الدكتور موسوكوتواني: الفرص مهيأة للخليجيين للاستثمار في أفريقيا.. والحديث عن الحروب والأمراض فيه مبالغات

وزير مالية زامبيا أكد لـ«الشرق الأوسط»: أن التعدين والسياحة والزراعة أكبر القطاعات الجاذبة للاستثمارات

د. سيتومبيكو موسوكوتواني
TT

كشف الدكتور سيتومبيكو موسوكوتواني وزير المالية الزامبي، عن أن بلاده لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية، موضحا أن اقتصاد بلاده استطاع أن يصمد أمامها، وينمو بمعدل 6 في المائة، لتطبيقه حزمة من الخطط الاقتصادية والمالية الناجعة، ومبينا أن حجم إنتاجها من الكوبالت، التي تعتبر هي أكبر منتج له في العالم، بلغ خلال الأعوام الثلاث الأخيرة مليون طن، مشيرا إلى أن زامبيا تستثمر أيضا في تعدين المنغنيز واليورانيوم وغيرها من المعادن النفيسة. وقال وزير المالية الزامبي في حوار مع «الشرق الأوسط»، زامبيا تزخر بالكثير من حقول الاستثمار، بما في ذلك الإنتاج الزراعي، معتبرا أن المؤتمر الاستثماري الخليجي الأفريقي، الذي عقد مؤخرا بالعاصمة السعودية الرياض، جاءت توصياته متوافقة مع طموحات الأفارقة، مشيرا إلى أن الإعلام الغربي، حرم القارة من استثمارات أجنبية كبيرة، بسبب نقله وجها مسيئا عنها.

وفي الحوار التالي المزيد من التفاصيل:

* المؤتمر الاستثماري الخليجي الأفريقي.. برأيكم هل كان بداية حقيقية لصناعة شراكة خليجية أفريقية وإن جاءت متأخرة؟

- دعني أقول هي بداية لشراكة استراتيجية حقيقية، وهي تتويج لزيارات متبادلة أخذت تتشكل وتزداد باطراد نحو تحويلها لشيء ملموس، وهذا المؤتمر بمثابة مختبر لجدية هذه الشراكة، التي يعول عليها الكثير في بناء علاقات بينية في مجالات الاستثمار والتجارة والصناعة، أعود فأقول كانت هناك أفكار وطموحات، أنا شخصيا وجدت فيها هدفا جديا في هذا المؤتمر، خاصة أنه سنح لنا فرصة كبيرة للتلاقي بشكل مباشر مع الأطراف المختلفة من مسؤولين ورجال أعمال ومستثمرين من منطقة الخليج، وناقشنا فرص الاستثمار المتاحة في بلادنا بشكل أكثر شفافية، وهناك الكثير من الاجتماعات الثنائية التي عقدت بين أطراف أفريقية وأطراف خليجية من المستثمرين حول بعض الفرص الاستثمارية المتاحة ووقعت اتفاقات لا مجال للحديث عنها باعتبار أنها لم تر النور بعد، دعها تفصح عن نفسها على أرض الواقع في وقتها، ولكن بشكل عام سيكون هناك شكل جديد من أوجه العلاقات الأفريقية الخليجية الاستراتيجية الاستثمارية التي ستنعكس على العلاقات الاقتصادية والتجارية وحتى السياسية مستقبلا.

* ما أهم الفرص الاستثمارية المتاحة في أفريقيا لإنزال توصيات هذا المؤتمر على أرض الواقع؟

- بالطبع أفريقيا أرض الاستثمار الواعد لما تحتويه من موارد طبيعية من شأنها استيعاب أكبر قدر من الاستثمارات الخليجية، بدأ من الاستثمار في الزراعة حيث توفر الأراضي الخصبة الشاسعة والصالحة للزراعة في ظل وجود مصادر مائية ضخمة تشتمل على الأنهار والآبار الجوفية بجانب مياه الأمطار الغزيرة. أضف إلى ذلك فرصة الاستثمار في التعدين، حيث إن القارة غنية بالمعادن بشتى أنواعها، بجانب توفر مصادر الطاقة من بترول وغاز، ولا تنسى أن القارة انفتحت على عالم الاتصالات والتكنولوجيا والصناعة، وهذا كله وغيره يفتح الكثير من فرص الاستثمار الكفيلة باستقطاب أكبر عدد من المستثمرين الخليجيين.

