وزير المالية الروسية يشكو بوتين إلى الرقابة الإدارية

في واقعة قد تكون الأولى من نوعها

TT

في واقعة قد تكون الأولى من نوعها، أعلن ألكسي كودرين، نائب رئيس الحكومة وزير المالية الروسية، عن انتقاداته لعدد من قرارات رئيس الوزراء، فلاديمير بوتين، متهما إياه بتجاوز الكثير من بنود الميزانية بعد إقرار قانونها.

وقال كودرين، الصديق القديم لبوتين، وأحد ممن ساعدوه للالتحاق بالعمل في الجهاز الإداري للكرملين في عام 1996، إنه لم يعد قادرا على الحد من تنامي حجم النفقات الحكومية.

وفي محاولة للبحث عن الدعم المناسب، توجه كودرين إلى سيرجي ستيباشين، رئيس جهاز الرقابة الإدارية ورئيس الحكومة الروسية الأسبق، يطلب منه التدخل لكبح جماح الحكومة، مشيرا إلى ما تطرحه من مشاريع يتجاوز تمويلها الحجم المقرر له بما يقرب من 30 - 50 في المائة من الميزانية المقررة، وأنه لا يستطيع وحده وقف تجاوزات انتهاك بنود الميزانية. وتعليقا على مثل هذه الانتقادات قال ديمتري بيسكوف، الناطق الرسمي باسم الحكومة الروسية، إن انتقادات وزير المالية يمكن تناولها من منظور خلافات العمل. وكشف بيسكوف أن وزير المالية كودرين لا يتحرج بطبيعته من انتقاد تصرفات الحكومة حين يرى ذلك واجبا، مؤكدا أنه ليس وحده الذي يقوم بذلك.

وكان كودرين انتقد بشكل غير مباشر توجيهات رئيس الدولة ديمتري ميدفيديف التي أوجزها في خطابه السنوي إلى الأمة في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حول إعادة توزيع بنود الميزانية لمواجهة العجز الناجم عن إدراج مشاريع جديدة لم تكن مدرجة في المشروع السابق للميزانية، ومنها تخصيص مبلغ 20 تريليون روبل لدعم القدرات الدفاعية للدولة، إلى جانب المصروفات اللازمة لدعم الأسرة المعيلة.

وأشارت «الصحيفة المستقلة» بهذا الصدد إلى الأساليب المبتكرة لكودرين لدي انتقاداته للحكومة، مشيرة إلى أنه يتعرض بدوره إلى انتقادات الرقابة الإدارية التي طالما اتهمت وزارة المالية بعدم الالتزام ببنود الميزانية. وفسرت ذلك بقولها إن انتقادات كودرين للحكومة تبدو تبريرا لعجزه عن القيام بتحقيق التوازن في الإنفاقات الحكومية والالتزام بالمقرر. وقد عاد كودرين إلى مقارعة بوتين حين اتهم زملاءه ممن استشهد بهم رئيس الحكومة بعدم دقة أرقامهم حول نسبة العجز التي قال إنها كانت تزيد عن 3.5 في المائة هذا العام، إلا أنها سوف تصل إلى 5 في المائة بعد توفير بعض مخصصات الوزارات، في الوقت الذي قالت فيه وزيرة الاقتصاد والتنمية إن نسبة العجز لن تزيد عن 3.5 – 3.8 في المائة.

وأصر وزير المالية على موقفه، مؤكدا عدم صحة تقديرات الآخرين، مما دفع بوتين إلى سؤاله: من الذي منحك جائزة أفضل وزير للمالية في العالم؟ وحين أجاب كودرين بأنها مجلة «Euromoney» قال بوتين إنها مجلة المتخصصين.. ومع ذلك سنرى لاحقا من الأصدق.. أنت أم زملاؤك.

ومن الطريف والمثير معا أن كودرين وبوتين وميدفيديف وستيباشين تربطهم علاقات صداقة قديمة تمتد إلى سنوات نشاطاتهم المشتركة وعملهم سوية في جهاز بلدية مدينتهم الأم ليننجراد (سان بطرسبورغ حاليا) تحت رئاسة الراحل اناتولى سوبتشاك، نجم الحركة الديمقراطية إبان سنوات البيريسترويكا، في منتصف ثمانينات القرن الماضي.