مختصون خليجيون يدعون لقوة تفاوضية كبيرة للتصدي لسياسة الإغراق

توقعات بمزيد من قضايا الإغراق ضد دول الخليج إذا لم تتغير سياسات التجارة الخارجية

TT

لا تكاد تخلو دولة من الدول النامية أو المتقدمة على حد سواء من إحدى قضايا الإغراق، حيث تشير الأرقام إلى وجود 400 ألف حالة إغراق في العالم.

ويرى البعض أن الأزمة المالية العالمية هي السبب وراء هذه القضايا التي طفت بوضوح على سطح الاقتصاد العالمي الراكد في العامين الماضيين، بحيث اتجهت بعض الشركات العالمية المتأثرة بالأزمة إلى طرق أخرى لحماية صادراتها عن طريق الإغراق بعدما أدركت أن صناعاتها تضررت بسبب الأزمة، فيما لا تزال قضايا الإغراق تشكل مصدر قلق في أوساط الاقتصادات النامية والمتقدمة.

بالرغم من أننا نعيش في عصر التجارة العالمية حيث بدأت الحدود بين الدول تتلاشى افتراضيا، وكغيرها من الدول وربما بشكل أكبر تعاني دول الخليج من قضايا الإغراق التي تتعرض لها منتجاتها في ظل نمو اقتصادي تشهده دولة كالمملكة العربية السعودية مثلا، وفي وقت تكاد تكون فيه الاتفاقيات الاقتصادية التي تجنب منتجات الدول الخليجية إجراءات حمائية من قبل الدول التي تعتبر أسواقا مهمة لها، تكاد تكون هذه الاتفاقيات غير موجودة.

وما يعكس أهمية قضايا الإغراق ما دعت إليه عدة شركات خليجية في قطاع البتروكيماويات لتعزيز تعاونها لتشكل كتلة اقتصادية موحدة وقوة تفاوضية كبيرة على الصعيد العالمي للتصدي لسياسة الإغراق التي تعاني منها والتي تتعارض مع سياسة منظمة التجارة العالمية، وهو أمر يمكن أن يتحقق من خلال اتخاذ الوحدة الجمركية القائمة بين دول الخليج كنواة لهذه الكتلة الاقتصادية الخليجية.

وحمل معرض «عرب بلاست» أحد أهم معارض البتروكيماويات في المنطقة دعوات للتصدي لسياسة الإغراق التي تتبعها بعض الدول في العالم ضد قطاع البتروكيماويات الخليجي. ودعت الشركة الوطنية للصناعات البتروكيماوية «نات بت»، وهي الشركة السعودية الرائدة في مجال البتروكيماويات والتي تصدر منتجاتها لأكثر من 57 دولة حول العالم، إلى تعزيز التنسيق بين قطاع البتروكيماويات الخليجي وترسيخ موقعه ككتلة اقتصادية موحدة لدعم الاقتصاديات الوطنية لدول الخليج وتعزيز القوة التفاوضية لشركات البتروكيماويات الخليجية على الصعيد العالمي.

الدكتور ناصر السعيدي كبير الاقتصاديين في مركز دبي المالي العالمي يتوقع أن تزيد عمليات الإغراق التي تواجهها المنتجات الخليجية في الأسواق الآسيوية تحديدا من خلال زيادة الخطوات الحمائية الموجودة في بعض الدول التي تستقبل المنتجات الخليجية، ويعتبر أن الحل هو النظر إلى الأسواق الآسيوية كأهم الأسواق التي تذهب إليها المنتجات الخليجية وزيادة التوجه نحو عقد اتفاقيات ثنائية مع تلك الدول لتجنب تلك الإجراءات الحمائية.

ويحذر اقتصاديون الشركات الخليجية من تعرضها لاتهامات ودعاوى إغراق لمنتجاتها من قبل الشركات الأجنبية على غرار ما حدث لبعض الشركات السعودية من بعض الشركات الصينية والهندية، مطالبين بإنشاء جهاز خليجي موحد متخصص في مواجهة قضايا الإغراق التي تواجهها الشركات الخليجية.

لكن السعيدي يرى أن ذلك مهم وأهميته تكمن في امتلاك دول الخليج عناصر مثل هذا التحرك على المستوى الاقتصادي لكنه يرى ضرورة تغيير سياسات التجارة الخارجية في دول الخليج «أسواقنا الجديدة وأسواق المستقبل الواعدة بالنسبة لنا كلها في الدول الآسيوية، لذلك يجب أن نطور اتفاقيات اقتصادية تنظم أي إجراءات حمائية بين دول مجلس التعاون خاصة ودول مثل الصين التي ستكون حاضرا ومستقبلا أهم الأسواق بالنسبة لنا.. فالصين تجاوزت أميركا كأكبر سوق للنفط السعودي وهذا تحول كبير ومهم.. لذلك أستطيع أن أقول إن الدول الآسيوية أصبحت أهم الدول لمنتجاتنا».

ويرى الخبير الاقتصادي ناصر السعيد أن الدول الخليجية التي تمتلك وحدة خليجية وتعرفة جمركية موحدة في دول المجلس (5%) وانفتاح على الأسواق العالمية مقارنة بأسواق أخرى، لا تستعمل قوتها الاقتصادية والمالية لتكون فعالة على مستوى العالم، والوقوف في وجه قضايا الإغراق.

ويؤكد السعيدي على ضرورة إيلاء الأهمية الكبرى للأسواق الآسيوية التي تعتبر الأسواق الواعدة بالنسبة لدول الخليج حاليا ومستقبلا، وضرورة تطوير اتفاقيات اقتصادية معها تمنع فرضها أي إجراءات حمائية على المنتجات الخليجية، لتكون مرجعا للعلاقة الاقتصادية بدل اللجوء إلى منظمة التجارة العالمة.

وفي أغسطس (آب) من عام 2010 تعهد الخليجيون فعليا بالتوجه نحو منظمة التجارة العالمية لبحث قضايا الإغراق العالقة على بعض الشركات البتروكيماوية التابعة للمستثمرين في منطقة دول الخليج العربي، في حال إقرار الحكومة الهندية ضريبة إغراق ضد بعض المنتجات البتروكيماوية الخليجية.

وأشارت منظمة خليجية تضم الشركات المصنعة للمنتجات البتروكيماوية والكيماوية إلى أن التوجه سيكون مستندا إلى قوانين وتشريعات المنظمة، لافتة إلى اعتمادها على بنود المزايا النسبية المعمول بها في أنظمة المنظمة.