67 مليار دولار حجم استحواذات الشركات الهندية في الخارج في 2010

بعد عامين من الهدوء والترقب أظهرت نهما جديدا للاستحواذ على كيانات أجنبية

في عام 2010 تم توقيع أكثر من 1047 صفقة بمتوسط قيمة يصل إلى 51.4 مليون دولارمقارنة بـ1235 صفقة عام 2009 بمتوسط قيمة يبلغ 16.5 مليون دولار (إ.ب.أ)
TT

لتشبع نهمها الكبير للاستحواذ على الأصول الأجنبية، نفذت كبرى الشركات الهندية صفقات شراء واستحواذ خارجية بلغ إجمالي قيمتها 67.2 مليار دولار عام 2010.

وبعد عامين من الهدوء والترقب، أظهرت الشركات الهندية نهما شديدا للاندماج والاستحواذ على كيانات اقتصادية أجنبية. وفي الواقع، فإن قيمة الصفقات المبرمة هذا العام فاقت بكثير أعلى قيم سجلتها في السابق وهي 42 مليار دولار عام 2007.

وفي عام 2010، تم توقيع أكثر من 1047 صفقة بمتوسط قيمة تصل إلى 51.4 مليون دولار، مقارنة بـ1235 صفقة عام 2009 بمتوسط قيمة تصل إلى 16.5 مليون دولار.

وقد حظي مجال الطاقة والكهرباء بأكبر حصة من هذه الصفقات (نحو 23 مليار دولار)، وكانت أكبر صفقة في هذا المجال هي صفقة شراء مجمع «كارابوبو» في فنزويلا بقيمة 4.8 مليار دولار من قبل مجموعة من الشركات الهندية المملوكة للدولة ضمت «أو إن جي سي» و«آي أو سي» و«أويل إنديا» بالتعاون مع شركة «ريبسول» الإسبانية و«بتروليم ناشيونال» الماليزية، وصفقة شراء شركة «ريلاينس إندستريز» لأصول الغاز الحجري، واستحواذ شركة «إدني إنتربريزس» على أصول «كول تنتمنتس» في «لاينك إينرجي لمتيد» في حوض الجليل، وصفقة مجموعة «إيسار - ترينتي كول كوربوريشن»، التي بلغت قيمتها 600 مليون.

وقال سي جي سريفيدا الخبير بمكتب «غرانت ثورنتون» الاستشاري: «قامت الشركات الهندية بعمليات استحواذ في أميركا الجنوبية وأوروبا وأستراليا وسنغافورة وغيرها، منذ فترة. ولكن الفترة الأخيرة شهدت زيادة الاهتمام بالاقتصاديات النامية في أفريقيا وإندونيسيا وماليزيا، إلخ»، لكنه أضاف محذرا: «من المهم النظر إلى قيمة الأصول المشتراة، وإلا لن يتمكن المشتري من تحقيق عوائد كافية».

وجاء قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية في المرتبة الثانية بعد قطاع الطاقة بصفقات بلغت قيمتها الإجمالية (15 مليار دولار).

وكانت شركة تشغيل الهواتف النقالة الهندية «بهارتي إيرتل» قد اشترت أصول مجموعة «زين» الكويتية للاتصالات في أفريقيا في صفقة بلغت قيمتها 10.7 مليار دولار. وهي ثاني أكبر عملية شراء تقوم بها شركة هندية، بعد شراء شركة «تاتا ستيل» مجموعة «كورس» في ذروة من نشاط السوق عام 2001، بقيمة 12.9 مليار دولار.

وعلق سونيل ميتال، رئيس مجلس إدارة شركة «بهارتي إيرتل»، على هذا الصفقة قائلا: «وجود مليار عميل، أي 10 أضعاف عدد عملاء الشركة في الهند، يمثل فرصة رائعة للشركة لكي تحقق النمو في 15 بلدا. وبينما نبدأ ونوسع أنشطتنا في أفريقيا، فإننا نتطلع للمزيد من الفرص».

