المستثمرون يراهنون على «أزمة ديون» في البرتغال وإسبانيا واليونان

الأزمة تتفاعل بعد حزمة إنقاذ آيرلندا

TT

اتجهت أنظار المستثمرين أمس إلى البرتغال وإسبانيا واليونان التي تواجه صعوبات مالية قد تعوق وفاءها بالتزامات مالية لسندات ديون سيادية تم استحقاق سدادها. يحدث ذلك في وقت واصلت العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) تراجعها أمام الدولار الأميركي في التعاملات الأوروبية صباح أمس الثلاثاء. وسجل اليورو 1.3560 دولار، بانخفاض مقداره نصف سنت عن التعاملات مساء أمس الأول الاثنين وبلغت قيمة الدولار 0.7375 من اليورو. وكان البنك المركزي الأوروبي قد حدد السعر الاسترشادي لليورو يوم الاثنين بـ1.3647 دولار مقابل 1.3674 دولار يوم الجمعة الماضي. وفي لندن تواصل إنخفاض الدولار فيما سجلت الأسهم الأميركية إنخفاضا مع تحسن طفيف في سعر الذهب. وعلى الرغم من حالة الارتياح التي سادت أسواق العملات يوم الاثنين في أعقاب الإعلان عن خطط لإنقاذ آيرلندا من أزمتها المالية ورفعت سعر اليورو في بدايات جلسات الاثنين، فإنها تبخرت في ختام التعاملات وسيطرت حالة التشاؤم والتشكك من جديد على التعاملات؛ نظرا لعدم صدور تفاصيل حول خطط تقديم المساعدات لآيرلندا. وجاءت مساعدة آيرلندا وسط ضغوط سياسية تهدد مستقبل بقاء رئيس الوزراء الآيرلندي برايان كوين الذي أعلن يوم الاثنين اعتزامه حل البرلمان الآيرلندي مطلع العام الجديد بعد إقرار خطة التقشف المقرر عرضها على السلطة التشريعية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وقال محللون: إن المستثمرين يتجهون الآن إلى المراهنة على انهيار الدول الأوروبية صاحبة العجز المرتفع، التي تعتمد في تمويل إنفاقها على الاستدانة، خاصة تلك التي لديها حجم كبير من السندات السيادية التي تم استحقاقها. ومن بين هذه الدول: البرتغال واليونان وإسبانيا، وربما إيطاليا.

كانت البرتغال قد وعدت بخفض العجز في الميزانية إلى 7.3% كنسبة من إجمالي الناتج المحلي هذا العام وإلى 4.6% في العام المقبل 2011 مقارنة بنسبة العجز التي بلغت 9.3% العام الماضي، الذي يعتبر رابع أكبر عجز في منطقة اليورو. وفي أعقاب أزمة ديون آيرلندا تتوجه أنظار المستثمرين إلى البرتغال التي لم تخفض بعدُ حجم الإنفاق الحكومي ولم تحقق نموا يذكر خلال العقد الماضي.

وقدر مسؤولون أوروبيون أمس حزمة المساعدات التي يتفاوض عليها الصندوق والإتحاد الأوروبي مع الحكومة الأيرلندية بحوالى 85 مليار يورو» حوالى 114 مليار دولار». منها 35 مليار يورو لإنقاذ البنوك و50 مليار يورو لتمويل الإنفاق الحكومي. ويقول محللون: إن إنقاذ البرتغال سيضع ضغوطا على إسبانيا التي تملك هي الأخرى معدلا مرتفعا من العجز في الميزانية ويبلغ حجم الناتج المحلي الإسباني ضعف إجمالي الناتج المحلي في كل من البرتغال واليونان وآيرلندا. ويقول أنتونيو غارسيا باسكال، من مصرف «باركليز كابيتال»: إن السؤال الذي يدور في الأسواق هو إنقاذ البرتغال، وبعد إنقاذ البرتغال ستكون إسبانيا وبعد إسبانيا إيطاليا ثم فرنسا ثم المجموعة بأكملها. ويضيف: «إن اقتصاد إسبانيا كبير الحجم وإن إنقاذها ربما يأخذ كل أموال صندوق الطوارئ الأوروبي».

وفي سوق السندات السيادية، تهاوت أمس السندات السيادية الآيرلندية أجل 10 سنوات؛ حيث ارتفع العائد 20 نقطة أساس مئوية «0.02%» إلى 8.51%. وارتفع العائد على السندات البرتغالية 7 نقاط أساس «0.07%» إلى 6.88% بينما كسبت السندات الإسبانية 11 نقطة أساس لترتفع إلى 4.82%، الأعلى منذ يونيو (حزيران) الماضي. ونسبت وكالة بلومبيرغ إلى جيم أونيل، رئيس إدارة الموجودات بمصرف «غولدمان ساكس»، قوله: «إن إسبانيا والبرتغال تسعيان إلى النأي بنفسيهما عن أزمة آيرلندا، ولكن لا أعرف كيف يمكنهما فعل ذلك، هنالك مشكلات جذرية في منطقة اليورو». من جانبها، قالت دي آن جوليوس، إحدى صناع السياسة سابقا في مصرف إنجلترا المركزي وترأس حاليا معهد الدراسات الاستراتيجية «تشتهام هاوس»: من المحتمل أن يحول المستثمرون أنظارهم إلى دول البحر المتوسط «أعتقد أننا سنرى تحولا في مشكلة السيولة من آيرلندا إلى البرتغال، والموضوع الحقيقي هو ما إذا كانت المشكلة ستنتقل إلى إسبانيا». ومن المعتقد أن يكون حجم إنقاذ آيرلندا مقاربا لحجم إنقاذ اليونان، ولكن إسبانيا تواجه حجما من السندات يصل إلى أكثر من 150 مليار يورو حان وقت سدادها، وذلك إضافة إلى تمويل العجز في الميزانية. وفي حال احتياج إسبانيا إلى إنقاذ فإن المبالغ التي ستحتاجها ستأكل معظم أموال صندوق الطوارئ التي رصدها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبالغة 750 مليار يورو.

وفي برلين، أكد وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله أن مساعدة آيرلندا للخروج من عثرتها المالية تسهم بقدر كبير في الحفاظ على العملة الأوروبية اليورو. وقال الوزير، أمس الثلاثاء خلال مناقشة ميزانية العام المقبل في البرلمان الألماني: إن مساعدة دبلن ترتبط بالمصلحة المشتركة في الدفاع عن اليورو. وحذر الوزير من خطورة فشل عملية إنقاذ آيرلندا ماليا، مشيرا إلى التداعيات الخطيرة التي قد تصيب الاقتصاد الألماني. وأوضح الوزير شويبله أن تقدم آيرلندا بطلب للحصول على مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي يؤكد استمرار تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.

وفي أثينا حصلت اليونان أمس على الضوء الأخضر لتلقي دفعة جديدة من حزمة المساعدات المالية. وذكر خبراء الرقابة في صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي أن اليونان ستحصل على الدفعة الجديدة من القروض، بقيمة 9 مليارات يورو، حتى موعد أقصاه منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل. كانت الجهات المانحة الثلاث قد أقرت حزمة مساعدات مالية لليونان بقيمة 110 مليارات يورو حتى عام 2013 لإنقاذها من أزمتها المالية الطاحنة عبر تحويلات مالية مرة كل 3 شهور.

يُذكر أن الحكومة اليونانية، برئاسة جورج باباندريو، تنفذ منذ 13 شهرا برنامجا متشددا للتقشف قوبل بموجة كبيرة من الاحتجاجات بين المواطنين.