انخفاض كبير في أسهم بنوك آيرلندا قبيل خطة حكومية لشراء حصص رئيسية فيها

وسط تكهنات برفع معدل الكفاية

برايان كوين رئيس وزراء أيرلندا يشرح خطة بلاده (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي بدأت فيه آيرلندا أمس مناقشة خطة إنقاذ قيمتها 85 مليار يورو (نحو 133 مليار دولار)، ارتفعت أسعار التأمين على سندات الديون الأوروبية وتواصل التدهور في سوق الأسهم الآيرلندية، خاصة أسهم المصارف التي من المتوقع أن تتملك الحكومة حصصا رئيسية فيها عبر ضخ قرابة 35 مليار يورو في رأسمالها، ضمن خطة واسعة لإنقاذها من الانهيار. وقالت آيرلندا أمس إنه لم يتم تحديد رقم نهائي بشأن حزمة مساعدات مقترحة لها من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، لكنها قالت إنه جرت مناقشة مساعدات بقيمة 85 مليار يورو «114 مليار دولار». وقال رئيس الوزراء الآيرلندي بريان كوين للبرلمان: «لم يتم تحديد حجم أي برنامج، لكن جرت مناقشة مبلغ قدره 85 مليار يورو. المفاوضات مستمرة.. تمضي المحادثات بأسرع ما يمكن، لكن علينا النظر في كيفية إنجازها قبل أن يتسنى للحكومة بحث الأمر أكثر من ذلك».

من ناحية أخرى، ذكرت صحيفة «إندبندنت» الآيرلندية، أمس، أنه يمكن ضخ المزيد من السيولة في بنوك آيرلندا المتداعية مطلع الأسبوع المقبل على أقرب تقدير مع استعداد الدولة للسيطرة على جميع البنوك في إطار خطة الإنقاذ الدولية.

وذكرت صحيفة «تايمز» الآيرلندية أيضا أن آيرلندا يمكن أن تفرض ضريبة على البنوك كشرط للإنقاذ ولحل مأزق بشأن ضرائب الشركات المنخفضة في البلاد. وقال مسؤولون آيرلنديون إنهم يرغبون في زيادة كبيرة في رأسمال البنوك، ومن المتوقع أن يلزموها بالاحتفاظ بمستوى رأسمال أول بنسبة 12 في المائة، بينما يمنحها حماية أكبر من منافسيها العالميين لمقاومة الصدمات المستقبلية.

وفي دبلن، انخفضت أسهم البنوك الآيرلندية أمس لليوم الثالث على التوالي مع استعداد الحكومة الآيرلندية ضخ أموال جديدة في رساميلها مقابل تملك حصص رئيسية فيها، حيث فقد سهم «بنك أوف آيرلندا»، أكبر البنوك الآيرلندية، أمس 24% من قيمته لينخفض إلى 22.7 سنت. وانخفض سعر سهم مصرف «اللايد أيريش بنك»، ثاني أكبر البنوك التجارية، إلى 12% إلى 29 سنتا. بينما انخفض سعر سهم مجموعة «أيريش لايف آند بيرمنانت جروب هولدينجز» 18% إلى 62 سنتا. وهو المصرف الوحيد الذي لا يحتاج إلى دعم حكومي، حسب تقارير شركات تدقيق الحسابات الآيرلندية. وقالت تقارير، أمس، إن الحكومة الآيرلندية ستسعى إلى رفع مستويات رأسمال البنوك الآيرلندية من الشريحة الأولى إلى معدلات تتراوح بين 10.5 إلى 12.00%.

ومن المرجح أن يتم إصدار خطاب نوايا رسمي من صندوق النقد إلى الحكومة مطلع الأسبوع المقبل يشتمل على التفاصيل النهائية للاتفاق. وخفضت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني أمس تصنيفها لديون آيرلندا، قائلة إن «البلاد بصدد الاقتراض بأكثر من المتوقع من أجل ضخ مزيد من الأموال في البنوك».

