النفط يهبط قبيل اجتماع «أوبك» بسبب قوة الدولار

TT

على الرغم من الارتفاع الأخير لأسعار النفط لا يتوقع الخبراء أن يجري وزراء منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» تغييرا على سقف إنتاج المنظمة خلال اجتماعهم في كويتو عاصمة الإكوادور اليوم السبت. وقال الخبراء إن الدول الأعضاء الـ12 بالمنظمة راضية عن وضع السوق. وقال كريستوف دو مارجيري الرئيس التنفيذي لشركة «توتال» في نيويورك أمس: «سعر النفط قد يصل إلى أكثر من 100 دولار للبرميل لكنه لن يكون شيئا طيبا. فتأثير النفط على الاقتصاد أكبر مما يظن الناس». وأضاف قوله: «وأيضا 70 دولارا إلى 80 دولارا لبرميل النفط يبدو منخفضا قليلا يتعذر معه الاستثمار في مناطق العالم الصعبة. و70 دولارا غير كاف». وكان سعر النفط قد انخفض أمس متأثرا بالتحسن الكبير في سعر صرف الدولار الذي استفاد من تحسن ثقة المستهلكين في أميركا التي ارتفعت إلى أعلى مستوياتها وقللت من جاذبية السلع وعلى رأسها النفط بالنسبة للمستثمرين. وانخفضت عقود برنت في السوق المستقبلية لشهر يناير (كانون الثاني) بنسبة 0.3% أي بمقدار 29 سنتا إلى 90.70 في الجلسات الصباحية في لندن، فيما سجل سعر النفط الأميركي الخفيف في نيويورك في الجلسات الصباحية 88.01 دولار للبرميل.

من جانبها قالت كلوديا كيمفيرت، الخبيرة في مجال الطاقة بمعهد الأبحاث الاقتصادية الألماني في برلين لوكالة الأنباء الألمانية إن «الأسعار عند مستوى مرتفع نسبيا، لكن ليس هناك حاجة إلى رد فعل مباشر». وشرحت أنه لا يوجد مؤشر على حدوث قفزة أو هبوط كبير خلال هذا العام أو العام التالي، متوقعة تصحيحا نزوليا للأسعار مطلع العام الجديد. وسجل خام نفط «أوبك» ذروة بلغت 88.13 دولار للبرميل بداية هذا الأسبوع. وتسير أسعار سلة خامات «أوبك» بشكل تقليدي وراء الخام الأميركي ولكن بمستوى أقل بشكل طفيف. وفيما تراجع الخام الأميركي إلى 88.67 دولار في وقت سابق من يوم الخميس استقر خام «أوبك» على 87.46 دولار يوم الأربعاء وهي أحدث بيانات متاحة من المنظمة.

وأشار محللون إلى أن ضعف قيمة الدولار والتعافي الطفيف للاقتصاد العالمي والطلب القوي بسبب موسم التدفئة في فصل الشتاء أوروبا وأميركا تعد العوامل الدافعة الرئيسية لزيادة الأسعار. وعندما يتراجع سعر صرف الدولار، يصبح النفط أكثر جاذبية لدى المستثمرين خارج الولايات المتحدة.

وقال إيجوين فاينبيرج المحلل الكبير بشؤون السلع بمصرف «كومرتسبنك» في فرانكفورت إنه في ضوء الوضع الحالي للسوق، قد تتوسع الدول الأعضاء في «أوبك» نظريا في حجم إنتاجها الكلي. وقال إن «الطلب والأسعار مرتفعان بشكل كاف». لكن، مثل خبراء آخرين، لا يتوقع احتمالية مثل هذا القرار خلال اجتماع كويتو. من جانبه قال ديفيد فيتش المحلل بمؤسسة «جي بي سي إنرجي» الاستشارية في فيينا إنهم «سيدرسون السوق لكن لن يحدث أكثر من ذلك من وجهة نظرنا». وكان آخر خفض لسقف إنتاج «أوبك» حدث في أواخر عام 2008، كرد فعل لتراجع الأسعار في غمرة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. وتضخ الدول الأعضاء في «أوبك» من الدول العربية وأميركا اللاتينية وأفريقيا أكثر من ثلث الإنتاج العالمي من النفط وتستحوذ على 80% من الاحتياطيات العالمية.

إلى ذلك قالت مصادر في صناعة النفط أمس إن السعودية أكبر مصدري النفط ستزود ما لا يقل عن 6 مشترين آسيويين بعقود محددة المدة بكل كميات النفط المتعاقد عليها لشهر يناير دون تغيير عن مستويات شحنات ديسمبر (كانون الأول) كما كان متوقعا.

وقال مصدران إن المملكة ستقدم المزيد من الخام الخفيف الأعلى سعرا إلى مشترين آسيويين اثنين على الأقل الشهر المقبل بالرغم من عدم وجود أي تعديل في إجمالي الكميات عن شحنات ديسمبر. ودفع انتعاش الطلب الآسيوي السعودية إلى الوفاء بكل الكميات المتعاقد عليها مع آسيا منذ يناير. وفي ذات الصعيد قالت مصادر في صناعة النفط لـ«رويترز» أمس إن السعودية ستزود عملاءها الأوروبيين بكميات مستقرة من النفط لشهر يناير. وقال مصدر في إحدى شركات التكرير «تنسجم المخصصات مع ما طلبناه. لم تتغير عن الشهر الماضي». وأضاف «لم تحدث تغييرات كبيرة خلال هذا العام ككل».

ويذكر أن وكالة الطاقة الدولية قالت في تقريرها الشهري الصادر أمس إن الطلب العالمي على النفط سيكون أعلى من المتوقع في العام القادم وحتى 2015 الأمر الذي سيزيد الحاجة إلى زيادة إنتاج «أوبك». ورفعت الوكالة التي تقدم المشورة إلى 28 بلدا صناعيا توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2011 بمقدار 130 ألف برميل يوميا إلى 1.32 مليون برميل يوميا مقارنة مع تقريرها السابق. وسجلت أسعار النفط هذا الأسبوع 90 دولارا للبرميل لأول مرة منذ أكثر من عامين وعزت الوكالة الارتفاع إلى زيادة الاستهلاك في الربع الثالث من 2010 عندما نما الطلب 3.3 مليون برميل يوميا. وأضاف التقرير «بالرغم من أن استمرار المخاوف الاقتصادية يرجح كفة التراجع لأسباب ليس أقلها احتمال تأثير الأسعار المرتفعة الحالية سلبا على النمو إلا أن المزيد من الطلب الفوري قد يقود إلى اتجاه صعودي بصورة مفاجئة. «الأحوال الجوية الصعبة التي شهدها نصف الكرة الشمالي مؤخرا يمكن أن تتضافر مع ترشيد استهلاك الكهرباء في الصين - إذا ما استمر - في رفع الطلب في الأجل القصير».

ورفعت الوكالة أيضا توقعاتها للطلب على نفط أوبك العام المقبل بواقع 100 ألف برميل يوميا إلى 29.5 مليون برميل يوميا بسبب ارتفاع آفاق الطلب. وفي تحديث لتوقعاتها في الأجل المتوسط قالت الوكالة أيضا إن الطلب العالمي على النفط في الفترة من 2009 إلى 2015 سينمو بمتوسط سنوي قدره 1.4 مليون برميل يوميا وهو مستوى أعلى من توقعاتها السابقة التي أعلنتها في يونيو (حزيران).