وفي ختام هذا العام، أعلنت شركة «جا إس دبليو»، ثالث أكبر مصنع للصلب في الهند، شراءها حصة شركة «اسبات إنداستريز» التي تعاني من ضائقة مالية بقيمة 476 مليون دولار. كما أعلنت شركة «تاتا للكيماويات» شراء شركة «بريتش سالت» التي تنتج الملح الأبيض النقي مقابل 93 مليون جنيه إسترليني. ودفعت شركة البنية التحتية «لانكوا إنفراتيك» ما بين 795 - 845 مليون دولار في صفقة للاستحواذ الكامل على شركة التعدين الأسترالية «غريفين كول». واشترت شركة «ريليغار إنتربريزيس» حصة قدرها 55% في «لاندمارك برتنارز»، وهي شركة تداول أسهم وأصول الصناديق العقارية مقرها الولايات المتحدة مقابل 171.5 مليون دولار. وسيطرت شركة «أوبتو سيركويتس» الهند على حصة قدرها 76% في مؤسسة «بوثيل»، لعلم أمراض القلب التي مقرها واشنطن بقيمة 55 مليون دولار. وهذه هي ثالث عملية شراء قامت بها شركة «أوبتو سيركويتس» في هذا العام، بعد أن اشترت شركة «يوني تكسيس»، التي مقرها رود أيلاند بالولايات المتحدة، بمبلغ قدره 9.7 مليون دولار في يوليو (تموز) وشركة «إن إس رميديز» بمبلغ 1.50 مليون دولار في أبريل (نيسان).

وقد شملت الصفقات البارزة الأخرى، شراء شركة «شري رينوكا شوجار» حصة قدرها 50% من شركة «إيكوي باف إس إيه» البرازيلية مقابل 329 مليون دولار وشراء شركة «جيندال إستيل أند بورز» لشركة «شديد» للحديد والصلب التي مقرها سلطنة عمان بمبلغ 464 مليون دولار. كما اشترت «ماهيندرا أند ماهيندرا» شركة «سانج يونج» لصناعة السيارات التي مقرها كوريا الجنوبية.

ويعتبر هذا توجها مختلفا عن توجه الشركات الهندية خلال السنوات الماضية الذي كان يركز على الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. والأمر الرائع أيضا هو أن الشركات الهندية يبدو أنها أصبحت الآن تتطلع بصورة متزايدة إلى الأسواق الناشئة من أجل تنفيذ عمليات شراء واستحواذ للشركات العاملة بها.

ويتوقع الخبراء استمرار فورة الشراء والاستحواذ لدى الشركات الهندية خلال العام المقبل.

وقال فريني بتال، المحرر المشارك لمطبوعة «ديل ريبورتير»، وهي جزء من مجموعة «ميرغير ماركت غروب»: «من المتوقع أن تزيد نسبة عائدات النشاطات الخارجية للشركات الهندية لتصل إلى ما يقرب من 30% بحلول عام 2015، هو ما يزيد عن نسبتها عام 2009 التي قدرت بـ10%. وإحدى أهم القضايا التي سيتعين على الشركات الهندية التعامل معها بعد هذا التوسع خارج الهند هي التحديات المتعلقة بالاندماج. وإذا تمكنوا من التعامل مع هذه التحديات بشكل جيد، كما أظهرت التجربة حتى الآن، فإنهم سوف يكونون قادرين على الاستفادة من المواهب الإدارية العالمية لبناء فرق متعددة الثقافات والتي أصبحت ضرورية لتحقيق النجاح على الصعيد العالمي أيضا».

وأضاف قائلا: «إن الشركات الهندية على استعداد لدفع ما تراه قيمة صحيحة لهذه الأصول، فهي لا تبحث عن مجرد صفقات لتبرمها، لكنها تسعى للاستفادة من حالة الركود الاقتصادي، وحقيقة أن الكثير من الشركات التي تحقق خسائر في الأسواق المتقدمة تبحث عن مشترين».

وقد بدأت الشركات الهندية هذه الرحلة منذ نحو 4 إلى 5 سنوات. ونتيجة لذلك، ارتفعت نسبة عائدات الأنشطة الخارجية لنحو 50 من الشركات الهندية الرائدة إلى نحو 25% من إجمالي إيراداتها عام 2009، مقارنة بنحو 11% قبل 4 سنوات.

إن سعي الشركات الهندية للتوسع العالمي واضح بالفعل، وينبغي أن يستمر على مدى العقد المقبل. وقد وصلت عائدات 50 من الشركات الهندية الرائدة طبقا لتصنيف وكالة «التصنيف الائتماني وخدمات المعلومات الهندية» (CRISIL) إلى 400 مليار دولار في 2009، مقارنة بـ155 مليار دولار في عام 2005. وتشير التقديرات إلى أن إيرادات هذه الشركات يمكن أن تصل إلى نحو تريليون دولار خلال السنوات 5 - 6 القادمة.

