تقرير متخصص: دول الخليج تواجه نقصا في إمدادات الغاز

بسبب النمو السريع لاقتصادات دول التعاون

وزير النفط السعودي علي النعيمي يلقي كلمة السعودية في مؤتمر المناخ المنعقد في المكسيك (أ.ف.ب)
TT

اعتبر تقرير متخصص بالإنتاج النفطي أن دول مجلس التعاون الخليجي التي تملك ما يقارب 23% من احتياطي الغاز العالمي، باستثناء قطر، تعاني من نقص متزايد في احتياجاتها من الغاز الطبيعي بسبب النمو السريع في اقتصاداتها مما يرفع من استخدامات الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء.

وبحسب ما ورد في تقرير شركة «ديلويت» البريطانية حول «واقع قطاع النفط والغاز لعام 2011»، واتجاهات قطاع النفط والغاز ومشاكله للسنة المقبلة، فإنه وفي الوقت الذي تختزن فيه دول الخليج أحد أضخم احتياطات الغاز الطبيعي في العالم، فإن بعضها لا يجد الكميات الكافية من الغاز ذي الاحتراق النظيف لتلبية حاجاتها المتزايدة من الطاقة الكهربائية. وتجدر الإشارة إلى أن الدول أعضاء مجلس التعاون الخليجي الست تملك ما يقارب 23% من احتياطي الغاز العالمي. ولكنها تعاني، باستثناء قطر، من نقص متزايد في الموارد الغازية المتاحة للاستخدام.

وقال التقرير إن اقتصادات هذه الدول تنمو بمعدل 7% تقريبا سنويا، مما يعزز الطلب على الغاز الطبيعي والطاقة الكهربائية على حد سواء، إضافة إلى العبء الذي يشكله الدعم الحكومي، حيث تبيع العديد من الدول الخليجية الغاز الطبيعي والكهرباء بأسعار مدعومة جدا.

وعلى المدى القصير، شجعت الأسعار المنخفضة الناتجة عن الدعم الحكومي المنتجين محليا وفي الدول المجاورة على تصدير الغاز إلى آسيا حيث يباع بضعف سعره داخل منطقة الخليج العربي، مما يؤدي إلى نقص فوري في الغاز تعوضه واردات الغاز الطبيعي المسال الأكثر تكلفة من أوروبا.

وترى الخبيرة النفطية كيت دوريان من «بلاتس» لمعلومات الطاقة أن الطلب المتزايد في المنطقة على المشتقات النفطية وعلى رأسها الغاز، هو من الأسباب الرئيسية لتراجع الإنتاج الغازي، إضافة إلى أن أسعار المشتقات النفطية منخفض وهو ما لا يشجع على مزيد من الاستثمارات، وتتوقع دوريان في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن الحال إذا بقيت على ما هي عليه فإن كمية الإمدادات الغازية قد تتأثر خلال السنوات المقبلة.

وفي الوقت الحالي ترى الخبيرة النفطية أن الإنتاج الغازي متوفر وموجود بكميات زائدة، لكنها تتوقع أن لا يبقى الأمر على ما هو عليه بسبب غياب الاستثمارات النفطية الجديدة والآبار الجديدة على الرغم من توافر مواقع التنقيب كإيران والعراق وأميركا، لكن أسعار النفط الحالية لا تسمح باستثمارات جديدة، فيما هناك إمكانية لنضوب آبار نفطية عديدة.

وعلى المدى الطويل، قد تكون العواقب وخيمة، لأن الاستثمار في قطاع الإنتاج يرزح تحت أعباء بيئة الأسعار المنخفضة نظرا لأن المنتجين يجدون مشاريع تطوير حقول الغاز غير مجدية اقتصاديا. والحقيقة أن قلة الاستثمارات في البنى التحتية في الوقت الراهن قد تترك انعكاساتها على الإمدادات خلال السنوات المقبلة.

ويقول معتصم دجاني الشريك في قطاع النفط والغاز في «ديلويت الشرق الأوسط» إنه «على الرغم من مستوى الإدراك الجيد بين هذه الدول لآثار الدعم الحكومي، لا يزال الجدل واسعا والشكوك قائمة حول كيفية معالجة هذه المسألة. وبالتالي، يرمي تقرير (واقع قطاع النفط والغاز لعام 2011) إلى أن يكون نقطة الانطلاق للمحادثات بشأن ممارسات الاستدامة والحلول القادرة على تحفيز النمو على المدى الطويل».

وترى كيت دوريان أن هناك من يطالب بأن لا يقاس سعر الغاز بسعر النفط، على اعتبار أن الغاز هو طاقة نظيفة لا تخلف آثارا ملوثة إضافة إلى سهولة استخدامه، لكن تسعيرته حتى الآن تابعة للنفط.

ويرى التقرير أن النفط والغاز سيشكل معظم إمدادات الطاقة العالمية خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة، فعلى الرغم من التقدم الكبير المحرز على صعيد تطوير مصادر طاقة متجددة وبديلة أخرى، بالإضافة إلى الأعباء الهائلة بقيمة 35 مليار دولار أميركي الناجمة عن التسرب النفطي الذي تسببت به منصة «ديب ووتر هورايزون»، واستمرار عمليات الحفر في المياه البحرية العميقة، فإن منتجي النفط والغاز حول العالم يعيدون النظر حاليا في سياسات السلامة المعتمدة.

فيما ستحتاج الاكتشافات الجديدة للغاز غير التقليدي في أميركا الشمالية إلى أسواق جديدة، وتواصل شركات النفط والغاز الاستثمار في بحر الشمال، ووفقا للتقرير تم منح رقم قياسي شمل 356 رخصة تنقيب في بحر الشمال في أحدث جولة موافقات على العروض في ظل غياب أي مؤشر على تراجع الاهتمام بهذه المنطقة.

وتقول المحللة النفطية كيت دوريان إن منطقة بحر الشمال لفتت انتباه الشركات إلى ارتفاع أسعار النفط، ومنها شركة «طاقة» الإماراتية والشركات الصغيرة التي تنتج في الحقول الصغيرة التي كان ينظر لها على أنها لا يمكن أن تتطور بعد عودة الاهتمام ببحر الشمال.

ومن المرتقب وفقا للتقرير أن يشهد إنتاج الغاز غير التقليدي المحلي في الصين بوجه خاص نموا هائلا. ويبشر نمو إجمالي الناتج المحلي الصيني المقرون بتصميم البلاد على تنويع إمداداتها من الوقود وإنشاء بيئة انبعاثات منخفضة، بمستقبل واعد لأسواق الغاز الطبيعي المسال. كما أن روسيا تولي اهتماما متزايدا بتصدير المزيد من النفط والغاز إلى آسيا.