آيرلندا تسابق الزمن لإكمال اتفاقية الإنقاذ اليوم

اسبانيا وجلة ومخاوف من انهيار البنوك إذا تأخر الاتفاق

وزيرة الاقتصاد الإسبانية إلينا سالغادو تبدو وجلة من المستقبل القاتم الذي يواجه بلادها أثناء مؤتمر في مدريد «رويترز»
TT

يسابق المسؤولون في آيرلندا الزمن لإكمال حزمة الإنقاذ قبل انهيار المصارف التجارية في آيرلندا عند فتح الأسواق يوم الاثنين المقبل. ويسعى المسؤولون الآيرلنديون إلى إكمال اتفاق الإنقاذ اليوم. ويذكر أن أسهم البنوك التجارية في آيرلندا انخفضت بمعدلات كبيرة فيما قال محللون إن المصارف قد لا تتمكن من الإيفاء بسداد السندات المستحقة إذا تأخر الاتفاق.

وانخفض اليورو إلى أقل مستوى له في شهرين أمام الدولار أمس الجمعة إذ أثار تزايد التكهنات بأن البرتغال ستقتفي أثر آيرلندا وتطلب مساعدة مالية مخاوف المستثمرين القلقين بالفعل. وانخفض اليورو 1% في التعاملات الصباحية أمس إلى 1.3217 دولار في أدنى مستوى له منذ أواخر سبتمبر (أيلول). كما هبط اليورو على نطاق واسع وخسر 0.7% من قيمته أمام الين والفرنك السويسري. وارتفع الدولار 0.1% إلى 83.67 ين بعد أن لامس لفترة وجيزة 83.97 ين وهو مستوى لم يحدث منذ أوائل أكتوبر (تشرين الأول). وكانت العملة اليابانية قد سجلت في بداية هذا الشهر أدنى مستوى لها في 15 عاما أمام الدولار عند 80.21 ين.

وتراجعت أسعار الذهب 1% أمس مع ارتفاع الدولار إلى أعلى مستوياته في شهرين أمام اليورو بسبب مخاوف من انتشار أزمة ديون آيرلندا وتزايد التكهنات بشأن خطة إنقاذ وشيكة للبرتغال. لكن الذهب حظي ببعض الدعم من الشراء بهدف التحوط في ظل قلق المستثمرين بشأن أزمة ديون أوروبا بعد تقرير صحافي ذكر أن دول منطقة اليورو تضغط على البرتغال لكي تحذو حذو آيرلندا وتطلب المساعدة. ونفت البرتغال وألمانيا هذا التقرير. وسجل الذهب 1361.30 دولار للأوقية «الأونصة» بحلول الساعة 12:18 بتوقيت غرينتش مقارنة مع 1374.12 دولار في أواخر تعاملات نيويورك أمس الخميس ومرتفعا قليلا عن أدنى مستوى خلال الجلسة البالغ 1357.85 دولار.

وفي برلين توقع وزير المالية الألماني فولفجانج شيوبله التوصل إلى اتفاق لتقديم مساعدات مالية لآيرلندا بداية الأسبوع المقبل.

وقال شيوبله في كلمة أمام مجلس النواب الألماني «البوندستاج» أمس الجمعة: نتوقع التوصل إلى القرارات اللازمة بين البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي أوائل الأسبوع المقبل.

وفي مدريد أعلن رئيس الحكومة أمس في تصريح للإذاعة الكتالونية «آر آي سي1» أنه يستبعد احتمال وضع خطة مالية لإنقاذ إسبانيا! على غرار خطة إنقاذ آيرلندا. وأكد ثاباتيرو أن «الذين يراهنون ضد إسبانيا على المدى القصير سيخطئون»، مشيرا إلى «عدم وجود أي سيناريو» يتعلق بإنقاذ إسبانيا. وقال: «لا أريد أن أوحي بالثقة عبر إرادتي فقط بل بالاستناد إلى وقائع ملموسة»، مشيرا بشكل خاص إلى المستوى الضعيف للدين العام في إسبانيا.

وفيما تسجل بورصة مدريد تراجعا قويا، زادت الحكومة في الأيام الأخيرة من التصريحات التي تؤكد أن إسبانيا لن تكون ضحية تأثر بالعدوى من آيرلندا التي تأثرت بخطة إنقاذ اليونان في الربيع. لكن الخبراء يشيرون إلى نقاط الضعف في اقتصادها الذي يسجل نموا بمعدل صفر ونسبة بطالة تبلغ 20% (النسبة الأعلى في منطقة اليورو) وإصلاحات ما زالت تعتبر غير كافية لتحقيق هدفها القاضي بخفض العجز.

وفي خطوة استباقية لكسب ود المستثمرين في السندات البرتغالية وتلافي احتمال الانهيار، أقر البرلمان البرتغالي بشكل نهائي أمس الجمعة موازنة تقشف للعام 2011 يفترض أن تسمح بتقليص العجز الهائل الذي تعاني منه البلاد، غير أنها قد لا تكون كافية لإبعاد شبح تكرار سيناريو اليونان أو آيرلندا.

