خطة مغربية جديدة تمتد 10سنوات لتنمية السياحة في البلاد

الأداء المبهر لمدينة مراكش سياحيا أنقذ الخطة السابقة من الفشل

الأزمة المالية العالمية أثرت على السيولة النقدية وشددت البنوك المغربية من شروط التمويل للمشاريع السياحية («الشرق الأوسط»)
TT

يتم اليوم في مراكش تقديم حصيلة عشر سنوات من تنفيذ الخطة «رؤية 2010» للنهوض بالسياحة في البلاد، في حين عرضت الخطة الجديدة «رؤية 202» للعشر سنوات المقبلة على العاهل المغربي الملك محمد السادس. وعلى الرغم من ظروف الأزمة العالمية وأثرها السلبي على الرواج والاستثمار السياحي تمكن المغرب من الاقتراب كثيرا من الأهداف التي وضعها قبل عشر سنوات. فمن حيث حجم الرواج تتوقع وزارة السياحة أن تحقق 90 في المائة من الهدف الذي تشتمل عليه الخطة، وهو 10 ملايين سائح في نهاية 2010. وترتقب الوزارة أن يبلغ عدد السياح في نهاية العام الحالي 9.2 مليون سائح، الشيء الذي تعتبره إنجازا جيدا في ظل ظرفية الأزمة العالمية.

ولم تسلم الاستثمارات السياحية، بدورها من تداعيات الأزمة المالية العالمية. وتأثرت المشاريع السياحية الشاطئية الضخمة سلبا من الأزمة العالمية، لكن مدينة مراكش استطاعت عبر ديناميكيتها الخاصة أن تحقق إنجازا لافتا وغير متوقع من حيث الاستثمارات التي استقطبتها.

إذ من بين الـ6 محطات سياحية شاطئية المبرمجة في إطار رؤية 2010، لم يتم افتتاح سوى محطتين سياحيتين غير مكتملتين، الأولى في السعيدية على الشاطئ المتوسطي شمال المغرب، والتي تم فيها افتتاح فندقين فقط من بين عشرة فنادق كانت مبرمجة، والثانية في مزاكان على الشاطئ الأطلسي جنوب الدار البيضاء. كما عرفت هذه الفترة انسحاب عدد من المستثمرين الأجانب من المشاريع السياحية الكبرى، وعلى رأسهم «فاديسا» الإسبانية التي انسحبت من محطة السعيدية، و«كلوني كابتال» الأميركية من محطة تغازوت قرب أكادير، و«توماس بيرون» البلجيكية الهولندية من محطتي ليكسوس قرب أصيلة وموكادور قرب الصويرة. وعوضت شركة «الضحى» العقارية المغربية شركة «فاديسا» في قيادة مشروع السعيدية، فيما عوضت شركة «أليانس» العقارية المغربية شركة «توماس بيرون» في مشروعي ليكسوس وموكادور.

غير أن الأداء الجيد والذي لم يكن متوقعا لمراكش أنقذ الخطة على مستوى الاستثمارات المنجزة. وخلال الفترة من 2002 إلى 2009 تم إنجاز 58 فندقا في مراكش، وهو رقم يتجاوز نصف الفنادق التي كانت مبرمجة في مشاريع المحطات الشاطئية الست مجتمعة. وفي السنة الحالية تم افتتاح عشرة فنادق جديدة في مراكش، ويترقب افتتاح 15 فندقا جديدا خلال العامين المقبلين.

واستطاعت مراكش أن تحقق هذا الإنجاز بفضل المجهودات التي بذلتها في مجال التنشيط السياحي والثقافي، إذ تنظم المدينة الحمراء على مدار العام أزيد من 30 مهرجانا دوليا حول مواضيع مختلفة، انطلاقا من مهرجان السينما إلى مهرجان السحر مرورا بمهرجان الفلكلور والثقافات الشعبية.

وفي سياق تداعيات الأزمة المالية العالمية وأثرها على السيولة النقدية في المغرب شددت البنوك من شروط تمويل المشاريع السياحية الكبرى. وبدأ المستثمرون يشتكون من الحذر الكبير الذي أصبحت المصارف تتعامل به مع ملفات طلبات التمويل. وأكد مسؤول مصرفي كبير لـ«الشرق الأوسط» تشدد البنوك في تمويل المشاريع السياحية. وقال المصدر: «من قبل كنا نمول جميع المشاريع الكبرى المندمجة. اليوم أصبحنا لا نمول إلا المشاريع التي تتوفر على كافة ضمانات النجاح، فلم يعد مسموحا تمويل مشاريع تنطلق من الصفر في منطقة معزولة. أصبح موقع المشروع يكتسي أهمية خاصة في قرار منح التمويل».

كما أشار المصدر إلى أن السياسة الجديدة للبنوك تتجه إلى تفصيل المشاريع السياحية الكبرى المندمجة إلى أجزاء، وتتم دراسة كل جزء بدقة، بحيث يمكن تمويل جزء من المشروع دون آخر. وقال: «المشاريع الكبرى غالبا ما تتكون من جزء فندقي، وجزء عقاري يضم فيلات وشققا سكنية وسياحية، بالإضافة إلى أجزاء ترفيهية ورياضية. من قبل كنا نتفاوض على تمويل إجمالي لمثل هذه المشاريع. اليوم يمكن أن نمول الجزء الفندقي فقط، أو الجزء العقاري، حسب جدوى المشروع وموقعه وفرص تسويقه».