بروكسل وبرلين تنفيان ممارسة ضغوط على البرتغال

لدفعها إلى طلب المساعدة المالية من آلية الإنقاذ الأوروبية

TT

في محاولة لطمأنة الأسواق الأوروبية، وإزالة المخاوف من انتقال الأزمة من اليونان وآيرلندا إلى دولة أخرى، هي البرتغال، قالت المفوضية الأوروبية أمس، إنه لا تجرى حاليا محادثات بشأن خطة إنقاذ للبرتغال من جانب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

وأدلت المفوضية بهذه التصريحات ردا على تقارير إعلامية ذكرت أن ألمانيا وفرنسا ودولا أخرى تضغط على البرتغال لطلب مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، بعد أن ارتفعت نفقات اقتراض البرتغال في الأسواق بشكل حاد. وقال أماديو التافاج المتحدث باسم المفوضية «لا توجد مناقشات لبحث هذا التأثير ولا يوجد شيء في تلك المرحلة حول مثل هذا الاحتمال سواء للبرتغال أو أي دولة أخرى من الأعضاء».

من جانبها نفت الحكومة الألمانية ما تناقلته وسائل الإعلام بشأن ممارسة حكومتي برلين وباريس ضغوطات، من أجل وضع البرتغال تحت مظلة الإنقاذ الأوروبية. وقال وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله من الحزب المسيحي الديمقراطي، إن حكومته «لا تمارس ضغوطا على أحد».

وأوضح أن ما تفعله هو «الدفاع عن اليورو كعملة أوروبية موحدة». من جانبه نقل كريستوف شتيغمانس المتحدث باسم الحكومة الألمانية عن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قولها، إن بلادها لم تمارس في السابق ضغوطات على أي دولة، ولا تقوم بذلك في الوقت الحاضر ولن تقوم بذلك في المستقبل.

وخلال اليومين الماضيين عاد الحديث من جديد عن ضغوط أوروبية على البرتغال، لجرها إلى طلب المساعدة المالية من صندوق الإنقاذ الأوروبي، واهتمت تقارير إعلامية في بروكسل بما نقلته صحيفة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية، من أن هناك ضغوطا من ألمانيا وفرنسا لإجبار البرتغال على اتخاذ نفس الخطوة، التي أقدمت عليها اليونان وآيرلندا، ونقلت الصحيفة عن عدد من الخبراء الحكوميين في ألمانيا وفرنسا توقعاتهم بأن البرتغال لن تصمد كثيرا في الأسواق المالية، وخاصة أن إشارة قوية صدرت الأسبوع الماضي من البرتغال، تمثلت في مهلة ستة أشهر لسداد دين بفائدة 3.69%، وقال الخبراء إن بلجيكا وإسبانيا ستنتقل إليهما العدوى، وأشارت الصحيفة إلى أن البرتغال تحتاج إلى 20 مليار يورو لتوفير الاحتياجات المالية للعام الحالي، بينما تحدثت مصادر أخرى أنها تحتاج إلى ما يقرب من 50 مليارا، وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن اجتماعا انعقد قبل ثلاثة أيام في ستراسبورغ بين وزيري المالية في كل من ألمانيا وفرنسا، للتباحث حول اليورو ومستقبل المنطقة والعملة الموحدة. وسبق أن حصلت اليونان على قرض مقداره 110 مليارات يورو، بينما حصلت آيرلندا على قرض قيمته 85 مليار يورو من آلية الإنقاذ الأوروبية وهي آلية مؤقتة برأس مال 750 مليار يورو وأقر قادة دول الاتحاد الأوروبي في القمة الأخيرة التي انعقدت ببروكسل، وجود آلية دائمة للإنقاذ وتبدأ عملها في منتصف 2013 ولكن بعد إجراء تعديلات على معاهدة لشبونة لتحقيق هذه الآلية.