وأعلن رئيس الوزراء جوزيه سوكراتيس عقب التصويت أن «هذه الموازنة تتضمن تدابير صعبة ومتطلبة جدا بالنسبة لجميع البرتغاليين. لكن ليس هناك بديل آخر لإخراج البرتغال من أزمة مالية ذات أبعاد كبيرة». وتبني خطة التقشف غير المسبوقة يرمي إلى خفض العجز من 7.3% من إجمالي الناتج الداخلي هذه السنة إلى 4.6% أواخر عام 2011 وكان أمرا مضمونا منذ الاتفاق الذي أبرمته حكومة الأقلية الاشتراكية مع المعارضة (يمين الوسط) في منتصف أكتوبر بشأن الموازنة.

لكن هذا الاتفاق الذي يضمن التصويت وبالتالي تنفيذ تدابير التقشف لم يكف لتهدئة الأسواق المقتنعة بأن البرتغال ستكون البلد المقبل بعد اليونان وآيرلندا في منطقة اليورو الذي سيطلب مساعدة مالية خارجية. وذكرت صحيفة «فايننشيال تايمز دويتشلاند» الجمعة أن البنك المركزي الأوروبي وغالبية دول منطقة اليورو تمارس ضغوطا على الحكومة البرتغالية لكي تطلب بدورها مساعدة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي بغية تفادي أن تجد جارتها إسبانيا نفسها في وضع صعب.

لكن هذه المعلومة ما لبثت أن نفاها مكتب رئيس الوزراء جوزيه سوكراتيس وبرلين، وكذلك رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو رئيس الوزراء البرتغالي السابق. إلا أن معدل فائدة الدين البرتغالي على 10 سنوات الذي يعتبر مقياسا لقلق المستثمرين استمر في الارتفاع الجمعة ليسجل مستوى قياسيا جديدا منذ اعتماد اليورو وهو 7.121%. وأكد وزير المال البرتغالي فرناندو تيخيرا دوس سانتوس أن «إقبال الأسواق على الديون السيادية (...) هو اختبار لإرادة وقدرة البلدان المستهدفة، وخصوصا منطقة اليورو».

وقال أثناء المناقشة البرلمانية التي سبقت التصويت النهائي على الموازنة إن «أزمة ذات جوانب شاملة تتطلب ردا ليس فقط من الدول الأكثر تأثرا بل أيضا من منطقة اليورو برمتها».

وبهدف توفير نحو 5 مليارات يورو السنة المقبلة ينص قانون المال على خفض مجموع الأجور في القطاع العام بنسبة 5%! ورفع الضريبة على القيمة المضافة نقطتين إلى 23% وتجميد رواتب التقاعد وإلغاء المساعدات الاجتماعية أو وضع سقف لها. وفي موازاة سعيها إلى تحقيق نمو 0.2% من إجمالي الناتج الداخلي للعام المقبل، وهو رقم يعتبر الكثير من المراقبين أنه ينطوي على تفاؤل تواجه حكومة سوكراتيس نسبة بطالة قياسية (10.9% في الفصل الثالث من 2010) واستياء اجتماعيا متزايدا. حشد المواطنون يوم الأربعاء أول إضراب عام موحد خلال الأعوام العشرين الأخيرة بحسب النقابات ضم أكثر من 3 ملايين شخص من أصل نحو 5 ملايين عامل.

وكان سوكراتيس أكد مطلع الأسبوع أن البرتغال لا تحتاج «إلى أي مساعدة» خارجية، معربا عن أمله بأن تتوقف «المضاربات» و«التأثر بالعدوى» التي مصدرها آيرلندا بعد التدابير التي اتخذت لإنقاذ هذا البلد.

لكن ارتفاع معدلات الفائدة قد يكون نذير شؤم بالنسبة إلى بلد يعتمد إلى حد كبير على الأسواق لتمويل دينه الذي سيستمر في الارتفاع العام المقبل ليصل إلى 86.6% من إجمالي الناتج الداخلي. وفي عام 2011 سيتعين على البرتغال تسديد 26.5 مليار يورو منها 19.7 مليار قبل منتصف يونيو (حزيران).

وفي بروكسل، رحبت المفوضية الأوروبية بما سمته الالتزام الآيرلندي المتواصل من جانب السلطات الآيرلندية، لخفض العجز في الموازنة إلى أقل من 3 في المائة بحلول عام 2014، وحسبما جاء في المؤتمر الصحافي اليومي بمقر المفوضية في بروكسل، ومن خلال بيان صدر باسم مفوض الشؤون الاقتصادية أولي ريهن، تعتبر الخطة التي تستغرق أربع سنوات، مساهمة مهمة في تحقيق الاستقرار للمالية العامة الآيرلندية، من منطلق أن الخطة متوازنة جدا بين الإنفاق الدائم والتدابير المتعلقة بالإيرادات، مع مراعاة حماية الأقل ثراء.