اكتتاب «جنرال موتورز» يفوق التوقعات.. السهم يبلغ 23 دولارا والشركة تجمع 23 مليار دولار

حصة دافعي الضرائب الأميركيين فيها تنخفض بمقدار النصف

المقر الرئيسي لشركة «جنرال موتورز» («الشرق الأوسط»)
TT

انخفضت حصة دافعي الضرائب الأميركيين في ملكية شركة «جنرال موتورز» أول من أمس بمقدار النصف وتمت إعادة مليارات الدولار التي دفعت في إطار عملية الإنقاذ إلى الحكومة الفيدرالية نتيجة للاكتتاب العام الأكبر حجما داخل البلاد.

ويعد هذا الاكتتاب، الذي تم من خلاله جمع 1.23 مليار دولار، أكبر وأكثر طموحا مما بدا ممكنا قبل ذلك. لكن يتعين على الشركة المصنعة للسيارات التي أفلست حديثا أن تعتمد على نهضتها وتساعد الحكومة على استعادة استثمارها البالغ 50 مليار دولار والتأكيد على صحة قرار إدارة أوباما بحماية «جنرال موتورز» من الانهيار.

وبدأ تداول الأسهم الجديدة الخميس الماضي بسعر 33 دولارا للسهم، وستحتاج وزارة الخزانة إلى بيع 500 مليون سهم تمتلكها بمتوسط سعر قدره 53 دولارا للسهم خلال الأشهر والسنوات المقبلة كي تنهي الأمر بلا مكاسب ولا خسائر. ومن المحتمل أن تحافظ الإدارة على نفوذها الكبير على الشركة، لكن ربما لا تستطيع الاستمرار في زيادة تحمس المستثمرين لأسهم «جنرال موتورز» خلال الأيام الأخيرة.

والآن بعدما أظهرت «جنرال موتورز» قدرتها على تحقيق أرباح، يمكن للحكومة أن تنفض يدها عنها تماما خلال العامين المقبلين. وتتخلص «جنرال موتورز» من خلال هذا الاكتتاب من علاقاتها بالحكومة على نحو أسرع مما كان متوقعا، حيث خفضت حصة وزارة الخزانة من 61 في المائة إلى 26 في المائة.

وقال الرئيس الأميركي أوباما الأربعاء الماضي إن «الاكتتاب يعد استكمالا لالتزامنا بالانسحاب من هذا الاستثمار مع حماية دافع الضرائب الأميركي».

وأوضحت الإدارة أن إنقاذ «جنرال موتورز» لم يكن يتعلق بإنقاذ شركة واحدة، بل بشبكة كاملة من الأعمال المرتبطة بوضعها. وأصدر مركز أبحاث السيارات الذي لا يهدف للربح الأربعاء الماضي دراسة توضح أن مساعدة الحكومة لـ«جنرال موتورز» قد أنقذت أكثر من 1.1 مليون وظيفة عام 2009 و314.000 وظيفة العام الحالي وهو أعلى رقم تم تسجيله حتى الآن.

لقد حدثت انتعاشة كبرى في قطاع صناعة السيارات الأميركية بعد مرور 17 شهرا على بدء «جنرال موتورز» إجراءات الحماية من الإفلاس. ويرى مشاركون في عملية الاكتتاب، التي صمتت لتكون خاصة، أن جهودهم كانت سببا في الأرباح في سعر سهم شركة «فورد موتورز». وقد قامت شركات مصنعة للسيارات مثل «جنرال موتورز» و«فورد»، التي يراها كثيرون مغرورة وغير قادرة على مواجهة منافسين أجانب أقل ذكاء مثلما حدث العام الماضي، بتحسين عملياتها من خلال الضغط للحصول على كفاءة أكبر وتقليل التكاليف.

وأثبت طلب المستثمرين، خلال سلسلة من الجولات حول العالم استغرقت أسبوعين لتعزيز الاكتتاب قوته، حيث اختار مسؤولو الحكومة واتحاد عمال السيارات، الذي يعد من أكبر حاملي الأسهم، بيع عدد من الأسهم أكبر مما كانوا يخططون له. وحصلت «جنرال موتورز» على 1.18 مليار من بيع الأسهم العادية وعلى 5 مليارات دولار من بيع الأسهم المفضلة.

وجاء بيع الأسهم بعد أشهر من مناقشات كانت صعبة أحيانا بين الشركة ووزارة الخزانة أدارها مسؤولون مثل رون بلوم، مصرفي الاستثمار السابق، ودارت حول حصة الأسهم التي ستباع وسعرها. لطالما كان التخلص من وصف «موتورز الحكومية» هدفا من الأهداف المهمة لـ«جنرال موتورز» التي تصر على أن ذلك يضر بمبيعات السيارات.

وللحكومة متطلبات أكبر، حيث كان وعدها بإنقاذ الشركة المصنعة للسيارات لا يتعلق بتحقيق أرباح، لكن بالحفاظ على الوظائف. ولكن، تواجه ضغط تخفيض الخسائر إلى الحد الأدنى أو جني أرباح من خلال بيع أسهمها بسعر مرتفع يحقق ذلك. وقد استعادت الحكومة بالفعل أكثر من 4.7 مليار من «جنرال موتورز» شاملة فوائد وأرباحا على الأسهم.

