المغرب يستثمر 22 مليار دولار لتطوير السياحة

الملك محمد السادس يعتمد خطة التطوير بتوقيع عدة اتفاقيات

العاهل المغربي الملك محمد السادس أشرف بمراكش أول من أمس على هامش أشغال المناظرة العاشرة للسياحة («الشرق الأوسط»)
TT

أشرف العاهل المغربي، الملك محمد السادس، أول من أمس بمراكش، على هامش أشغال المناظرة (الملتقى) العاشرة للسياحة، على توقيع عدة اتفاقيات تهدف إلى تطوير وإنعاش السياحة في المغرب، من خلال اعتماد خطة جديدة لتطوير القطاع، ترتكز على مبدأ الجهوية الموسعة، وتهدف إلى استثمار 177 مليار درهم (22 مليار دولار) خلال العقد المقبل، بهدف إنشاء 200 ألف سرير سياحي جديد، ومضاعفة عدد السياح، ورفع الإيراد السياحي السنوي إلى 140 مليار درهم (17.5 مليار دولار)، ورفع مساهمة القطاع السياحي في الدخل القومي إلى 150 مليار درهم (19 مليار دولار) عوض 60 مليار درهم (7.5 مليار دولار) حاليا، وإحداث 147 ألف فرصة تشغيل.

وتم التوقيع على عشر اتفاقيات بين الحكومة المغربية من جهة، ومهنيي السياحة والمصارف المغربية ومؤسسات استثمارية وصناديق سيادية عربية ومنظمة السياحة العالمية وجامعات دولية وممثلي القطاع الخاص المغربي، من جهة ثانية. وتؤطر هذه الاتفاقيات كل جوانب المخطط الجديد، من تمويل وتكوين وتطوير المنتجات وتنفيذ المشاريع الاستثمارية.

ووقع 11 وزيرا في الحكومة المغربية، بينهم وزراء الخارجية والداخلية والمالية والسياحة والتعليم والطاقة والتشغيل والتجهيز والصناعة والتجارة، مع اتحاد مقاولات المغرب وفيدرالية المهن السياحية واتحاد المصارف المغربية على «البرنامج الوطني لرؤية 2020»، الذي يتكون من 44 إجراء عمليا ويشكل الإطار الشامل للمخطط الجديد.

وتم الإعلان خلال المناظرة عن إنشاء صندوق استثماري لمواكبة تنفيذ المشاريع المبرمجة في المخطط، حدد رأسماله بـ100 مليار درهم (12.5 مليار دولار)، تسهم في الحكومة المغربية بحصة 15 مليار درهم (ملياري دولار)، ويفتح الاكتتاب فيه للمؤسسات الاستثمارية والصناديق السيادية العربية والصديقة.

وأبرمت الحكومة المغربية خلال المناظرة اتفاقية شراكة للاستثمار في المشاريع السياحية الاستراتيجية لمخطط 2020 مع مجموعة من المؤسسات الاستثمارية العربية. وتم التوقيع على هذه الاتفاقية من طرف صلاح الدين مزوار وزير الاقتصاد والمالية، وياسر الزناكي وزير السياحة، عن الحكومة المغربية، ومحمد طلال بن علي الزين الرئيس التنفيذي لشركة «ممتلكات البحرين» القابضة، وأحمد محمد السيد الرئيس التنفيذي للهيئة القطرية للاستثمارات، وفيصل الفهيد مدير عام الشركة المغربية الكويتية للتنمية، ويوسف محمد النويس العضو المنتدب لشركة «معبر» الدولية للاستثمار بالإمارات العربية المتحدة.

والتزمت سبعة مصارف مغربية في اتفاق آخر مع الحكومة بتوفير التمويلات اللازمة لإنجاز المشاريع المبرمجة في إطار المخطط الأزرق لتطوير السياحة الشاطئية. وتعهدت المصارف السبعة برصد 24 مليار درهم (3 مليارات دولار) على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، في مرحلة أولى، لتمويل المشاريع السياحية الاستراتيجية في 13 محطة سياحية من الجيل الجديد، ضمنها 6 محطات يجري إنجازها حاليا ضمن المخطط السابق «رؤية 2010»، والتي كانت قد عرفت بعض التعثر بسبب الأزمة المالية العالمية. والتزمت المصارف بتمويل 60 في المائة كحد أعلى من الكلفة الاستثمارية للمشاريع على مدة تصل إلى 15 سنة مع فترة سماح من 3 سنوات، وبأسعار فائدة متفاوض عليها حسب المشروع وشروط السوق ومعادلة الأسعار التفضيلية.

