خادم الحرمين يدعو رجال الأعمال الخليجيين للدخول في شراكة حقيقية مع المستثمرين الأفارقة

رئيس السنغال يخاطب العرب: لا يوجد شريك لكم أفضل من أفريقيا

رجل الأعمال السعودي صالح كامل رفقة الرئيس السنغالي عبد الله واد في مؤتمر «الاستثمار الخليجي الأفريقي» بالرياض أمس (رويترز)
TT

دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، رجال الأعمال في دول الخليج العربي، للدخول في شراكات حقيقية مع نظرائهم من رجال الأعمال في الدول الأفريقية، وذلك لتعزيز التبادل التجاري بين الطرفين.

وقال خادم الحرمين الشريفين، في افتتاح مؤتمر «الاستثمار الخليجي الأفريقي 2010»، الذي بدأ أعماله صباح أمس في العاصمة الرياض، في كلمة ألقاها بالنيابة عنه، عبد الله زينل، وزير التجارة والصناعة السعودي، «إن مثل هذه الشراكات تحظى برعاية واهتمام الدول المعنية لتسهيل الإجراءات بما يحقق المصالح المشتركة للطرفين». وأضاف «يأتي انعقاد هذا المؤتمر المهم في ظروف اقتصادية عالمية بالغة التعقيد، لكونه يناقش سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول الأفريقية جنوب الصحراء الصديقة بهدف فتح مجالات أوسع وأرحب أمام زيادة التبادل التجاري وحجم وقيمة الاستثمارات بين الكتلتين الجارتين التي تربطهما أوثق عرى الصداقة وأواصر الجوار الجغرافي منذ فجر التاريخ».

وتابع الملك عبد الله في الكلمة: «كما أن أهمية هذا المؤتمر أيضا تكمن في أنه يسعى لإيجاد شراكة فعلية بين دول الجانبين، وتحقيق رفاهية الشعوب، وتساعد على إيجاد تنمية شاملة على أرض الواقع في مختلف المجالات، ولا يخفى على أحد منا المكانة التي تحظى بها القارة الأفريقية، حيث أصبحت محط أنظار المستثمرين من مختلف دول العالم، باعتبارها أسواقا تقليدية، ومجالا واعدا لمختلف المنتجات، وخاصة منتجات المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث تتميز تلك الأسواق بالمساحة الواسعة، وبالحجم الكبير من العملاء المرتقبين». وزاد «نتيجة لذلك، فقد بات الكثيرون يتطلعون إلى الفرص المتاحة في الدول الأفريقية، ومن ذلك دول الخليج العربية، حيث تعتبر أفريقيا أكثر جاذبية، نظرا لقربها الجغرافي ولمقوماتها الزراعية الجاذبة للاستثمار، ولا شك أن التعاون في هذا الجانب سيؤدي إلى سد احتياجات أسواق دول الخليج العربية بالمنتجات الزراعية الأفريقية، واستفادة المنتجين الأفارقة من المكاسب التي سوف تعزز تدفق الاستثمارات الخليجية على المناطق الريفية في تلك الدول، وما يصاحب ذلك من تنمية لتلك المناطق».

وكان المؤتمر الخليجي الأفريقي قد انطلق يوم أمس في العاصمة السعودية الرياض بحضور رؤساء دول أفارقة ومشاركة واسعة من وزراء ومسؤولين خليجيين على أن يختتم أعماله اليوم.

وتابع خادم الحرمين الشريفين «لقد لاحظنا زيادة الاستثمارات الخليجية في المناطق الشمالية من أفريقيا ومنطقة جنوب الصحراء الأفريقية، الأمر الذي دفع الكثير من الشركات الغذائية في دول الخليج العربية إلى تحويل اهتماماتها على نحو متزايد نحو حوض البحر الأحمر، في محاولة منها لتوسيع نطاق عملياتها وتأمين خطوط التوريد، وكذلك للاستفادة من الأسواق الأفريقية الكبيرة التي تتمتع بالنمو السريع».