وقال مسؤولون رفيعو المستوى في الإدارة الأميركية مساء الأربعاء إنهم قد عملوا مع «جنرال موتورز» وضامنيها عن كثب في اعتماد سعر الـ33 دولارا للسهم. ويجب الآن على وزارة الخزانة الانتظار ستة أشهر قبل أن تستطيع بيع المزيد من الأسهم. ومن المتوقع أن تبيع الحكومة المزيد من الأسهم العام المقبل، بحسب تقديرات مصادر مطلعة على الأمر بشكل مباشر وغير مخول لها مناقشته.

ولدى مسؤولي الحكومة والشركة من الأسباب ما يجعلهم واثقين من أنفسهم، فقد تحررت «جنرال موتورز» من الكثير من دينها ونفقاتها الكبيرة وحققت أرباحا هذا العام، حيث جنت 2.4 مليار دولار خلال الثلاثة أرباع الأولى من العام الحالي. ورغم تخلص الشركة من أربعة موديلات من مجموع ثمانية بسبب الإفلاس، تمكنت من تثبيت سعر السهم في السوق الأميركية عند 19 في المائة والاستمرار في الاستثمار في سيارات جديدة.

وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية خلال مكالمة جماعية مساء الأربعاء: «اعتقد الكثير من النقاد أنها لن تخرج من هذا المأزق أبدا أو ستخرج مصابة».

وقال إدوارد وايتاكر، المدير التنفيذي لشركة «جنرال موتورز»، الصيف الماضي إنه يفضل بيع الحكومة لأسهمها دفعة واحدة. ولكن من المستحيل حدوث ذلك، نظرا لحجم الأسهم التي تمتلكها وزارة الخزانة بحسب المصادر المشاركة في هذه العملية. وتطورت وجهة نظر الحكومة حول كمية الأسهم التي ستباع، حيث بدأت الحكومة ترى فرصة للانسحاب من الاستثمار في «جنرال موتورز» سريعا، بينما تجني أقصى حد من الأرباح من بيع الأسهم.

وقال أحد المصرفيين المشاركين في هذه العملية: «بدأت الحكومة تفكر مثل شركة أسهم خاصة». (دانييل أكيرسون، المدير التنفيذي الحالي لشركة «جنرال موتورز» هو المدير التنفيذي السابق لـ«كارلايل غروب» وهي شركة أسهم خاصة).

وعندما بدأت «جنرال موتورز» الجديدة نشاطها في البورصة الخميس الماضي باسمها القديم «جنرال موتورز» في بورصة نيويورك وباسمها الجديد «جنرال موتورز دي ميكسيكو» في بورصة تورنتو، ستكون مجموعة كبيرة من المستثمرين حائزين على أسهمها بدءا من الصناديق المشتركة إلى صناديق التحوط وصولا إلى صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط وآسيا. (لا يزال يتم تداول أسهم «جنرال موتورز» القديمة بمقابل زهيد ولا قيمة لها بالأساس).

وافقت شركة «جنرال موتورز» على بيع حصة مقدارها واحد في المائة إلى شركة «شنغهاي أوتوموتيف إنداستري موتور» وهي شريك رئيسي في الشركة بالصين بحسب بعض المصادر المطلعة. وأشارت أيضا إلى تخصيص الجزء الأكبر من أسهم «جنرال موتورز» إلى مؤسسات تمثل مستثمري التجزئة الأميركيين، تنفيذا لتكليف ضمني من وزارة الخزانة. وكان هدف هذه الخطوة إلى حد ما تقليل حدة انتقاد استبعاد دافعي الضرائب من ارتفاع كبير في أسهم «جنرال موتورز» على حد قول مسؤولي الشركة والحكومة. (قال الكثير من المشاركين في هذا الاكتتاب إنهم يتوقعون ارتفاع سعر السهم من 10 إلى 20 في المائة الخميس الماضي مثلما يحدث في أي اكتتاب أولي).

وبدأت الشركة بقيادة فريق إدارة جديد نسبيا، حيث شغل أكيرسون منصب المدير التنفيذي لثلاثة أشهر فقط، جولة حول العالم لمدة أسبوعين لجذب الانتباه إلى الشركة. وأحاط تنبؤات وردية بخصوص سعر سهم «جنرال موتورز» الذي بدأ بـ26 دولارا ثم وصل إلى 29 دولارا، حيث انهالت الطلبات على الضامنين مما أدى إلى اتخاذ قرار برفع سعر السهم بما يتراوح ما بين 32 دولارا و33 دولارا على حد قول مصادر مشاركة في الاكتتاب.

وربما يدعم سعر الاكتتاب الذي ارتفع على نحو غير متوقع موقف البنوك الضامنة، التي كانت أحيانا في خلاف مع الحكومة حول أمور أخرى. ولن يحصل الضامنون بقيادة «مورغان ستانلي» و«جي بي مورغان تشيز» مع لعب كل من «بنك أوف أميركا» ومجموعة «سيتي غروب» أدوارا كبيرة، على الكثير من الاكتتاب. ويستعد الضامنون الأساسيون، بحسب مصادر مطلعة، للحصول على نحو رسم نسبته 0.75 في المائة وهو ما يعد نسبة ضئيلة طبقا لمعايير المصرفيين.

* خدمة «نيويورك تايمز»