أوروبا تتجه للاتفاق على آلية دائمة لحل الأزمات كبديل لصندوق الطوارئ

المستثمرون متخوفون من تحمل جزء من الخسائر في حال الانهيارات المالية

TT

بينما استقرت أسعار صرف اليورو أمس، قالت كريستين لاجارد، وزيرة الاقتصاد الفرنسية، أمس، إن آلية حل الأزمات التي تأمل دول منطقة اليورو الموافقة عليها بحلول منتصف 2013، ينبغي أن تطبق على أساس كل حالة على حدة وأن تعكس تماما معايير صندوق النقد الدولي لضمان معاملة المستثمرين على قدم المساواة. وتسعى الحكومات الأوروبية لإقامة الآلية التي أشارت إليها لاجارد كنظام أكثر استدامة يحل محل ذلك النظام الذي تم العمل به بعد اندلاع أزمة ديون اليونان في وقت سابق هذا العام، ويوشك أن يستخدم لإنقاذ آيرلندا.

وقالت لاجارد أمام لجنة برلمانية فرنسية في جلسة استماع حول المضاربة في السوق: «ينبغي أن تنفذ الآلية على أساس كل حالة على حدة إذا تم تطبيقها على القطاع الخاص». وأضافت: «من المفضل لنا أن تتطابق قواعد الآلية تماما مع معايير صندوق النقد الدولي لتفادي معاملة المقرضين بشكل مختلف». وتابعت: «تحتاج المعايير والشروط لأن تكون متماثلة». ويذكر أن الأسواق المالية أصيبت بفزع من إصرار ألمانيا على فكرة ما يسمى بـ«خصم من القيمة السوقية» للسندات التي يحوزها مستثمرو القطاع الخاص في أي آلية إنقاذ مستقبلية في منطقة اليورو، ولذا تراقب الأسواق عن كثب تصريحات صانعي السياسة. وحول التكهنات بشأن امتداد أزمة الديون إلى دول أخرى في أوروبا، قالت المفوضية الأوروبية إنه ليست هناك محادثات بشأن طلب مساعدة مالية تقدمت بها أي دول من الاتحاد الأوروبي. وسئل المتحدث باسم المفوضية أماديو التافاج خلال مؤتمر صحافي إن كانت تسهيلات التمويل الطارئ في الاتحاد الأوروبي «الدعائم المالية قائمة وتمويلها جيد وهي جاهزة للاستخدام عند الضرورة وعند الطلب. ليست هناك محادثات في الوقت الراهن بهذا الصدد».

وفي أسواق الصرف، استقر سعر صرف العملة الأوروبية اليورو أمام الدولار الأميركي فوق مستوى 1.33 دولار في مستهل التعاملات الأوروبية أمس. وسجل اليورو 1.3320 دولار، وهو نفس السعر المسجل مساء يوم الأربعاء، كما بلغت قيمة الدولار 0.7508 من اليورو، بينما حدد البنك المركزي الأوروبي السعر الاسترشادي لليورو أمس بـ1.3469 دولار مقابل 1.3647 دولار يوم الثلاثاء الماضي. وأكد المتعاملون أن اليورو تأثر سلبا بأزمة ديون آيرلندا وخسر نحو 5 سنتات من قيمته منذ مطلع الأسبوع الحالي. وذكر مصرف «كومرتس بنك» الألماني أن الشكوك حول قدرة حزمة الإنقاذ الأوروبية في التغلب على المشكلات المالية لبعض دول منطقة اليورو وراء تراجع قيمة العملة الأوروبية الموحدة. وكان أكسل فيبر، رئيس البنك المركزي الألماني (البوندسبنك)، أكد في باريس مساء أمس أن قيمة حزمة الإنقاذ البالغة 750 مليار يورو قابلة للزيادة للتغلب على الأزمات المالية المحتملة في منطقة اليورو، في إشارة إلى طمأنة الأسواق أن أوروبا قادرة على التعامل مع الأزمات.

