السعودية: «النتائج المالية» و«نظام الحوكمة» يرفعان نسبة استقالات أعضاء مجالس الإدارة في الشركات المساهمة

أهم أسبابها التراجع الملموس في الأرباح

TT

تسبب عاملان في زيادة عدد استقالات رؤساء وإداريي الشركات المساهمة في السوق المالية السعودية خلال العام الحالي 2010؛ حيث دفع عاملا «النتائج المالية» و«نظام الحوكمة» إلى تحركات وتغيرات واسعة في مجالس الإدارة خلال الفترة الحالية.

وبحسب تصريحات خبراء لـ«الشرق الأوسط» بدأت ظاهره الاستقالات تأخذ حيزا كبيرا من إعلانات الشركات العاملة بالسوق السعودية، وكان من أهم الأسباب الرئيسية التراجع الملموس في نتائج الشركات خلال عامي 2009 و2010.

وعلى الرغم من الأثر الكبير الذي كبدته الأزمة المالية العالمية والانعكاسات على اقتصادات العالم، فإن العلاقة المتبادلة بين معايير القيمة العادلة والأزمة المالية كانت أكبر بكثير من قدرات الإدارات على التعامل مع هذه الأزمة.

وقال الدكتور فهد بن جمعة، الكاتب والخبير الاقتصادي: إن ارتفاع نسبة الاستقالات في الشركات السعودية حدث في المقام الأول بسبب ضعف أداء الشركات خلال الفترة الماضية، وذلك بعد أن وصل الكثير منها إلى منطقة الخطر.

وبين بن جمعة أن الكثير من رؤساء مجالس الإدارات وأيضا الكثير من المديرين التنفيذيين كان أداؤهم سلبيا في فترة توليهم تلك المناصب، وذلك لقلة الخبرات أو لوجود فساد إداري، مشيرا إلى أن الوسيلة الوحيدة هي الهروب من المسؤولية التي هي أكبر من قدراتهم وإمكاناتهم.

وتابع الخبير الاقتصادي: «انتشار مثل هذه الظاهرة في السوق المالية يعطي دلائل لعدم وجود استقرار إداري، وهذا الأمر يسبب إشكالية كبيرة على الشركات، وبالتالي على أداء المتعاملين»، مبينا أن هذه المسألة ستتكرر خلال الأعوام المقبلة مع تردي النتائج المالية للشركات.

ولم يكن للنتائج المالية فقط الدور الأساسي من عملية الاستقالات المتتالية بل لعبت القرارات التنظيمية التي فرضتها هيئة السوق المالية دورا آخر؛ حيث شكلت سياسة الهيئة تحديا جديدا للشركات السعودية المدرجة بالسوق المالية.

وعلى الرغم من أن الهيئة اعتبرت لائحة حوكمة الشركات غير ملزمة في ذلك الحين وإنما هي للاسترشاد فقط، فإنها اتخذت خطوات أكثر في هذا الاتجاه، وذلك بإلزام الشركات بتطبيق المادة 15 من لائحة الحوكمة وذلك لاعتبارات من مطلع العام المقبل 2011.

وشهدت الشركات السعودية خلال تفعيل هذه السياسة الكثير من الاستقالات المتتالية من قبل أعضاء مجالس الإدارات والمديرين التنفيذيين؛ حيث تنص المادة 15 من لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن هيئة السوق المالية على أن على مجلس الإدارة تشكيل لجنة تسمى لجنة الترشيحات والمكافآت. وعلى الجمعية العامة إصدار القواعد اللازمة لاختيار أعضاء اللجنة ومدة عضويتهم وأسلوب عمل اللجنة.

ومن أبرز المواد المعدلة أيضا في الشركات السعودية: المادة 16 من النظام الأساسي للشركة التي تنص على: «أن يتولى إدارة الشركة مجلس إدارة مؤلف من 12 عضوا تعينهم الجمعية العامة العادية لمدة 3 سنوات»، لتصبح كما يلي: «يتولى إدارة الشركة مجلس إدارة مؤلف من 7 أعضاء، تعينهم الجمعية العامة العادية لمدة 3 سنوات».

وتأتي التوصية لمجلس الإدارة بالترشيح لعضوية المجلس وفقا للسياسات والمعايير المعتمدة مع مراعاة عدم ترشيح أي شخص سبقت إدانته بجريمة مخلة بالشرف والأمانة. كما تنص اللائحة على المراجعة السنوية للاحتياجات المطلوبة من المهارات المناسبة لعضوية مجلس الإدارة وإعداد وصف للقدرات والمؤهلات المطلوبة لعضوية مجلس الإدارة، بما في ذلك تحديد الوقت الذي يلزم أن يخصصه العضو لأعمال مجلس الإدارة ومراجعة هيكل مجلس الإدارة ورفع التوصيات في شأن التغييرات التي يمكن إجراؤها.

وبينت دراسة أكاديمية أجريت حول أثر حوكمة الشركات على سياسة توزيع الأرباح في الشركات العاملة في السوق المالية، التي تضمنت 7 معايير (انضباط الإدارة والشفافية والاستقلالية والمساءلة والمسؤولية والعدالة والوعي الاجتماعي)، كما نصت على وجود تأثير مباشر لحوكمة الشركات على ربحية الشركات والمتمثلة بمعدل العائد على الموجودات.

وتكمن الحاجة الأصلية للحوكمة في الفصل بين الملكية والإدارة في الشركات ذات الملكية العامة؛ حيث تقضي على المصالح بين أعضاء مجالس إدارات الشركات والمساهمين، وتعمق الحدود بين التلاعبات المالية والإدارية التي تقوم بها مجالس الإدارات، وزيادة الثقة الاقتصادية في البلاد.