وأشارت كلمة خادم الحرمين الشريفين، إلى العلاقات المتميزة بين السعودية ومعظم الدول الأفريقية، وأكد خادم الحرمين الشريفين «ترتبط المملكة العربية السعودية بعلاقات متميزة مع معظم الدول الأفريقية منذ القدم، ويتضح ذلك جليا من خلال مستوى النشاط التمويلي للصندوق السعودي للتنمية، وقد كان للدول الأفريقية فيه النصيب الأكبر من المساحة الكبيرة التي يقوم الصندوق بتغطيتها في مختلف المجالات حيث استفادت من الصندوق 43 دولة أفريقية وبلغ إجمالي عدد المشاريع 262 مشروعا».

ولفت خادم الحرمين الشريفين إلى «أن من البرامج الأخرى التي توطد علاقات المملكة بدول أفريقيا المبادرة الحديثة التي أمرنا بها للاستثمار الزراعي خارج المملكة، حيث تعتبر الدول الأفريقية ذات الأولوية في هذا الجانب، وقد بادر القطاع الخاص في المملكة فعلا بالاستثمار في إثيوبيا، وهناك الكثير من الدول الأفريقية الأخرى التي يجري العمل حاليا على دراسة فرص الاستثمار الزراعي فيها، لنصل جميعا إلى الهدف المنشود، وهو رفاهية الإنسان وسعادته أينما كان، وإبعاد شبح المجاعات والحروب والأمراض والأوبئة عن أوطاننا وشعوبنا».

إلى ذلك دعا عبد الله واد الرئيس السنغالي إلى زيادة العمل المشترك بين أفريقيا ودول الخليج، والعمل على إيجاد الحلول المشتركة بين الطرفين، وذلك لتحقيق الأحلام والمصالح بين العرب وأفريقيا، لأن أفريقيا تعتبر الشريك الأفضل للعرب مستقبلا، على حد تعبيره.

وتوقع واد، الذي كان يتحدث خلال المؤتمر الخليجي الأفريقي، أن يخرج مؤتمر الاستثمار الخليجي الأفريقي بالكثير من النتائج المهمة والتوصيات التي من شأنها زيادة حجم التعاون الاقتصادي بين الكتلتين. وقال «إنني لا أرى مستقبل العالم العربي من دون أفريقيا، ولا مستقبل لأفريقيا من دون العالم العربي، لأن مصيرنا مشترك، والتحديات التي تواجهنا مشتركة، لذلك لا بد أن نعمل معا لتحقيق أحلامنا ومصالحنا، ونعمل على إيجاد حلول مبتكرة، وأفكار خلاقة، فأفريقيا تمثل الشريك الأفضل للعرب مستقبلا».

وعدد واد الفرص الاستثمارية المتاحة في جميع دول أفريقيا، مبينا أن هذه المجموعة تتمتع بمزايا اقتصادية ضخمة فهي تتكون من 15 دولة، وبها ما يزيد على 200 مليون نسمة، ولديها موارد طبيعية ضخمة ومتنوعة، بل هي تضم 89 في المائة من الموارد الطبيعية في المنطقة الموجودة بها. وتطرق الرئيس السنغالي إلى جهود بلاده في التنمية، وقال لقد حققا اكتفاء ذاتيا من الأرز خلال سنوات قليلة، بالإضافة إلى انخفاض نسبة الأمية من 89 في المائة إلى 40 في المائة، في الوقت الذي وصف فيه نهر السنغال بأنه مورد هائل للمياه العذبة، وقادر على ري وزراعة الكثير من المساحات الزراعية، وتابع «لذلك أدعو دول الخليج إلى الاستثمار الزراعي في بلادنا». وخلال فعاليات المؤتمر تطرق رئيس موزمبيق أرماندو إيميلو إلى التقارير الاقتصادية العالمية التي أكدت تقدم موزمبيق 6 مراكز في تصنيف ممارسة الأعمال وتسهيلها، كما وقعت اتفاقيات مع الكثير من الدول لتجنب الازدواج الضريبي إضافة لعضويتها في منظمة التجارة العالمية.

