السعودية: خزن استراتيجي للسلع الغذائية الرئيسية للقضاء على السوق السوداء

تجمع بين القطاعين العام والخاص لوضع رؤية لبنية وآليات الخزن الاستراتيجي الغذائي

تبنت الحكومة عددا من القرارات والإجراءات بهدف التصدي لمشكلة الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي (أ.ف.ب)
TT

تستعد السعودية إلى وضع رؤية مشتركة بين القطاعين العام والخاص حول بنية وآليات الخزن الاستراتيجي الغذائي، وذلك من خلال تجمع بين المسؤولين في القطاعين في 16 من يناير (كانون الثاني) الجاري في العاصمة السعودية الرياض.

وكشفت الغرفة التجارية الصناعية بالرياض أن لجنة الأمن الغذائي بالغرفة ستنظم في 16 من يناير الحالي فعاليات ورشة عمل «الخزن الاستراتيجي للسلع الغذائية»، وذلك برعاية عبد الله زينل وزير التجارة السعودي، وحضور الدكتور فهد بالغنيم وزير الزراعة، تهدف الورشة إلى تسليط الضوء على أهمية الخزن الاستراتيجي الغذائي، ودوره في الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وتكوين رؤية مشتركة حول بنية وآليات الخزن الاستراتيجي الغذائي. ولفت سعد الخريف، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض رئيس لجنة الأمن الغذائي، عن إطلاق مبادرة عبر جهات حكومية وخاصة لتعزيز مفهوم «الخزن الاستراتيجي للسلع الغذائية»، وذلك عبر طرح مشروع إنشاء مخازن للسلع الغذائية الاستراتيجية، بحيث يتوفر الإمداد بشكل مستمر للمواطن السعودي، إلى جانب المحافظة على أسعار السلع الغذائية الاستراتيجية في السوق المحلية.

ويندرج تحت مفهوم السلع الغذائية الاستراتيجية الأرز والسكر والمنتجات الحيوانية والقمح، إلى جانب الزيوت النباتية والأعلاف وفول الصويا. واتفقت الجهات على أهمية تطبيق هذا المفهوم لما له من بعد أمني، حيث يشكل الأمن الغذائي جانبا هاما في منظومة الأمن، في الوقت الذي يشهد فيه العالم تغيرات مختلفة، من النواحي المناخية والاقتصادية، بما يؤثر على الإنتاج العالمي للمواد الغذائية الاستراتيجية.

وأوضح أن مشروع الخزن الاستراتيجي للسلع الغذائية يعتبر أحد الحلول الهامة لتوفير الغذاء بسعر مستقر، في كثير من الأزمات. وأكد الخريف أن سياسة الاستثمار الزراعي بالخارج ضرورية لتدعيم أساسيات الأمن الغذائي محليا، إلا أنها لا تسهم بشكل فاعل في تعزيز الأمن الغذائي، ما لم تواكبها سياسة خزن استراتيجي لهذه السلع، لا سيما الأساسية منها، حيث تلعب هذه السياسة دورا أساسيا في استقرار الأسواق ومكافحة الاحتكار، ويعمل على القضاء على السوق السوداء لأي سلعة في حال الأزمات.

وأشار الخريف إلى أن لجنة الأمن الغذائي بالغرفة تتطلع إلى وجود شراكة حقيقية بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، لتنفيذ استراتيجية للخزن الغذائي تأخذ في الاعتبار الاحتياج الوطني والتوقعات المستقبلية وتجارب الدول الأخرى في هذا المضمار، إضافة إلى سرعة الانتهاء من الدراسات المتعلقة بمبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي الخارجي وإيضاح بعض الجوانب المتعلقة بالمبادرة مثل الاتفاقيات مع الدول وأسلوب الدعم والتمويل وأسلوب تسلم المحاصيل.

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قد أعلن عن مبادرة للأمن الغذائي، ولتأمين حاجة المملكة من السلع الأساسية الغذائية، وذلك بعد الارتفاع الملحوظ الذي شهدته تلك السلع في أسعارها. وتهدف المبادرة إلى إيجاد مخزون استراتيجي آمن من السلع الأساسية كالأرز والقمح والشعير والذرة وفول الصويا والثروة الحيوانية، بما يحقق الأمن الغذائي للمملكة، ويحول دون نشوء أزمات غذائية مستقبلية، بالإضافة إلى الحفاظ على استقرار أسعار المواد الغذائية بصفة مستدامة.

كما تبنت الحكومة عددا من القرارات والإجراءات بهدف التصدي لمشكلة الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي، كما تم الإعلان عن تأسيس شركة للاستثمار الزراعي الخارجي، بهدف تأمين احتياجات المملكة من خلال ذلك الاستثمار تشرف عليها لجنة مكونة من وزارات المالية والزراعة والتجارة.

من جانبه، كشف الدكتور خالد الرويس، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة الملك سعود، أن 90% من واردات السعودية الغذائية تصل من 9 دول فقط، الأمر الذي يسهل الكثير من المهام في عملية تنظيم عمليات الخزن الغذائي الاستراتيجي.

وبين الدكتور الرويس أن مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي الخارجي لا تهدف إلى مجرد توفير فرص استثمارية فحسب، بل إن هدفها النهائي هو دعم المحاصيل الاستراتيجية التي ترفع مستوى الأمن الغذائي في السعودية.

واتفق عبد الله بلشرف، عضو مجلس الإدارة رئيس اللجنة الغذائية، مع سابقيه في أهمية الخزن الاستراتيجي كعامل مساعد على استقرار الأسعار وتوفير السلع الأساسية، وأكد بلشرف أن عددا من التجار السعوديين لديهم القدرة على توفير مثل وسائل الخزن الاستراتيجي، لا سيما لبعض السلع كالحبوب والأرز، والتي تبقى صالحة لفترة طويلة، مشيرا إلى أن هذه العملية تمر ببروتوكولات عمل معقدة ودقيقة، لضمان بقاء المنتج قيد الصلاحية حتى وصوله إلى المستهلك.

كما لفت الدكتور الرويس إلى أن عمليات الخزن الاستراتيجي لا بد أن تدار بكفاءة عالية، حيث يتم توزيع مخازن السلع وفقا لدراسات دقيقة بناء على جدوى اقتصادية، بحيث تتاح عمليات تصريف الفائض قبل انتهاء صلاحيته، عبر إعادة تصديره أو بالتنسيق مع تجار هذه السلع.

ويهدف مشروع الخزن الاستراتيجي للسلع الغذائية المطروح إلى توفير إمدادات كافية من السلع الغذائية الاستراتيجية، بحيث تتوفر هذه السلع في مخازن خاصة، حتى مع انقطاع دخول هذه السلع للبلاد لسبب أو لآخر، مع بقاء سعر السلعة مستقرا، وذلك لمدة لا يقل متوسطها عن 6 أشهر كحد أدنى منذ انقطاع دخول السلع للبلاد.

وتهدف الورشة إلى تسليط الضوء على أهمية ودور الخزن الاستراتيجي الغذائي في الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتكوين رؤية مشتركة حول بنية وآليات الخزن الاستراتيجي الغذائي.