الأردن: اقتصاديون يتوقعون نموا بطيئا على الرغم من التعافي من الأزمة المالية العالمية

الدعوة إلى استمرار العمل بالسياسات النقدية والمصرفية الحالية

TT

دعا محافظ البنك المركزي الأردني فارس شرف، إلى استمرار العمل بالسياسات النقدية والمصرفية الحالية مع المراجعة الدورية لمواكبة الظروف الاقتصادية والائتمانية العالمية، بعد أن أكد أن الاقتصاد الوطني بدأ يتعافى، لكن خبراء اقتصاديين يتوقعون نموا اقتصاديا بطيئا العام المقبل، كما يشككون في إمكانية حدوث نهاية قريبة لأثار التراجع الاقتصادي العالمي.

وقال محافظ البنك المركزي الأردني إن النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي بلغ 2.9 في المائة، خلال الربع الثاني من العام الحالي، وهو معدل يفوق نظيره المسجل خلال الربع الثاني من العام الماضي 1.9 في المائة، مدفوعا بتحسن الظروف الإقليمية والعالمية ونمو القطاعات التصديرية والخدمية، بالإضافة إلى تحسن معدلات نمو الائتمان المقدم من الجهاز المصرفي، وبواقع 7 في المائة خلال العشرة أشهر الأولى من عام 2010، مقارنة مع نمو نسبته 1.5 في المائة خلال الفترة المماثلة من عام 2009. إلا أن شرف أكد أن وتيرة النمو الاقتصادي المتحققة لا تزال أقل من المستوى المرغوب، مضيفا أن مثل هذا الواقع يستدعي استمرار العمل بالسياسات النقدية والمصرفية التيسيرية الراهنة، مؤكدا أن البنك المركزي سيراجع هذه السياسة دوريا وسيعمل على تغييرها إذا تطلبت الظروف الاقتصادية والائتمانية ذلك.

ويرى اقتصاديون أن زيادة عوائد السياحة وزيادة نشاط القطاع العقاري خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، بالإضافة إلى نجاح الحكومة في تقليص عجز الميزانية من أصل عجز غير مسبوق في عام 2009، عوامل إيجابية.

ومع ذلك فإنهم يقولون إن ميزانية العام المقبل لا تزال تعاني من عجز كبير، وإنه لا حاجة لتضخيم الأمر بأكبر من حجمه وأن يكون هناك تفاؤل مبالغ فيه إزاء النمو في العام المقبل.

وتشير معلومات دائرة الأراضي والمساحة إلى أن نشاط القطاع العقاري في الأردن ازداد خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي بما يصل إلى 931 مليون دينار أردني (1.3 مليار دولار)، حيث بلغ 3.98 مليار دينار، مقارنة بـ3.05 مليار دينار في الفترة نفسها من عام 2009.

وحسب أرقام صادرة عن وزارة السياحة والآثار الأردنية، فقد ازدادت العوائد السياحية خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام بنسبة 19 في المائة، لتصل إلى 2.05 مليار دينار، بالمقارنة مع 1.73 مليار دينار.

يضاف إلى ذلك نجاح الحكومة الأردنية في تقليص عجز ميزانية عام 2010 إلى 1.02 مليار دينار (نحو 1.4 مليار دولار)، مقابل 1.4 مليار دينار عام 2009، بما يعادل 2.01 مليار دولار.

ويقول المستشار السابق للبنك المركزي زيان زوانة: «كان هناك بعض التعافي عام 2010 وأتوقع استمرار الوضع عام 2011 ولست متفائلا بأن يزيد نمو العام المقبل عن العام الحالي».

ويعرب اقتصاديون عن قلقهم بخصوص عجز الميزانية الأردنية في عام 2011، حيث قالت الحكومة إن العجز يقدر بنحو 1.06 مليار دينار أردني، وأضافوا أن الدين العام الأردني الإجمالي المرتفع للغاية يظل عقبة أمام اجتذاب مزيد من الاستثمارات للبلد.

وكان الدين الأردني الداخلي قد بلغ 7.637 مليار دينار حتى شهر أغسطس (آب) العام الحالي، أي ما يساوي 39.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي, أما الديون الخارجية على المملكة الأردنية حتى نهاية أغسطس بلغت 3.967 مليار دينار، بزيادة 98 مليون دينار، عما كانت عليه عام 2009، وذلك حسب أحدث أرقام نشرها البنك المركزي.

ويبدو أن وزير المالية الأردني محمد أبو حمور، متفائل بوضع اقتصادي أفضل خلال العام المقبل، حيث أضاف في تصريحات صحافية أن النمو الفعلي للناتج المحلي الإجمالي ينتظر أن يبلغ 5 في المائة في عام 2011, بالمقارنة مع 3.4 في المائة في عام 2010.

وأضاف الوزير أبو حمور أن الاقتصاد الوطني يتعافى شأنه في ذلك شأن معظم اقتصاديات المنطقة، الأمر الذي يدعو إلى التفاؤل.

غير أن اقتصاديين يرون أن توقع النمو بنسبة 5 في المائة في العام المقبل «غير واقعي، وأنه مبالغ فيه»، وقال الاقتصادي إسماعيل حجازي: «أعتقد أن توقع النمو بنسبة 5 في المائة فيه كثير من التفاؤل، حيث إن النمو كان بطيئا في عدد من القطاعات عام 2010، ولذلك يتطلب الأمر أكثر من عام لكي نرى تعافيا فعليا من أثار الأزمة، حيث لا بد أن نأخذ في الاعتبار عجز ميزانية العام المقبل، وغير ذلك من العوائق الاقتصادية». ووافق زوانة الذي كان مستشارا سابقا لوزارة المالية، ولصندوق النقد الدولي مع هذا الاستنتاج.

وأضاف أن «الأزمة المالية العالمية لا تزال تؤثر على عدد من البلدان، مثل الأردن». وقال كذلك «إن البلدان التي تأثرت بالأزمة أولا، سوف تكون الأولى في التعافي، بينما سوف يستغرق الأردن الذي تأخر في التأثر بها، وقتا أطول لكي يتعافى، وإن تعافيه من الأزمة بطيء، وسوف يستغرق وقتا».

وقدر الاقتصاديون معدل النمو المتوقع للاقتصاد الأردني بنسبة 3.5 في المائة عام 2011. وقال زوانة: «لا يزال عجز الميزانية الأردنية مرتفعا، وكذلك هي حال الدين العام، والاقتراض الخارجي. وما زالت نسب البطالة، والفقر كما هي، ولم يتم الكثير في علاجهما». وأبدى الاقتصادي حسام عايش ملاحظات مماثلة، حيث قال: «إنه على الرغم من بعض المؤشرات الإيجابية عام 2010»، بما في ذلك زيادة في تحويلات المغتربين خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام، فإن الأمر سوف يتطلب أكثر من عام، لكي نشهد وجود «تعاف أصيل من الأزمة».