رائحة الأمل تفوح من صادرات الفراولة في غزة

الإحصاء الفلسطيني: هوت قيمة صادرات القطاع من 41 مليون دولار في 2005 إلى لا حركة تجارة تذكر في 2008

TT

استيقظ عمال المزارع في غزة فجر أمس تحيط بهم رائحة أطنان الفراولة المعلبة ليشهدوا بدء أنشطة التصدير إلى أوروبا والتي يأملون أن تكون نواة لتوسع أكبر لتجارتهم.

وتحمل الصناديق، التي تضم عبوات فراولة معدة بعناية تزن كل منها 250 غراما، بطاقات تحمل اسم الفاكهة باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية. ويأمل سكان غزة أن يصدروا ألف طن إلى أوروبا مع تخفيف إسرائيل الحصار المفروض على القطاع جزئيا الأسبوع الحالي.

وقال رائد فتوح، مسؤول تنسيق إمداد البضائع من إسرائيل إلى غزة «سنقوم بتصدير شاحنتين من الفراولة على صعيد التجربة، وعدد الشاحنات سيزيد إلى عشر شاحنات إلى أن يتم تصدير كامل الشحنة».

وذكر أحمد الشافعي، رئيس جمعية غزة التعاونية للتوت الأرضي، أن الإنتاج الفلسطيني سيصل إلى هولندا أولا ثم يصدر إلى بلجيكا وفرنسا.

وقال «نحن جاهزون. منتجنا من التوت الأرضي يطابق المواصفات العالمية لـ(غلوبال جاب)». ويهدف مشروع (غلوبال جاب) لتحسين قدرة المزارعين على زراعة محصول وفق المعايير العالمية.

وتحاصر إسرائيل قطاع غزة منذ عام 2007 لتضييق الخناق على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على القطاع منذ ثلاثة أعوام.

وهذه ليست المرة الأولى التي تسمح فيها إسرائيل بتصدير الفراولة والزهور من القطاع ولكنها تتزامن مع التوسع في مركز إمداد وتموين عند معبر كرم أبو سالم في الجنوب تأمل الشركات في غزة أن يكون بمثابة إحياء لتجارة أوسع في العام المقبل.

وبداية، اتفقت إسرائيل والسلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي على وجود موظفي السلطة في كرم أبو سالم، ورغم أن حماس خارج المعادلة فهي تسمح بالتنفيذ ضمنيا.

وقال مسؤول إسرائيلي إن طاقة كرم أبو سالم ستزيد إلى 300 شاحنة يوميا في نهاية العام الجاري وترتفع إلى 400 في عام 2011.

وقال «ستكون لدينا الطاقة» ولكن ترتيبات الأمن أهم لإسرائيل ومن السابق لأوانه الحديث عن تغيير السياسة. وتابع قائلا «بعد أن نسوي هذا الأمر يمكن أن نبدأ الحديث عن صادرات على نطاق واسع».

والصادرات محل اشتباه رئيسي لدى إسرائيل منذ مارس (آذار) 2004 حين تسلل مراهقان فلسطينيان لميناء أسدود الإسرائيلي مختبئين في حاوية شحن. وفجر الاثنان نفسيهما وقتلا عشرة أشخاص.

وشنت القوات الإسرائيلية هجوما على غزة استمر ثلاثة أسابيع في أوائل عام 2009 لإرغام حماس على وقف الهجمات الصاروخية على البلدات الجنوبية. وقيدت الواردات لمنع وصول السلاح إلى حماس وإضعاف قبضتها على 1.5 مليون نسمة يقطنون القطاع.

وعقب موجة الغضب الدولي إثر قتل قوات كوماندوز بحرية إسرائيلية تسعة من النشطاء الأتراك المؤيدين للفلسطينيين على متن قافلة بحرية تحاول خرق الحصار على غزة، خففت إسرائيل القواعد الخاصة بالواردات إلى القطاع.