ونشرت صحف ألمانية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن البنك المركزي الأوروبي ودول منطقة اليورو، حثت البرتغال على طلب الحصول على مساعدات مالية من صندوق الإنقاذ الأوروبي. حسب ما نشرته صحيفة «فاينانشال تايمز دويتشلاند» وقالت الصحيفة دون أن تذكر مصادرها إن أغلبية دول منطقة اليورو والبنك المركزي الأوروبي يمارسون ضغوطا على البرتغال لاتباع خطى آيرلندا واليونان وطلب مساعدة حتى لا تضطر إسبانيا - خامس أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي - للقيام بذلك. ولكن لشبونة وقتها وعلى لسان رئيس الحكومة، نفت تماما تعرضها لتلك الضغوط. ويرى المراقبون في بروكسل أن زعماء منطقة اليورو على الرغم من إظهارهم العلني للثقة قلقون من أن تمتد أزمة الديون لتشمل المزيد من الدول الأعضاء. ويعتقد العديد من المحللين أن البرتغال ستكون الدولة التالية التي تطلب المساعدة من صندوق الإنقاذ الأوروبي الذي يضم 750 مليار يورو وهناك مخاوف من أن تضطر إسبانيا لذلك أيضا. وسعى مسؤولون بارزون من الاتحاد الأوروبي لطمأنة الأسواق من أنه لا مخاوف من انهيار منطقة اليورو بعد أن دفع المستثمرون القلقون من أزمة الديون في آيرلندا تكاليف الاقتراض في البرتغال وإسبانيا إلى مستويات قياسية، واختارت الصين الدخول على خط أزمة دول منطقة اليورو، من خلال دعم دولها من بينهم إسبانيا والبرتغال في التصدي لأزمة الديون السيادية التي تغرق منطقة اليورو. وتتعرض كل من إسبانيا والبرتغال لضغوط متزايدة من أسواق الدين الدولية بسبب مخاوف من أنهما ربما تضطران إلى أن تحذوا حذو اليونان وآيرلندا بسيعهما للحصول على دعم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي أو صندوق النقد الدولي. وفي وقت تواصل فيه بكين شراء السندات الإسبانية، لمحت أيضا إلى استعدادها لشراء ما قيمته أربعة إلى خمسة مليارات دولار من الدين السيادي للبرتغال لمساعدة البلد على تفادي ضغوط السوق، بينما عرض رئيس الوزراء الصيني شراء سندات يونانية عندما تستأنف أثينا إصدارها. ويتزايد التأييد لإصدار سندات مشتركة لدول منطقة اليورو لتمكين الدول المتعثرة مثل اليونان وإسبانيا وآيرلندا والبرتغال من الاقتراض بأسعار أقل. وأعلن رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو، خلال مؤتمر بوزارة الاقتصاد الفرنسية عن إنعاش الاقتصاد العالمي، أن السندات المشتركة يمكن أن تساعد في التغلب على أزمة الديون السيادية لمنطقة اليورو. وقال: «سندات اليورو ليست بديلا عن التعديلات اللازمة التي نحتاجها في كثير من بلدان منطقة اليورو بما فيها بلدي، ولكنها يمكن أن تكون إجراء إضافيا يساعد على إنهاء أزمة الديون في منطقة اليورو». وتعارض فرنسا وألمانيا، أكبر اقتصادين في منطقة اليورو التي تضم 17 دولة، الفكرة بشدة حتى الآن. وفي هذا الإطار يقول رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون: «أريد أن أذكر أولا أن هذه الأزمة ليست أزمة اليورو وهو ما زال عملة قوية، إنه ثاني أقوى عملة عالمية وعملة احتياط رئيسية، هذه الأزمة هي أزمة ثقة قبل كل شيء في بعض دول منطقة اليورو». وتقول كل من برلين وباريس إن إصدار سندات لمنطقة اليورو بسعر فائدة موحد سيرفع تكاليف اقتراضها ويزيل الحافز على الانضباط المالي لدى الدول التي تواجه ارتفاعا في الديون والعجز.