هبوط شامل لأسعار الأوراق المالية بالبورصة المصرية بعد هجمات أميركا

الخبراء يطالبون بتحسين كفاءة البورصة وطرح أوراق مالية جديدة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتجاوز الأحداث الدولية الأخيرة

TT

رغم تراجع الأسعار الشديد بالبورصة المصرية وانخفاض كثير من الأسهم عن أسعار بيعها للجمهور بنسبة وصلت الى 90% من ثمن البيع، وتراجع عدد من الأسهم الأخرى لأقل من قيمتها الاسمية، وهو ما يعد في نظر الخبراء فرصة جيدة للاستثمار، إلا أن الأحداث الأميركية الأخيرة فرضت نفسها بقوة على كافة الأصعدة الاقتصادية وتأتي البورصة على رأسها مما أدى إلى انخفاض قيمة التعامل اليومي بصورة لم يسبق لها مثيل، حيث تضمن تقرير سوق المال المعروض على مجلس ادارة البورصة الأخير انخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية خلال العام الحالي من 11 ملياراً إلى ملياري جنيه فقط، وذلك بالرغم من الجهود المبذولة من الحكومة والاجراءات التي اتخذتها لتشجيع الأجانب على الاستثمار في البورصة وما تتضمنه من خطة سعر الصرف واجراءات اعادة الثقة للمستثمرين، رغم كل ذلك جاءت استثمارات الأجانب في مصر عامة والبورصة خاصة مخيبة للآمال.

ويقول الدكتور حمدي عبد العظيم رئيس مركز الدراسات الاقتصادية بأكاديمية السادات إن ما يحدث في البورصة المصرية من هبوط الاستثمارات الأجنبية والاتجاه إلى البيع أكثر من الشراء نظراً لاتجاه معدلات القيمة السوقية للانخفاض بسبب الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالمي من جراء الأحداث الأميركية الأخيرة، اضافة إلى معاناة الاقتصاد المصري من حالة الركود ونقص السيولة وأزمة سعر الصرف لذلك بدأ الاتجاه الأجنبي إلى بورصات أخرى، مؤكداً أن الاستثمار الأجنبي في البورصة المصرية استثمار هائم نظراً لتحركه بسرعة وتحوله من بورصة إلى أخرى بحثاً عن المكسب المالي، وأن المستثمرين الأجانب يتعاملون مع البورصة المصرية من خلال شهادات الايداع الدولية GDR ويحاولون دائماً تحريك ونقل أوراقهم المالية إلى عدة أصعدة حتى لا يتكبدون خسائر فادحة، ويرى د. عبد العظيم أنه لا بد من وجود أوراق مالية جديدة واعدة وجذابة في البورصة مثل الاتصالات والكهرباء لأنها ستكون العامل الأساسي في جذب المستثمر الأجنبي، ولا بد أيضاً من وجود صناديق وشركات تقوم بدور صانع السوق حيث تقوم بعملية شراء الأسهم في حالة الانخفاض حتى تحافظ على جاذبية الأسهم خاصة للمستثمر الأجنبي وبالأخص في شهادات الايداع الدولية مع وجود رأس مال كبير (5 مليارات جنيه) كحد أدنى لصانع السوق.

* خسائر البورصة

* ويوضح ماجد شوقي الخبير الاقتصادي أن الأحداث الأميركية الأخيرة ليست المؤثر الوحيد على تراجع الاستثمارات الأجنبية بالبورصة المصرية، فعلى الرغم من نجاح السند الدولاري وتحسن ميزان المدفوعات، وجدوى الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي للحفاظ على السياسات النقدية، إلا أن هناك انخفاضاً للحالة المعنوية للمستثمرين بالسوق وعدم وجود سيولة كافية للمؤسسات لدخول البورصة، مشيراً إلى أن المستثمرين الأجانب لحقت بهم خسائر في أسواق تركيا والأرجنتين وروسيا ومعظمهم يقومون باعادة التوازن لدخول الأسواق المتقدمة، وأن حالة الركود التي أصابت الاقتصاد الأميركي أدت إلى احجام المؤسسات الأجنبية عن الدخول في الأسواق الناشئة لاسيما في ظل التقلبات التي تعاني منها تلك البورصات، ويؤكد شوقي على أن عمليات بيع الأسهم تساهم في تخفيض أسعار الأوراق لمالية وبالتالي فإنها تصعب من مهمة زيادة طلبات الشراء وتصبح حالات البيع أكثر لدى المستثمر الأجنبي، ويؤدي ذلك إلى انخفاض معدلات الشراء من 5 إلى 6% تقريباً، في حين تصل معدلات البيع إلى 15%، وبالتالي تهبط أسعار الأوراق المالية وتؤثر على المؤشر العام لسوق المال.