* ما أهم مصادر التنمية الاقتصادية والفرص الاستثمارية المطروحة في زامبيا تحديدا؟

- زامبيا كدولة أفريقيه تزخر بالكثير من مصادر وموارد الطبيعة والاستثمار، ولكن أكبر مصادر دخلها هو التعدين، وبشكل أخص تعدين الكوبالت، حيث تعتبر زامبيا أكبر بلد منتج للكوبالت في العالم، فقد أنتجت في السنوات الثلاث الأخيرة مليون طن من الكوبالت، بالإضافة إلى ذلك فهي تقوم أيضا بإنتاج معادن المنغنيز، الذي يعتبر العمود الفقري لصناعة الأستيل، كما تنتج اليورانيوم بكميات تجارية كبيرة، وهو أيضا معروف أهميته في صناعة الطاقة النووية، بجانب الكثير من المعادن الأخرى التي تنتجها زامبيا وتضيف لدخلها السنوي، كما أن زامبيا زاخرة بمقومات الإنتاج الزراعي، حيث الأرض الزراعية الخصبة والمياه، وهذا ما تتميز به قارة أفريقيا ككل، ما جعل أنظار العالم تنظر إليها كمستودع للأمن الغذائي العالمي، بالنظر في حاجة العالم للغذاء وتعرض الكثير من بلاد العالم للجوع والكساد، مع الأخذ في الاعتبار الزيادة المطردة في الكثافة السكانية، سواء كان ذلك في الصين أو الهند أو غيرها من أنحاء العالم المختلفة، مع محاولة هذه البلاد في استنهاض قدراتها من خلال الزراعة حتى تواجه هذه الزيادة السكانية، هذا كله يقودنا لاهتمام العالم بالقارة الأفريقية في ظل الكوارث الطبيعية التي تجتاح العالم سواء كانت فيضانات أو حروبا أو حرائق، والتي تزيد من الحاجة للإنتاج الزراعي الذي من شأنه سد حاجة أهالي تلك المناطق المتأثرة، ناهيك عن غيرها من أجزاء العالم الأخرى.

* ما أكثر الدول الخليجية التي لها حركة استثمارية مع زامبيا وما أكثر قطاعات الاستثمار حظا؟

- يعتبر قطاع السياحة في أفريقيا من أهم قطاعات الاستثمار أيضا، وذلك لتوافر مقوماته الأساسية، وفي زامبيا تتوفر عناصر الاستثمار السياحي بشكل يجعل منه لافتا وجاذبا للمستثمرين الخليجيين، خاصة الذين يهوون ممارسة الصيد والاستمتاع بما تجود به الطبيعة من حيوانات وأنهار، وفي تقديري أن السعوديين أكثر الخليجيين ورودا لممارسة السياحة في زامبيا، ويحضرني في هذا المقام السعي المحموم الذي يقوم به الدكتور حسن عطا سفير السعودية لدى زامبيا، إذ له جهود جبارة في تشجيع المستثمرين السعوديين ببحث فرص الاستثمار بشكل خلاق ومثمر في بلدي.

* ولكن ما زال الكثيرون من المستثمرين يخشون من الاستثمار في أفريقيا بسبب الحروب وإفرازاتها في كثير من البلاد الأفريقية.. ألا تعتقد أن هذا أصعب التحديات التي تواجهكم؟

- في الماضي خاصة في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، كانت هناك الكثير من النزاعات والحروب التي تفتك بعدد من دول القارة، غير أن الأوضاع بدأت تتحسن شيئا فشيئا، وبالتالي فالقارة أكثر استعدادا الآن لاستيعاب أكبر قدر من الاستثمارات الخارجية، وتحديدا الخليجية منها، ولم يعد هناك ما يصرف نظر المستثمرين الخليجيين عن الاستثمار في أفريقيا، وتغيير اتجاه بوصلة الاستثمار من أوروبا وأميركا وغيرها إلى بلادنا الأفريقية، دعني أقول إن أفريقيا الآن مهيأة أكثر للخليجيين ليستثمروا أموالهم المقدرة في أمن وآمان، حيث بدأ يعم السلام كثيرا من أنحاء القارة، أما بقية الحروب والقضايا العالقة في طريقها للحل أو الانتهاء، وكل ما يقال عن فقر أفريقيا وأنها بلاد موبوءة بالأمراض والحروب ما هو إلا للاستهلاك الإعلامي الذي يكيد للقارة بما يشتهي، وعلى الخليجيين ألا يكتفوا بما تعكسه الفضائيات والإذاعات التي لا تشيع خيرا عن هذه القارة الزاخرة بكل أسباب الحياة.