وسوف تتوسع هذه الشركات من خلال عمليات استحواذ وزيادة قدراتها والاستثمار في الأعمال الجديدة. وتشير القيمة المرتفعة بالفعل لعمليات الاندماج والاستحواذ في الهند والاستثمارات الرأسمالية الكبيرة إلى هذا التوجه. والسعي وراء التوسع لا يقتصر على الشركات الكبيرة - حيث إن الشركات متوسطة الحجم تسعى أيضا لزيادة أنشطتها. وسوف يساعد هذا التوسع الشركات الهندية على تعزيز قيمتها التنافسية على المستوى العالمي.

وقال راغيف بيسوال، وهو مصرفي: «يبدو أن الشركات الهندية قد أصبحت أكثر حكمة، فعلى عكس ما كان يحدث قبل الأزمة، عندما قامت هذه الشركات بشراء أصول في الخارج من دون سبب مقنع، يبدو الآن أنها تقوم بالكثير من التحليل قبل القيام بأي علمية شراء. ويبدو أن هذا هو ما حدث أيضا عندما حث رئيس الوزراء الهندي الشركات المحلية على منافسة نظيراتها الصينية لتأمين أصول في الخارج. إنهم حذرون في عروضهم الخارجية، وحتى المتعلقة بالموارد».

وتظهر البيانات المستقاة من مكتب غرانت ثورنتون الاستشاري نمو صفقات الاندماج والشراء هذا العام بمقدار 16 ضعفا، خاصة في قطاع السلع الاستهلاكية مثل «دابور» و«ماريكو» و«غودريج كونسيومر» و«إمامي»، والتي تمكنت من شراء شركات أو علامات التجارية هذا العام لتوسيع مجال نشاطها. وقد أبرمت شركة «غودريج كونسيومر» 5 صفقات خارجية وصفقة محلية هذا العام. أما منافسو «غودريج»، شركتا «دابور» و«ماريكو»، فقد أبرمت كل منهما صفقتين خارجيتين هذا العام.

ويقول أدي غودريج رئيس مجلس إدارة شركة «غودريج» إن عمليات الشراء والاستحواذ الخارجية جاءت متماشية مع استراتيجيتها العالمية (ثلاثة في ثلاثة)، التي تسعى للتواجد في مناطق آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية في مجالات الرعاية المنزلية والنظافة الشخصية والعناية بالشعر. وقال غودريج «إننا نلتزم بنهج منضبط جدا ونركز على تحديد الصفقات التي تتناسب بصورة كبيرة مع أعمالنا، من الناحية الاستراتيجية والتشغيلية».

وفي وقت كانت فيه الشركات الهندية نشطة في مجال الاستحواذ على الأصول في الخارج، فإن بعض الشركات الأجنبية المتعددة الجنسيات - منجذبة بنسبة نمو تقترب من 9%- تسعى لدخول الأسواق الهندية من خلال الاستحواذ على بعض الشركات المحلية. وقد ارتفعت قيمة صفقات شراء الأجانب لأصول هندية هذا العام بأكثر من الضعف لتصل إلى 16.4 مليار دولار. وكان أكبر هذه الصفقات هي صفقة شراء «أبوت لابورتوريز» شركة المنتجات الصحية «بيرامال هيلث كير» مقابل 3.72 مليار دولار، وصفقة شراء شركة «غي تي إل إنفراستركتشرز» لبرج إيرسل الهندي مقابل 1.8 مليار دولار. كما كانت هناك عمليتا استحواذ كبيرتان في القطاع المالي، حيث استحوذ مصرف «آي سي آي سي آي» على مصرف «راجاستان» واستحوذ مصرف «أكسيس» على شركة «أنام سيكيورتيز» لتداول الأوراق المالية، كما اشترت شركة «ريكيت بينكيزر» شركة المراهم والعناية الشخصية المصنعة للأدوية «باراس» بنحو 726 مليون دولار.

ومع ذلك، فإن الكثير من الصفقات لم تنجح خلال العام، حيث فشلت مجموعة «ريلاينس إندستريز» في إتمام صفقة شراء «يوندل باسل» هذا العام مقابل 14.5 مليار دولار، وإذا كان قد كتب لها النجاح فكانت ستعتبر أكبر صفقة استحواذ تمت هذا العام. وكذلك فشلت صفقة اندماج «ريلاينس كوميونيكيشنز» مع شركة «غي تي إل إنفراستركيتشر» للبنية التحتية والتي كانت قيمتها 10.8 مليار دولار. كما رفض عرض «جيندال إستيل أند بورز» لشراء حصة في شركة «زيمبابوي» للحديد والصلب مقابل 600 مليون دولار. وثمة صفقة لم تر النور وهي صفقة «فيدانتا ريسورسز» لشراء حصة الأغلبية في شركة «كايرن إنديا» والبالغ قيمتها 9.6 مليار دولار.