خبير اقتصادي: خفض حجم العمالة الوافدة بنسبة 10% يحل مشكلة البطالة في السعودية

قال إن تحويلات الوافدين أكثر من 29.3 مليار دولار في وجود 600 ألف عاطل

TT

رجح خبير اقتصادي في السعودية أن خفض أعداد العمالة الوافدة سيكون أحد الحلول في مواجهة مشكلة البطالة الأزلية في البلاد، وقال فضل البوعينين: «لا يمكن قبول وجود 600 ألف عاطل وعاطلة في سوق تضم أكثر من 7 ملايين عامل من غير المواطنين، وخفض العمالة الحالية بنسبة 10 في المائة، بالتركيز على الوظائف العليا، والمتوسطة المناسبة للسعوديين، كفيل بالقضاء على البطالة بالكلية».

ويعتقد البوعينين أن حجم التحويل السنوي المعلن مرتبط بالقنوات الرسمية، وهو القطاع المصرفي، مستدركا أن هناك قنوات غير رسمية يتم تمرير الأموال من خلالها، كنقلها نقدا، أو تحويلها إلى سلع ثمينة كالحلي، والمجوهرات، والأحجار الكريمة ضئيلة الحجم وغالية الثمن، وتمريرها من المطارات أو المنافذ البرية، على شكل مقتنيات أو ملبوسات شخصية، «لذا يمكن أن يرتفع حجم التحويلات المالية بشقيها، النظامي وغير النظامي، إلى أكثر من 110 مليارات ريال (29.3 مليار دولار)».

وجزء من تلك الأموال، كما يرى البوعينين، أتى من طرق مشروعة، ولا شك، وهي لا تحتاج إلى التحايل من أجل تحويلها إلى الخارج، بل تمر عن طريق القنوات الرسمية، إلا أن جزءا منها يأتي من مصادر غير مشروعة، مما يدفع أصحابها إلى البحث عن طرق ملتوية لإخراجها، بعد أن شدد القطاع المصرفي قبضته على الحوالات الأجنبية. وكان البنك الدولي قد صنف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، السعودية ضمن الدول النامية التي كانت مصدرا مرنا خلال الأزمة المالية العالمية الأخيرة، إذ يتوقع تحقيق التدفقات المسجلة أرقاما قياسية بنهاية العام الحالي، مشيرا إلى أن التوقعات تشير إلى أن تدفقات التحويلات النقدية ستصل على مستوى العالم إلى 440 مليار دولار بنهاية العام.

وتوقع البنك الدولي أن تواصل التحويلات المسجلة والمتجهة إلى البلدان النامية، بعد التعافي من آثار الأزمة بنهاية هذا العام، ارتفاعها خلال عامي 2011 و2012، حيث يمكن أن تتجاوز 370 مليار دولار، في الوقت الذي أشار فيه إلى أن أكثر البلدان المرسلة للتحويلات في العام السابق، هي الولايات المتحدة والسعودية وسويسرا وروسيا وألمانيا. وأوضح البوعينين، أن حجم حوالات العمالة الوافدة يرتفع مقارنة بارتفاع أعدادها في السعودية، مبينا أن السعودية تحتضن أكثر من 7 ملايين عامل غير سعودي، وقال: «هؤلاء يقومون بتحويل جُل ما يتقاضونه إلى الخارج، مما يشكل عبئا ماليا كبيرا على أرصدة المملكة بالعملات الأجنبية، ومع إيماننا بأحقية هؤلاء في التحويل، فإن حجم المبالغ المحولة التي تزيد على 90 مليار ريال، يُعتقد أنه أكبر من حجم الرواتب المجمعة للعمالة الوافدة، وهو ما يرفع أكثر من علامة استفهام، وأعتقد أن بعض العمالة في المملكة تقوم بتحويل مبالغ لا علاقة لها بنشاط العمالة الشرعي، وبعض منها قد يمارس أعمالا غير مشروعة، مما يضر بالأمن والاقتصاد على حد سواء».

