توقعات بأداء جيد للاقتصاد المصري في 2011 بدعم من استثمار خليجي ونمو الإنفاق الداخلي

التضخم والبطالة أهم مشكلاته وخبراء يطالبون بتنظيم الأسواق

ارتفاع أسعار السلع أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم (رويترز)
TT

توافقت تقارير بحثية متخصصة مع توقعات حكومية حول أداء جيد للاقتصاد المصري العام الجديد 2011 مرتكزا على توقعات بتدفقات استثمارية قوية من الخليج ونمو قطاعي السياحة والتصدير وانتعاش كبير في الطلب المحلي وذلك على الرغم من عدم وضح الرؤية حول مستقبل الاقتصاد العالمي.

واعتمد تقرير مطول لبنك الاستثمار المصري «سي آي كابيتال» في نظرته المتفائلة للاقتصاد المصري على زيادة الطلب الهائل لسكان مصر (80 مليون نسمة) والذي ساهم بقدر كبير في إيجابية الاقتصاد عام 2010، إلا أنه حذر من زيادة الضغوط التضخمية بسبب ارتفاع أسعار السلع بخلاف زيادة العجز المالي وارتفاع الدين المحلي، وزيادة معدلات البطالة، والتي اعتبرها من المشكلات الرئيسية التي سيواجهها الاقتصاد المصري في العام الجديد.

وقال: «سي آي كابيتال» إن برنامج الحكومة المصرية لإقراض الموظفين (6.2 مليون موظف) سيدعم زيادة الطلب الداخلي وخطط الحكومة نحو توسيع نشاط التجارة الداخلية، مشيرا في هذا الصدد إلى الدعم الحكومي للإنفاق الخاص الذي بلغ 20 مليار جنيه (3.5 مليار دولار) كقروض ممنوحة لموظفي الحكومة بواسطة البنوك، مبينا أن الإنفاق الخاص المصري يشكل أكثر من 70% من الاقتصاد كما يؤثر بشكل كبير على الأداء الاقتصادي إذ ارتفع بنسبة 5.1% العام المالي الماضي.

وأعلنت الحكومة المصرية عن إجراءات غير نمطية لتحفيز الاقتصاد وغير ممولة من خزانة الدولة منها تقديم قروض ميسرة وبأسعار فائدة مميزة للموظفين بالحكومة من خلال إطار تنسيقي مع البنوك تديره وزارة المالية. ورأت «سي آي كابيتال» أن الارتفاع الكبير في الإقراض يعد علامة إيجابية لتحرك عجلة الاستثمار.

وأشار التقرير إلى أن الحكومة المصرية تسعى لعمل تطوير شامل في زيادة الطلب المحلي للدولة لتكون قادرة على تحقيق نمو في الاقتصاد بنسبة تفوق الـ5% عام 2011.

وتوقع وزير المالية المصري الدكتور يوسف بطرس غالي أن يحقق الاقتصاد المصري نموا بنسبة 7% العام المقبل 2011 وأن تزيد تلك المعدلات لتتراوح ما بين 8 و8.5% العام الذي يليه.

ونوه تقرير «سي آي كابيتال» بخطوات الحكومة لتحسين مناخ الاستثمار، لافتا إلى أن الاستثمار قد تراجع بنسبة 11% العام المالي 2008 - 2009 قبل ارتفاعه بنسبة 4% في العام المالي المنتهي في يونيو (حزيران) الماضي بدعم من زيادة الاستثمارات الأجنبية.

ونبه إلى أن زيادة أسعار النفط ستؤدي إلى ارتفاع إيرادات قناة السويس (أحد أهم روافد الاقتصاد المصري) إلى 4.9 مليار دولار في العام المالي الجاري الذي ينتهي في يونيو المقبل مقابل 4.7 مليار دولار كما تؤدي هذه الزيادة في نمو الاستثمارات الأجنبية من الدول المصدرة للنفط، وخاصة دول الخليج العربي التي ستكون إحدى دعائم الاقتصاد في العام الجديد.

