رأس مال جريء!

علي المزيد

TT

في السعودية منذ زمن بعيد كانت تسود في الأسواق أعراف يتعامل بها التجار والعاملون في التجارة بإخلاص. من هذه الأعراف أن يسلم أحد التجار عاملا لديه محله بعد أن كان يشتغل لديه بالأجرة الشهرية (المرتب) ليعمل بالنسبة، وفي بداية العمل يخصص للمشتغل لدى التاجر مرتب بسيط، لأن النسبة أيضا بسيطة، وهذه النسبة عادة ما تكون 10 في المائة من صافي الأرباح.

ويتم فرز هذه الحصة وتعاد إلى المحل على شكل أسهم يملكها المشتغل في المحل أو الصبي، وبعد فترة زمنية تجد أن المحل عادت ملكيته للعامل الذي كان يعمل لدى التاجر، بمعنى أنه أصبح مالكا للمحل. وكلما كان التاجر يحسن التعامل مع صبيانه، تهافت عليه الراغبون في العمل، وهم بذلك يكسبونه ويكسبهم، بمعنى أنهم يربحونه ويربحهم، بل إن التاجر يجعلهم يقفون على أرجلهم، حتى إنهم في فترة من الفترات ينافسونه.

المهم أنني اكتشفت في الأسواق الدولية أن هناك شيئا يدعى رأس المال الجريء، ومثل رأس المال هذا يمول على طريقتين، إما أن يتبنى فكرة مبتكرة لشاب طموح ومبدع ابتكر مشروعا ودرس جدواه بشكل جيد واقتنع بأنه مربح ليدخل معه ويموله، ليس حبا في الشاب أو فكرته، ولكن من أجل الأرباح ليحقق فكرة رأس المال الجريء. وبهذه الطريقة يكسب الطرفان، الممول وصاحب الفكرة، لأن الأخير يبدع ويعمل ويحقق المكاسب، والأول يمول فاستحق أن يربح نظير تمويله.

والطريقة الثانية التي يعمل بها رأس المال الجريء، أن يجد شابا أو شابة أو مجموعة شباب لديهم مشروع قائم وإبداعي ولديهم ميزانيات سنوية رابحة ومنظمة، ولكنهم غير قادرين على التطور لنقص المال لديهم، فيقوم رأس المال الجريء بتمويلهم ودعمهم حتى يصبح مشروعهم كبيرا ويكسب الطرفان في أقل فترة زمنية.

في عالمنا العربي هذه الأفكار قليلة الوجود، فلو أمكن وفكر التجار عبر غرفهم التجارية في إنشاء شركة لرأس المال الجريء تقوم بالتمويل، وتقوم الحكومات بالمشاركة في مثل هذه الشركة، أليس ذلك أفضل من الأموال الحكومية المهدرة؟! ودمتم.

* كاتب اقتصادي