين تبادل المعلومات الضريبية بين دول الاتحاد وسط خلاف على مدى سرعة تبني الإجراءات الجديدة وإلى أي مدى ستذهب تلك الإجراءات. والإجماع مطلوب في جميع المسائل المتعلقة بالضرائب في الاتحاد الأوروبي.

وقال الجيرداس سيميتا المفوض الضريبي للاتحاد الأوروبي إن دول الاتحاد يجب أن تظهر قدرتها على مكافحة التهرب الضريبي بالموافقة على قوانين تتماشى مع المعايير العالمية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ولم يحقق الوزراء تقدما يذكر بشأن مشروع لإصلاح قوانين عمرها 30 عاما تمنع شركات الخدمات المالية من تحصيل ضريبة القيمة المضافة رغم مناقشة هذا الموضوع لمدة ثلاث سنوات. ولا تستطيع البنوك وشركات التأمين فرض ضريبة القيمة المضافة على مبيعاتها لكنها تضطر لدفعها على الخدمات التي تشتريها مما يضطرها إلى إضافتها إلى النفقات فيما تسميه المفوضية رسوما مخفية.