أوروبا تواجه «امتحان ديون» عسيرا ومخاوف من انتقال العدوى

ألمانيا تخشى على سمعتها على خلفية موقفها من أزمة اليورو

TT

دخلت آيرلندا في سباق مع الزمن بمفاوضات بشأن قروض طارئة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، أمس، بينما ينصب الاهتمام على أسعار الفائدة التي ستفرض على دافعي الضرائب الآيرلنديين لإنقاذ حكومتهم وبنوكهم. ويجتمع المفاوضون في فندق فاخر بني قبل 250 عاما في العاصمة، دبلن، لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق، من المتوقع أن يعلن عقب مؤتمر بالهاتف، لوزراء مالية الاتحاد الأوروبي اليوم، الأحد. وقالت أحزاب آيرلندية، من المتوقع أن تشكل الحكومة الآيرلندية القادمة، إن أي اتفاق لن يكون مقبولا إذا كان سعر الفائدة مرتفعا جدا. ونفت الحكومة تقارير إعلامية بأن الحزمة الإجمالية ستكلف دافعي الضرائب ما يصل إلى 6.7 في المائة سنويا. واضطرت آيرلندا إلى اللجوء للاتحاد الأوروبي وصندوق النقد لإنقاذها من أزمة مالية ترجع جذورها إلى سنوات من الإقراض المصرفي غير المحسوب الذي أسفر عن ديون رديئة بعد انفجار فقاعة عقارية. ووصف ايمون جيلمور، زعيم حزب العمال، تقريرا لهيئة الإذاعة والتلفزيون الآيرلندية (آر تي آي) بأن الفائدة التي سيسددها دافعو الضرائب الآيرلنديون لإنقاذ ما يقدر بمبلغ 85 مليار يورو قد تصل إلى 6.7 في المائة وأنها «تبعث على قلق عميق». وأبلغ مؤتمر الحزب: «لو صحت التقارير فإنه سيكون استسلاما مفزعا من جانب الحكومة الآيرلندية. وستكون خيانة للمبادئ المؤسسة للاتحاد الأوروبي». وقال وزير الاتصالات، ايمون ريان، إن الاتفاق ليس نهائيا بعد، وإنه سيشمل عدة قروض بآجال استحقاق وأسعار فائدة مختلفة، لكن ما ستدفعه آيرلندا في نهاية المطاف لن يصل إلى 6.7 في المائة. كان حزب المعارضة الرئيسي فين جيل قد قال، أول من أمس، الجمعة، إن أي فائدة فوق ستة في المائة ستكون غير مقبولة.

من جهة أخرى دافع جان كلود يونكر، رئيس مجلس وزراء مالية دول منطقة اليورو، عن البرتغال في مواجهة تلميحات بأنها قد تحتاج في نهاية المطاف إلى عملية إنقاذ مثل آيرلندا قائلا إنه لا وجه شبه بين البلدين. وقال في مقابلة نشرت أمس، السبت، مع صحيفة «ليكو» البلجيكية الناطقة بالفرنسية: «البرتغال قدمت لبرلمانها خطة ميزانية مجدية والقطاع المالي يظهر علامات قوة». وأبلغ الصحيفة اليومية «لا وجه شبه بين آيرلندا والبرتغال». وتأتي تصريحاته إثر قيام البرتغال أول من أمس، الجمعة، بإقرار خطة تقشف وتعهدها بإجراء تخفيضات إنفاق صارمة للمساعدة في خفض عجز ميزانيتها.

من ناحيته قال رئيس الوزراء الإسباني، خوسيه لويس رودريغيث ثاباتيرو، أمس، السبت، إن قرار إسبانيا إتاحة مزيد من الشفافية بشأن الدين العام والبنوك يؤكد التزام الحكومة بالشفافية. وأبلغ ثاباتيرو الصحافيين عقب اجتماع مع رؤساء أكبر 37 شركة إسبانية لبحث سبل تسريع التعافي الاقتصادي أن عملية دمج بنوك الادخار في البلاد لخفض عددها إلى أقل من 20 من 45 ستكتمل في 24 ديسمبر (كانون الأول).

من جانب آخر تخشى الحكومة الألمانية من إمكانية أن تتسبب سياستها في التعامل مع أزمة اليورو في الإضرار بسمعة ألمانيا في أوروبا. وقال وزير الدولة في الخارجية الألمانية، فيرنر هوير، في مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية، تنشرها غدا، الاثنين، إنه يتعرض كثيرا للانتقاد في بروكسل من دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي، وأضاف: «يتم سؤالي: هل ما زلتم مع أوروبا؟».

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية ذكر هوير أن الحكومة الألمانية تقوم بالعمل السليم من الناحية الاستراتيجية، «لكننا نعاني من مشكلة في التواصل» مع الدول الأخرى. وأوضح أن الأمر يدور حول تحقيق توازن صعب، وقال: «من ناحية، يتعين علينا أن لا نصغر أنفسنا عن وضعنا الحقيقي، ومن ناحية أخرى لا يتعين علينا أن نظهر باستمرار أننا نرى أنفسنا الأقوى». وأشار هوير إلى أن الأسلوب الذي تستخدمه الحكومة في مناقشة القضايا الأوروبية يمثل مشكلة أحيانا لأسباب سياسية داخلية، وقال: «أتجنب بعض المناقشات في البرلمان الألماني (بوندستاج)».

ووفقا لتقرير المجلة، جاء في تحليل داخلي لوزارة الخارجية الألمانية أن صورة ألمانيا ساءت مجددا بوضوح بسبب موقفها في مواجهة أزمة اليورو في بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وأضاف التحليل أن «هدف الحكومة الألمانية يتعين أن يكون تبديد الشك في توجهاتها الأوروبية بشكل مبكر وباستمرار». وأكد التحليل أنه حتى في الدول التي تتبنى مواقف مماثلة لألمانيا يتم فيها أحيانا الإعراب عن شك تجاه التوجه الأساسي لألمانيا.