* استثمار قصير الأجل

* وحول طبيعة الاستثمار الأجنبي في مصر يرى يحيى سعد مدير الاستثمار بشركة الدلتا أن مؤشرات الاستثمار الأجنبي في مصر تشير إلى ارتفاع نصيب الأجانب في حركة التداول فقد وصلت في بعض الشهور إلى 47% من حجم التداول في حين أن نسبة الاستثمار الأجنبي إلى رأس المال السوقي لا تتجاوز 9% مما يؤكد أن استثمار الأجانب في مصر هو استثمار قصير الأجل، موضحاً أن هذه الظاهرة ليست خاصة بالبورصة المصرية وحدها وانما معظم الاستثمار الأجنبي غير المباشر في الدول النامية يتسم بقصر المدة، وتنتشر في مصر نوعية المستثمرين المؤسسين الذين تتوافر لهم الخبرة الكبيرة في عملية الاستثمار مما يؤدي إلى زيادة قدرة الاستثمار الأجنبي على التأثير في تحركات الأسعار في البورصة المصرية، ويحدد سعد عدة شروط لتحويل الاستثمارات الأجنبية إلى استثمارات طويلة الأجل أهمها تحسين كفاءة البورصة المصرية وهو مايتوقف على استكمال مقومات الكفاءة التي تفتقدها البورصة وفي مقدمتها الشفافية والافصاح فضلاً عن تحسن مناخ الاستثمار في مصر بصفة عامة، كما يمكن العمل على تشجيع الأجانب على التعامل بأساليب أخرى بخلاف الشراء المباشر للأسهم مثل تشجيع الشركات المصرية على طرح المزيد من الأسهم والسندات في الأسواق العالمية وانشاء مزيد من صناديق الاستثمار الدولية.

* سلة العملات

*ويرجع د. علي عبد الحليم مدرس الاقتصاد بتجارة عين شمس انخفاض استثمارات الأجانب لعدة عوامل منها الأحداث الأميركية الأخيرة اضافة إلى انخفاض الاستثمارات في معظم البورصات خلال أشهر الصيف فضلاً عن عوامل خاصة بالبورصة المصرية وهي تتمثل في الانخفاض الحاد في أسعار الأوراق المالية وعدم توقع ارتفاع الأسعار في الأجل القصير مما يحد من مكاسب الأجانب وبالتالي يؤدي إلى تراجع الاستثمار الأجنبي بل والمحلي أيضاً، موضحاً أن الاستثمار الأجنبي المباشر هو الحل الوحيد لوجود استثمارات أجنبية قوية وأنه يجب وضع ضوابط وقوانين للمستثمر الأجنبي لضمان عدم خروجه من السوق بسرعة، وأيضاً ربط العملة الخارجية بسلة عملات لتلحق الضرر بالمستثمر الأجنبي في حالة محاولته المضاربة بأمواله وتحقيق ربحية سريعة، ويؤكد د. عبد الحليم علي أن الأموال الأجنبية الاستثمارية مهمة جداً نظراً لارتباطها بتكنولوجيا متقدمة وتشغيل أيد عاملة وامكانية التصدير وزيادة المعروض من النقد الأجنبي لدى البنوك المحلية مما يؤدي إلى وجود استقرار في سعر الصرف وزيادة الاستثمارات الأجنبية في البورصة المصرية.