كما توقع أن تحقق عائدات السياحة ارتفاعا مع التسهيلات المقدمة من الحكومة، لافتا إلى أن زيادة أسعار النفط ستسهم في زيادة حركة السياحة القادمة من دول الخليج، متوقعا أن تبلغ إيرادات السياحة 12.8 مليار دولار بنهاية العام المالي الجاري.

وقال تقرير حديث لوزارة السياحة المصرية تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إنها تتوقع أن تحقق السياحة المصرية خلال الفترة يوليو (تموز) 2010 وحتى يونيو القادم قرابة 15.5 مليون سائح بما يتحقق معه من ليال سياحية تصل إلى 154 مليون ليلة سياحية ودخل سياحي 13 مليار دولار (بحساب متوسط الإنفاق للسائح 85 دولارا/ ليلة) وبذلك يكون معدل النمو عن نفس الفترة من العام السابق 13%.

وقال تقرير «سي آي كابيتال» إن الاقتصاد المصري في 2010 شهد زيادة كبيرة في الاستثمار والاستثمار الخاص في المقدمة وبلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للعام المالي الماضي نحو 6.8 مليار دولار، متوقعا ارتفاعها في عام 2011 من الدول الخليجية بدعم من زيادة أسعار النفط.

ونوه بأنه رغم المخاطر العالمية فقد ارتفعت قيمة الصادرات المصرية للخارج العام الجاري، مشيرا إلى سعي الحكومة المصرية إلى زيادة كبيرة في الصادرات، معتمدة في ذلك على الاتفاقات التجارية والتكتلات الاقتصادية التي ترتبط بعلاقات معها.

وقال رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة أمس إن صادرات مصر في الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى منتصف ديسمبر (كانون الأول) الجاري حققت طفرة كبيرة لتبلغ 103 مليارات جنيه (18 مليار دولار) مقابل 92 مليار جنيه (16 مليار دولار) خلال عام 2009، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يصل إجمالي قيمة الصادرات مع نهاية العام إلى 110 مليارات جنيه (19.2 مليار دولار) في حين كان من المخطط تحقيق 100 مليار جنيه (17 مليار دولار) فقط لتصل نسبة الزيادة إلى 20% عن صادرات العام الماضي.

وأضاف رشيد أن هذه الزيادات الكبيرة في قيمة الصادرات رغم التحديات العالمية تؤكد زيادة القدرة التنافسية للصناعة المصرية، مؤكدا أن هذا يزيد الثقة في قدرة قطاع الصناعة على مواجهة التحديات ومواصلة النمو وفقا للأهداف المحددة للوصول إلى 200 مليار جنيه (35 مليار دولار) عام 2013.

ونبه «سي آي كابيتال» إلى بعض المخاطر التي تهدد الاقتصاد المصري عام 2011 في مقدمتها الضغوط التضخمية التي تؤدي إليها الارتفاعات الكبيرة في أسعار السلع.

وأوضح أن ارتفاع أسعار السلع أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم، مشيرا إلى زيادة أسعار الغذاء بمتوسط 20% من شهر يناير إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 ليسجل التضخم السنوي الأساسي ومعدل التضخم الرئيسي متوسط 11.2% و7.3% على التوالي خلال تلك الفترة.

وأجمع خبراء مصريون على ضرورة السيطرة على معدلات التضخم من خلال سياسة نقدية متوازنة للبنك المركزي ووضع خطة حكومية لتنظيم الأسواق وخفض عجز الموازنة، كما طالبوا بتحقيق معدلات منخفضة للتضخم تسهم في بناء الثقة والمحافظة على معدلات مرتفعة للاستثمار.

وقالت الدكتورة سلوى العنتري الخبيرة في السياسة النقدية إن البنك المركزي المصري لم يلتزم رسميا حتى الآن بمعدل مستهدف للتضخم الأساسي (الذي يستبعد منه أسعار السلع الأساسية) أو مدى زمني للوصول إليه على الرغم من أن معدل التضخم الأساسي يتراوح منذ يونيو 2009 وحتى الآن ما بين 6 و8% وشددت على ضرورة السعي لتحقيق تطابق في الأجل الطويل بين معدل التضخم العام ومعدل التضخم الأساسي المستهدف.