وتابع: «توجد 3 طرق لتمرير الأموال النقدية غير الشرعية، الأول: التعامل مع أشخاص لديهم ملاءمة مالية عالية، أو ما يعرف بـ(البنوك المتحركة)، وهؤلاء يقومون بتسلم المبالغ المراد تحويلها من بني جلدتهم، ومن ثم تسليمها في بلدهم في الخارج بعد استقطاع نسبة جيدة على التحويل. وهؤلاء في رأيه ينتشرون في المناطق التي تكثر فيها العمالة، وهو معروفون بينهم، ولديهم قدرات على تمرير الأموال من خلال أطراف أخرى، أو من خلال أنشطة تجارية يقومون بإدارتها. وأكد الخبير الاقتصادي أن ذلك يدخل ضمن جريمة غسل الأموال، فالأشخاص المحولون للأموال (البنوك المتحركة) غير مصرح لهم بجمع الأموال وتحويلها إلى الخارج، مما يعني أنهم مخالفون للأنظمة والقوانين، إضافة إلى أن تلك الأموال المحولة مشبوهة المصدر، وإلا لما اضطر أصحابها لتحويلها عن طريق هؤلاء المخالفين للأنظمة والقوانين، مع تحملهم دفع عمولات باهظة، في الوقت الذي يمكن تحويلها من خلال القنوات المصرفية بتكلفة محدودة جدا، وطريقة آمنة، شريطة أن تكون مصادر تلك الأموال مشروعة، لذا يمكن تصنيف هذه العمليات ضمن عمليات غسل الأموال.

والقانون السعودي في رأي البوعينين، يعرف عملية غسل الأموال في (المادة 1 - 1) بأنها: «أي فعل أو الشروع فيه بقصد إخفاء أو تمويه طبيعة أموال مكتسبة خلافا للشرع أو النظام، وجعلها وكأنها آتية من مصادر مشروعة». ويعتقد البوعينين أن كثيرا من الأنشطة المالية التي تقوم بها بعض العمالة الوافدة تدخل ضمن هذا التعريف.

الطريقة الثانية تتمثل في الاستعانة ببعض المواطنين لتحويل تلك المبالغ، التي تتمثل في تحويل المبالغ نيابة عن الغير، لأسباب مالية، وهذه من أخطر العمليات المرتبطة بغسل الأموال، وقد تكون الأموال المحولة على علاقة بالجماعات الإرهابية، فيدخل المحول ضمن دائرة تمويل الإرهاب، وهي جريمة خطيرة ولا شك، ومضرة بالاقتصاد والأمن الوطني وفقا للبوعينين.

في حين تتمثل الطريقة الثالثة، بحسب الخبير الاقتصادي، في استغلال «البنوك المتحركة»، أو بعض العمال النشطين في العمليات غير المشروعة، للعمالة الشرعية التي لا تقوم بتحويل رواتبها إلى الخارج، واستغلال حقهم في التحويل الشهري مقابل مبالغ تدفع لهم، وهنا يتم تجزئة المبالغ المراد تحويلها وتوزيعها على أكبر عدد من العمالة المستهدفة، في حين أن هذه باتت مكشوفة أمام وزارة الداخلية، ومؤسسة النقد، والقطاع المصرفي، الذين نجحوا في اكتشاف حسابات مصرفية مشبوهة في دول مجاورة، من خلال رصد تحويلات هذه الفئة بالذات.

وزاد البوعينين أن ارتفاع حجم العمالة في السعودية يشكل عبئا على الاقتصاد، والأمن الوطني، ومثل تلك الجرائم المالية ما كانت لتحدث برأيه، لولا وجود الكم الهائل من العمالة التي بدأت بالفعل في طرق أنشطة محرمة والتوسع فيها، وتحصيل الأموال منها.

ومع خفض العمالة، دعا البوعينين إلى تشديد الرقابة عليها، وتشديد الرقابة على الأنشطة التجارية، ومكافحة التستر، ومحاربة العمالة السائبة، والحد قدر المستطاع من تخلف الحجاج؛ «انتقالهم إلى مناطق المملكة سيؤدي حتما إلى خفض تلك الجرائم المالية، والحد من التحويلات المالية من خارج القطاع المصرفي، وكساد تجارة المحولين الأفراد (البنوك المتحركة) التي تنشط في بيئة المخالفات القانونية والأعمال غير المشروعة».