* ولكن هناك حروب بالفعل تشتعل في كثير من أنحاء القارة.. أليس هذا من صنع الأفارقة، الذي جاء خصما على الاستثمار الأجنبي فيها؟

- أنا لم أقل لا توجد حروب في أفريقيا، ولكن هناك مبالغات في نقل الحقيقة، التي يعممونها على سائر أفريقيا وكأنها تشتعل كلها بالحروب، فمثلا عندما تكون هناك نزاعات في منطقة مثل الصومال، تجد الإعلام، وخاصة الغربي، يبالغ في نقلها ويضخمها ليقولوا إن أفريقيا غير آمنة وغير مستقرة، بينما أنه إذا حدث مثل هذا النزاع في جزء من أوروبا أو أميركا يقللون منه ويحصرون آثاره في حدود منطقة النزاع الجغرافية فقط، وبالتالي من أكبر التحديات التي تواجهنا الآن كدول أفريقية، هي كيفية مواجهة الآلة الإعلامية الغربية التي تضلل المشاهد ولا تنقل له إلا الأخبار السيئة والتقتيل والتشريد والمرض والفقر، ولكنها لا تنقل عن القارة الوجه الآخر، ففي ذلك ظلم يقع علينا وندفع ثمنه غاليا الآن.

* إلى أي مدى أثرت الأزمة المالية العالمية في اقتصاديات القارة الأفريقية ككل وزامبيا بشكل خاص؟

- القارة الأفريقية ليست بمعزل عن العالم، ولكن تأثير الأزمة المالية العالمية لم يكن بالشيء المخل أو المؤثر بالنظام الاقتصادي أو المالي كما هو عليه الحال في البلاد المتقدمة مثل أوروبا وأميركا أو البلاد التي ترتبط بها اقتصاديا بشكل موسع، لأن أغلب الدول الأفريقية ليست لها ارتباطات اقتصادية كبيرة مع تلك الدول، أما بالنسبة لزامبيا، فإن اقتصادنا يعتبر من أكثر الاقتصادات الأفريقية الصامدة، فهو ينمو بنسبة 6 في المائة، بفضل حزمة من السياسات المالية والاقتصادية التي اتخذتها الحكومة الزامبية.

* كيف تنظر إلى نظام المصرفية الإسلامية وانتشاره وهل لكم في زامبيا تعامل معه؟

- بالطبع توجد في زامبيا كثافة مقدرة من السكان المسلمين، وهذا حري به أن يجعل لنظام المصرفية الإسلامية موطئ قدم في زامبيا، وبالتالي فهناك بعض التعاملات المصرفية الإسلامية وقد استعانت بها كثير من الأنظمة المالية في أوروبا وحتى أميركا فما المانع أن نقوم بتطبيق هذه التجربة في بلادنا.

* ما الدور الذي تلعبه زامبيا في استتباب الأمن في أفريقيا وفي السودان تحديدا؟

- ظلت زامبيا على الدوام دولة مسالمة، ولا تتدخل في شؤون الغير، ولذلك فهي لم تشهد أي نوع من الحروب والصراعات الأهلية، بعكس ما هو عليه الحال في الدول المجاورة لها، لا سيما موزمبيق والكونغو وغيرها من دول الجوار، وهناك بعض الحركات المتمردة في بلادها لسبب أو لآخر، ولكن لم تشأ زامبيا في الدخول في عملية صراعات لدولة، ما لم يطلب منها ذلك، وبعيدا عن هذه الصراعات لزامبيا الرغبة الأكيدة في المساهمة في اغتنام أي فرصة للسلام.