إسبانيا تستبق إضرابات العمال برفع الحد الأدنى للأجور

رئيس وزرائها توقع خروج بلاده من الركود العام المقبل

TT

قرر مجلس الوزراء الإسباني، أمس (الخميس)، زيادة الحد الأدنى للأجور المهنية بنسبة 1.3 في المائة، أي من 633 يورو إلى 640 يورو. وتمثل هذه الزيادة تقريبا النسبة التي عرضتها الحكومة على النقابات (1 في المائة) في المفاوضات التي جرت في الأسابيع الأخيرة والتي لم تنته حتى الآن. وتعتبر النقابات العمالية الإسبانية هذه الزيادة «غير مقبولة بتاتا» وبعيدة جدا عن الزيادة التي طالبت بها والتي تصل إلى 8 في المائة. وهددت باللجوء إلى إضراب عام جديد تقرر تاريخه في مطلع العام المقبل. كما قرر أيضا مجلس الوزراء الإسباني في الاجتماع نفسه زيادة الحد الأدنى لمرتبات التقاعد بنسبة 1 في المائة، وهي أيضا نسبة تعتبرها النقابات «غير مقبولة».

ولكن ربما يكون القرار الأهم الذي اتخذته الحكومة في اجتماعها، أمس، هو تأخير سن التقاعد من الـ65 القائمة حاليا إلى 67 سنة ولكن «بصورة تدريجية» تبدأ من عام 2013 وتمتد إلى عام 2027، بدلا من عام 2025. وحذر رئيس الحكومة في اللقاء الذي أجراه مع الصحافة، صباح أمس، بأنه للمحافظة على النظام الحالي في العقد المقبل لا بد من تنفيذ هذه الإجراءات والتعديلات وبشكل خاص رفع سن التقاعد. وتتوافق جميع الأحزاب والقوى السياسية في الرأي مع رئيس الحكومة الإسبانية، ما عدا القوى اليسارية التي تطالب بعدم المس بالتدابير الاجتماعية القائمة التي تعتبرها ركائز أساسية لبرامجها السياسية.

وتعرف الحكومة تماما أن هذه الإجراءات والتدابير التي اتخذتها ستسبب لها الكثير من المشكلات ليس فقط مع النقابات العمالية وإنما مع باقي الفعاليات الاجتماعية والأحزاب اليسارية التي تعارض سياساتها الاجتماعية والتي بدأت مع الأزمة الاقتصادية.

وأعرب خوسيه لويس رودريغيث ثاباتيرو، رئيس الحكومة الإسبانية، عن استعداده للإصغاء إلى الجميع ولكنه حذر في نفس الوقت من أن هذه التدابير ستعتمد نهائيا في التاسع والعشرين من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل لأنها «مصيرية» و«لا بد منها» للاستقرار الوطني السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وعلى الرغم من اعتماد هذه التدابير وتدابير أخرى اعتمدتها الحكومة هذه السنة، اعترف رئيس الحكومة بأن «استعادة العافية» ستكون «بطيئة وضعيفة» لأنه «لا تزال هناك قضايا ومهمات مصيرية من الضروري تنفيذها من أجل تقوية النظام المالي والاقتصادي وإيجاد فرص العمل الذي تعتبره الحكومة الإسبانية هدفا لم يتحقق حتى الآن».

وتأتي هذه التدابير بعد أيام قليلة من رفع أسعار جميع أنواع الوقود، فقد ارتفعت أسعار الكهرباء بنسبة 10 في المائة في الحين الذي ارتفعت فيه أيضا أسعار الغاز نحو 3 في المائة، ناهيك عن ارتفاع أسعار المحروقات التي سجلت ازديادا تدريجيا منذ أوائل العام الحالي مما سبب غضب المجتمع الإسباني والنقابات العمالية التي بدأت بالتلويح بإضراب عام جديد يعتبر المحللون أنه أصبح حتميا وستعلن عنه النقابات الرئيسية في مطلع العام المقبل.

ومن جهته، انتقد ماريانو راخوي، زعيم الحزب الشعبي المعارض بشدة التدابير الإدارية التي تعتمدها الحكومة الاشتراكية. وأكد على ضرورة «التغيير السياسي». ولكنه أضاف: «بما أن التغيير السياسي الذي يطالب به المجتمع الإسباني لن يحصل قبل الانتخابات العامة المقبلة، فإن الحزب الشعبي على استعداد للمساعدة والتعاون مع الحكومة الحالية بما في ذلك من فائدة ومصلحة للشعب الإسباني للخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة». ثم اعتبر أنه قد حان الوقت لمجابهة المستقبل وأعرب عن استعداده لدعم الحكومة.

وتتزامن جميع هذه التدابير التي تتخذها الحكومة مع الضربة القوية التي تعرض لها الحزب الاشتراكي في الانتخابات الإقليمية الأخيرة التي جرت في كاتالونيا، شمال شرقي البلاد، حيث فاز الحزب المحلي بأغلبية المقاعد وانتزع رئاسة الحكومة الإقليمية من الحزب الاشتراكي، وحقق الحزب الشعبي المعارض تقدما كبيرا لم يشهده أبدا في السابق في هذا الإقليم، ومع نشر استطلاع رأي أعطى الحزب الشعبي المعارض أغلبية مطلقة في إقليم الأندلس الذي يحكمه الحزب الاشتراكي منذ عام 1978، أي منذ أول انتخابات ديمقراطية جرت في إسبانيا. وقال إن عام 2010 «كان عاما صعبا» ولكن عام 2011 «يجب أن يكون عاما ننتقل فيه من الركود إلى الانتعاش». وتوقع رئيس الوزراء الاشتراكي أن تشهد البلاد «نموا إيجابيا» في الربع الأخير من العام بعد ثلاثة أشهر من الركود. وشهد الاقتصاد الإسباني، أكبر خامس اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، ركودا خلال النصف الثاني من عام 2008 بسبب انفجار فقاعة العقارات. وسجلت إسبانيا في الربع الأول نموا طفيفا لم يتجاوز 0.1 في المائة وفي الربع الثاني 0.2 في المائة. ولكنه لم يسجل أي نمو في الربع الثالث من العام. وفرضت الحكومة هذا العام إجراءات تقشفية صارمة في محاولة لخفض العجز الهائل في الميزانية العامة وتبديد المخاوف من إمكانية تدخل الاتحاد الأوروبي لإنقاذ الاقتصاد، كما حدث في اليونان.