وقال كريستيان برغر ممثل الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية أمس «المتاجر مملوءة بسلع استهلاكية لم تكن متاحة قبل ستة أشهر. ولكن هذا غير كاف لتغيير نوعية الحياة كثيرا».

وينفق الاتحاد الأوروبي الملايين لدعم القطاع الخاص في غزة من خلال وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والسلطة الفلسطينية.

ويقول الاتحاد الأوروبي إنه ينبغي أن تقوم غزة بالتصدير في نهاية المطاف كي تحقق استقلالا اقتصاديا أكبر.

وقال برغر إن الفلفل والطماطم قد ينضمان لقائمة الصادرات المقررة للعام الحالي مع الفراولة والأزهار. ولكن استئناف تجارة السلع المصنعة يتطلب مزيجا سليما من الواردات يشمل آلات جديدة للشركات الفلسطينية.

وقال برغر «كما يحتاجون لاستئناف الاتصالات والتعريف بأن بوسعهم تسليم (الصادرات) في الموعد المتوقع».

وذكر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن قيمة صادرات القطاع في 2005 بلغت 41 مليون دولار وهوى الرقم إلى 30 ألف دولار في 2006 و20 ألفا في عام 2007 ولم تكن هناك حركة تجارة تذكر في 2008.

وقال أشرف مرتجى المسؤول في اتحاد الصناعات الخشبية «بلغ عدد العمال في مجال الصناعات الخشبية (الأثاث) 6000 عامل قبل الحصار وانخفض العدد إلى النصف».

وأضاف أن غزة كانت تصدر نحو 60 في المائة مما تنتجه قبل الحصار الإسرائيلي وأن نحو 40 ألف فلسطيني كانوا يعبرون الحدود إلى إسرائيل يوميا للعمل هناك.

وقد يعالج إحياء الصادرات المصاعب الاقتصادية جزئيا ويتيح فرص عمل لما يصل إلى 40 ألفا في القطاع شريطة أن تبدأ أعمال البناء التي تأجلت طويلا.

ويعتمد أكثر من نصف السكان في الوقت الحالي على المعونات الغذائية من الأمم المتحدة وتحصل غزة على إمدادات منتظمة من زيت الوقود الثقيل ممولة من الخارج عبر خط أنابيب من إسرائيل لتشغيل مولدات الكهرباء إلى جانب شحنات من البنزين والغاز.

وفي العام الماضي تكبد زراع الأزهار والفراولة في غزة خسائر ضخمة حين أخرت إسرائيل تصريح التصدير لمدة شهرين.

والآمال كبيرة هذه المرة بأن يتم التصدير في الموعد المحدد. وتم تعيين المزارع عماد أبو سمرة وهو أب لأحد عشر ابنا وأحد أبنائه لتعبئة الفراولة بأجر خاص لموسم التصدير يبلغ 10 يورو يوميا.

وقال إنه «توجد وعود بتصدير التوت الأرضي. نأمل أن يكون العام أفضل من العام الماضي إن شاء الله».

ورفيق أبو سمرة أحد 25 مزارعا تم قبولهم كمصدرين ضمن هذا البرنامج وعنصر مؤثر في تنفيذ الشحنات.

وقد استأجر أرضا لزراعة المحصول الذي تصدره شركة «أغروكسكو» الإسرائيلية تحت اسم «كوربال» وتصفه بأنه منتج فلسطيني.

ويقول «سعر التوت الأرضي حاليا جيد ولا يوجد توت أرضي حاليا في الأسواق الأوروبية سوى المنتج الفلسطيني».

وإذا سار كل شيء على ما يرام تأمل غزة أن تبيع 30 مليون زهرة إلى هولندا في ديسمبر (كانون الأول) بسعر 8 سنتات أوروبية للزهرة الواحدة. ويجري شحن الزهور من مطار بن غوريون الإسرائيلي الدولي إلى أمستردام لتباع في مزاد.

وتأمل غزة أن تكون تلك بداية لخطوات أكبر.