وفي أسواق الأسهم، واصلت الأسهم الأوروبية أمس الخميس مكاسبها في الجلسة السابقة مع تزايد إقبال المستثمرين على المخاطرة بدعم من الإغلاق القوي لـ«وول ستريت» وارتفاع الأسهم الآسيوية عقب بيانات اقتصادية أميركية مشجعة. وفي الساعة 0813 بتوقيت غرينتش، ارتفع مؤشر يوروفرست 300 لأسهم كبرى الشركات الأوروبية 0.2 في المائة إلى 1090.03 نقطة بعد صعوده بنسبة واحد في المائة في الجلسة السابقة. وقال كوين دو ليوس، الخبير الاستراتيجي لدى «كيه بي سي سيكيوريتيز»، أن الأسواق تحصل على بعض الدعم من البيانات الأميركية الجيدة لإنفاق المستهلكين وطلبات إعانة البطالة وثقة المستهلكين التي جاءت أفضل من المتوقع، إلا أن عدم اليقين لا يزال موجودا». وأضاف: «الأسواق في حالة تقلب، هنالك إحباط بسبب تزايد عدوى أزمة الديون في أوروبا». وكانت أسهم شركات التعدين بين أكبر الرابحين في أسواق الأسهم بدعم من الآمال في أن الانتعاش الاقتصادي سيزيد الطلب على المواد الخام. وارتفع مؤشر ستوكس يوروب 600 لأسهم شركات الموارد الأساسية 90.9 في المائة، في حين زاد سهم أكستراتا 0.6 في المائة. وارتفع مؤشر «فايننشيال تايمز 100» البريطاني 0.1 في المائة، كما زاد مؤشر داكس الألماني 0.1 في المائة.

وفي أسواق الطاقة، تراجعت أسعار النفط الأميركي للعقود الآجلة قليلا في التعاملات الآسيوية أمس، بعد أن صعدت بأكثر من 3 في المائة في الجلسة السابقة مدعومة ببيانات قوية للاقتصاد الكلي في أميركا، لكن استمرار المخاوف بشأن ديون أوروبا ما زال يؤثر سلبيا على مختلف الأسواق المالية. ويتعرض النفط لضغوط أيضا بعد بيانات حكومية أظهرت زيادة مفاجئة في مخزونات الخام في أميركا الأسبوع الماضي. وتراجع الخام الأميركي الخفيف للعقود تسليم يناير (كانون الثاني) 18 سنتا إلى 83.63 دولار للبرميل بحلول الساعة 0505 بتوقيت غرينتش، بعد أن أنهى الجلسة السابقة في بورصة نيويورك التجارية «نايمكس»على مكاسب بلغت 2.61 دولار أو 3.2 في المائة، وهي أكبر زيادة ليوم واحد من حيث النسبة المئوية في أربعة أشهر. وانخفض خام القياس الأوروبي مزيج برنت 23 سنتا أو 0.27 في المائة إلى 85.61 دولار للبرميل. وكشفت آيرلندا يوم الأربعاء عن خطة تقشف طموحة لمعالجة أزمة ديونها والحصول على حزمة مساعدات دولية، لكن مسؤولين أرسلوا إشارات متباينة بشأن هل أزمة الديون الآيرلندية قد تمتد إلى أعضاء آخرين في منطقة اليورو أو تعرض للخطر العملة الأوروبية الموحدة. وكانت استعار النفط قد هوت إلى أدنى مستواها هذا العام تحت 65 دولارا للبرميل في مايو (أيار) عندما تسببت أزمة ديون اليونان في تقويض الثقة بانتعاش الاقتصاد العالمي. لكن الأسعار تعافت في ما بعد لتصل إلى أعلى مستوى لها في عامين عندما سجلت 88.63 دولار في الحادي عشر من نوفمبر (تشرين الثاني).

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تراجع النفط مقتربا من 80 دولارا للبرميل بعد القصف المدفعي الكوري الشمالي لجزيرة كورية جنوبية والذي عزز قيمة الدولار، وقلل إقبال المستثمرين على المخاطرة في أسواق السلع الأولية.