وقال «نأمل أن يسهم المؤتمر في تعزيز علاقاتنا مع دول الخليج، من خلال الكثير من الأسس والفرص المتاحة، خاصة في مجالات الأمن الغذائي، التي تركز عليها دول الخليج وتمثل موزمبيق وجهة رئيسية لهذا النوع من الاستثمار الزراعي». واستعرض بعضا من ملامح البيئة الاستثمارية ببلاده، ومن بينها نظام العمل والمنافع المتبادلة والقوانين المتعلقة بالاستثمار. وأضاف أن هناك فرصا استثمارية كبيرة في قطاعات كالزراعة والثروة الحيوانية وزراعة الأعلاف وغيرها. وأوضح أن هذه القطاعات تبرز فرصا أخرى في مجال البنية التحتية كإنشاء الخزانات والسدود لتوفير الري، كما أن موزمبيق تتيح سوقا أفريقية إقليمية ضخمة بالنسبة لصادرات دول الخليج.

إلى ذلك، قدر مسؤول خليجي حجم التعاون بين الدول العربية وأفريقيا بـ25 مليار دولار منها 10 مليارات دولار من النفط.

وقال أحمد الهارون وزير التجارة والصناعة في دولة الكويت، إنه رغم ضعف الرقم فإنه يمكن استكشاف المزيد من فرص التعاون والاستثمار المتبادل بين الجانبين، وخاصة الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة لدى الدول الأفريقية في مقابل الاستفادة من الوفرة المالية الضخمة لدى الدول الخليجية وهو ما سيحقق التنمية المستدامة للجانبين.

وبين الهارون، خلال فعاليات مؤتمر الاستثمار الخليجي الأفريقي الذي ينظمه مجلس الغرف السعودية، أن العلاقات التاريخية التي تربط بين دول مجلس التعاون والدول الأفريقية تعود إلى فجر الإسلام، بيد أن الطموحات في المجالات الاقتصادية والتجارية لا تزال دون المستوى المطلوب رغم توافر كافة الإمكانات اللازمة لإقامة علاقات وثيقة. في المقابل، رأى خالد القصيبي وزير التخطيط السعودي أن دول الخليج تشهد تنامي أهميتها عالميا، وأن العلاقات بين دول الخليج وأفريقيا أخذت تشهد تطورا منذ عام 2000 حيث وصل حجم التبادل التجاري بين السعودية وموزمبيق إلى 488 مليون ريال (130 مليون دولار) بعد أن كان 79 مليون ريال عام 2004 (21 مليون دولار)، كما وصل حجم التبادل مع زامبيا مليار ريال عام 2009 (266.6 مليون دولار) بعد أن كان 300 مليون ريال عام 2000، وكذلك تشهد العلاقات مع دول الخليج وأفريقيا تناميا مطردا في حجم التبادل التجاري.

وأضاف القصيبي أن التجارة الخارجية وتعزيزها على أساس القدرات التنافسية سيساهم في بناء شراكة حقيقية بين الجانبين، منوها بما حققته دول شرق أفريقيا من معدلات نمو جيدة.

وقال إن التجارب العالمية تبرز أهمية الاستثمارات الأجنبية لمساعدة الدول على تحقيق معدلات نمو ونقل وتوطين التقنيات وأساليب العمل الحديثة وتدريب المواطنين، ويبرز هنا دور الحكومات في جلب تلك الاستثمارات من خلال تطوير الأنظمة والإجراءات بما يضمن تسهيل الأعمال وتسهيل منح التراخيص وضمان الاستثمارات وتحويل الأرباح والحصول على الائتمان.