لك سيدتي!

علي المزيد

TT

اطلعت الأسبوع الماضي على إعلان صغير في إحدى الصحف السعودية المحلية، وكانت أول كلمة به «لك سيدتي». مثل هذا العنوان يجبرك على أن تقرأ ما بداخل العنوان، وأعتقد أن المعلن كان ذكيا حينما عنون إعلانه بهذا الإعلان، لأن الرجال والنساء اتجهوا إلى قراءة إعلانه. المهم أنني اطلعت على مضمون الإعلان فوجدته يتحدث عن تكبير الأرداف والصدر والخدود، وأيضا تبييض البشرة! وجدت رقما لهاتف جوال في الإعلان. لاحظوا، «هاتف جوال»، ولم أجد هاتفا ثابتا ولا حتى اسم الشركة المصنعة لمثل هذه الأدوية الجبارة، وهو ما يعطي مصداقية للمعلن. اتصلت على الهاتف، رد علي البائع وكان الإعلان أمامي، وبصفتي رجلا ولا تناسبني أدوية الأرداف أو الخدود، أو أدوية تكبير الصدر، قلت له: أريد علاجا لتبييض البشرة. رد بسرعة: بشرتك غامقة، أم فاتحة؟ فقلت: ليست شديدة العتمة. رد بسرعة وقال: لدينا علاج بـ1000 ريال (266.6 دولار)، وللبشرة الفاتحة بـ500 ريال (133.3 دولار). قلت: هل هذا العلاج سيجعل بشرتي تتغير مثل ما تغيرت بشرة مايكل جاكسون؟! فقال: أفضل.

يا «بلاش»! مايكل جاكسون يخسر ملايين الدولارات ليغير لون بشرته، وأنا أغيرها بملاليم! لم يلتفت البائع إلى ما قلت، وبدأ يخاطب غريزتي واسترسل قائلا: لدينا أدوية لزيادة القدرة الجنسية والانتصاب. وذكر كل ما يدغدغ غرائز الرجل. الغريب أن أسعاره ليست عالية، وأيضا يبيعون لك الدواء ويوصلونه إلى منزلك أو إلى مقر عملك! سألته عن رخص هذا العلاج.. فقال: أدويتنا عشبية ومجربة ومفعولها مائة في المائة، ولا تحتوي على أي كيميائيات كما في الأدوية الأخرى.

ما الذي دفع هذا الرجل للإعلان في الصحف المحلية؟ دفعه ضعف الرقابة، وإلا فهو يقدم نفسه على طبق من ذهب للجهات المختصة لتعرف ما لديه إن كان صادقا أو كاذبا.

وأنتم تعرفون سادتي أن المرضى حينما يدخلهم اليأس من الأطباء يتعلقون بالمشعوذين والنصابين الذين يبيعون لهم علاجات للأمراض المستعصية، كعلاج العقم والسرطان والقدرة الجنسية، أو علاجات الجمال.

مثل هؤلاء المشعوذين والدجالين يهدرون الاقتصاد، أولا ببيع الوهم، وثانيا عبر ما تخلفه أدويتهم من عاهات وأمراض تجعل المستشفيات العامة تتحمل فاتورة باهظة نتيجة الجهل.

* كاتب اقتصادي