وخفضت الوكالة تصنيفها الائتماني لديون آيرلندا السيادية على المدى الطويل من درجة «إيه» إلى «إيه إيه»، كما وضعتها على درجة «مراقبة الائتمان» التي تعني إمكانية إجراء خفض آخر للتصنيف الائتماني. وتأتي الخطوة بعد أن تقدمت آيرلندا رسميا للحصول على مساعدة مالية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد.

ومن المتوقع على نطاق واسع إجراء زيادات ضريبية كبيرة ورسوم جديدة على العقارات لتشكل جزءا من الخطة الاقتصادية الرباعية للحكومة التي من المقرر نشرها لاحقا. كما أنه من المتوقع أن تشتمل استراتيجية الموازنة لأربعة أعوام وتأتي في 150 صفحة على استقطاعات في مبالغ الرعاية الاجتماعية. ومن المفهوم أن الحكومة سوف تسعى لاستعادة 10 ملايين يورو من خلال خفض الإنفاق والحصول على 5 مليارات أخرى من خلال زيادة الضرائب خلال السنوات الأربع المقبلة. ومن المتوقع أن يتم استهداف معظم مجالات الإنفاق العام.

وحسب تقارير إعلامية غربية، باتت الحكومة الآيرلندية في موقف حرج، ويهيب رئيس الوزراء بريان كوين بالمعارضة المساعدة في إقرار ميزانية عام 2011 في السابع من ديسمبر (كانون الأول)، قبل أن يدعو إلى انتخابات مبكرة. ويواجه كوين بالإضافة إلى الاستياء الشعبي من تعامله مع مسألة الإنقاذ، ضغطا سياسيا شديدا، حيث تطالبه المعارضة بالتنحي. وقدم أحد الأحزاب الآيرلندية الصغيرة يوم الثلاثاء الماضي طلبا بحجب الثقة عنه.

وقال المفوض الأوروبي للشؤون النقدية أولي رين للصحافيين في ستراسبورغ، بعد اجتماع مع الأعضاء الآيرلنديين في البرلمان الأوروبي: «الاستقرار مهم». وأضاف: «ليس لنا موقف في ما يتعلق بالسياسات الديمقراطية الداخلية لآيرلندا، لكن من الضروري إقرار الميزانية في الموعد، وسنكون قادرين على إتمام المفاوضات بشأن برنامج الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، في الموعد». وسبق أن أكد وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن، أن إنفاق مليارات الجنيهات للمساعدة على إنقاذ الاقتصاد الآيرلندي يصب في المصلحة الوطنية لبريطانيا. وكشف أوزبورن أن بريطانيا تعتزم تقديم قرض ثنائي إلى آيرلندا لمساعدتها على الخروج من أزمتها الاقتصادية لكن بشكل مستقل عن حزمة الإنقاذ الأوروبية، مشيرا إلى أن بلاده ستنفق نحو 7 مليارات باوند. وأوضح أن آيرلندا تعتبر أقرب اقتصاد إلى بريطانيا، مؤكدا أن من مصلحة بلاده الوطنية أن تكون جزءا في الجهود الدولية لإنقاذ الاقتصاد الآيرلندي.

من جانبه، أعرب وزير المالية البلجيكي دايدير ريندير عن استعداد بلاده للمساهمة بمليار يورو للحزمة المالية التي يعدها الاتحاد الأوروبي لإنقاذ اقتصاد آيرلندا الذي يعاني مشكلات كبيرة حاليا. وأضاف ريندير في حديث لوسائل الإعلام البلجيكية أن المليار يورو «عبارة عن قرض مالي يجب على آيرلندا دفعه مع فوائد». وأوضح أن «القرض ربما يكون أكثر من مليار يورو، ولكن في النهاية على آيرلندا دفعه مع الفوائد»، مؤكدا أن دافعي الضرائب البلجيكيين لن يتأثروا سلبا من هذا القرض.