كما تم الإعلان عن إنشاء الشركة السياحية لتثمين القصور القديمة والقصبات، والتي تسهم فيها وزارتا الثقافة والسياحة، إلى جانب مجموعتين ماليتين كبيرتين، وإنشاء مؤسسة للارتقاء بالمهرجانات التقليدية والثقافة الشعبية، ومشروع لجعل مدينة ورزازات أول وجهة سياحية في أفريقيا تحصل على تصنيف «كربون محايد» البيئي في أفق 2015.

وفي إطار تحسين جودة الخدمات والرفع من مستوى الكفاءات، تم إبرام اتفاقيات مع منظمة السياحة العالمية، والمدرسة الفندقية بلوزان، وإنشاء مركز للبحوث والتنمية في مجال السياحة المستدامة بشراكة مع جامعتي هارفارد وتورونتو.

وقال ياسر الزناكي، وزير السياحة والصناعة التقليدية، خلال تقديم المخطط الجديد «رؤية 2020» للملك، إنه يهدف إلى الارتقاء بالمكانة العالمية للمغرب كوجهة سياحية من المرتبة 25 حاليا إلى المرتبة 20 في سنة 2020، والنهوض بالقطاع السياحي كرافد من روافد التنمية والتشغيل.

وأشار إلى أن المخطط الجديد يرتكز على مبدأ الجهوية، ويشكل استباقا لنظام الجهوية الموسعة الذي يتجه المغرب إلى إرسائه، وذلك من خلال اعتماد المخطط لتقسيم المغرب إلى ثماني مناطق تشكل مجالات سياحية منسجمة، وذلك من خلال مقاربة مهيكلة لتهيئة التراب الوطني.

وأضاف الزناكي أن قيادة المخطط على مستوى الجهات ستتم من خلال الوكالات الجهوية للتنمية السياحية، والتي ستلعب دور المخاطب الوحيد في كل ما يتعلق بالسياحة على صعيد كل منطقة. كما سيتم إحداث هيئة وطنية عليا للسياحة، التي ستكلف تنسيق عمل الوكالات الجهوية وقيادة المخطط على المستوى الوطني.

بالنسبة للمنتوج السياحي، قال الزناكي إن الاستراتيجية اختارت ثلاث فئات كبيرة من المنتجات، السياحة الشاطئية التي ستواصل تنميتها عبر إتمام مخطط المحطات السياحية الشاطئية الجاري إنجازها وإطلاق أخرى جديدة، والسياحة الثقافية التي يتمتع فيها المغرب بمكتسبات مهمة إذ تعتبر الحافز الأساسي لنحو 39 في المائة من الرواج السياحي الحالي، وسياحة البيئة والطبيعة حيث يتمتع المغرب بمجالات طبيعية عذراء وثرية.

وأشار الزناكي إلى أن جردا شاملا لمؤهلات المغرب السياحية أبرز أن هناك زهاء 1500 مورد سياحي من المستوى العالمي، غير أن 350 منها فقط تم استغلالها حاليا. ويهدف المخطط الجديد إلى إبراز هذه المؤهلات وتثمينها.

وثمن طالب الرفاعي، الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية، المنجزات التي حققها المغرب على مدى السنوات العشر الأخيرة، بفضل اعتماد استراتيجية إرادية في مجال التنمية السياحية. وقال إن المغرب استطاع عبر هذه السياسة مضاعفة عدد السياح ورفعه من 4.4 مليون سائح في 2001 إلى 9.2 مليون سائح في 2010. وأضاف الرفاعي أن القطاع السياحي المغربي أبان عن قدرة نادرة على المقاومة خلال الأزمة المالية العالمية، إذ استطاع القطاع السياحي في المغرب أن يسجل زيادة في عدد السياح بنسبة 4.3 في المائة خلال سنة 2009 في الوقت الذي عانى فيه قطاع السياحة عبر العالم من الانخفاض. وأشاد الرفاعي بالمخطط الجديد «رؤية 2020»، الذي وصفه بأنه يبني على إنجازات الماضي ودروسه، ويرتكز على الشراكة بين القطاعين العام والخاص والربط بين السياحة والتنمية المستدامة.