«ساراسين» السويسري: أزمة ديون أوروبا عامل رئيسي في تحديد توجهات المستثمرين

أكد أن الدولار والفرنك والين ستستفيد من ضعف اليورو

TT

توقع مصرف ساراسين السويسري المتخصص في إدارة الثروات الخاصة أن تتأثر نظرة المستثمرين في عام 2011 تأثرا كبيرا بالتباين الكبير في معدلات النمو بين الدول الناشئة التي تحقق معدلات نمو عالية وبين الدول الصناعية التي تنمو بمعدلات منخفضة. وقال المصرف الاستثماري الكبير في تقرير بهذا الصدد حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن شهية المستثمرين لأخذ المخاطر سوف تختلف اختلافا كبيرا على مدار عام 2011 لهذا السبب المذكور.

وأشار المصرف في تقرير حول آفاق الاستثمار في العام الحالي (2011) إلى أن أزمة اليورو ستمثل أحد العوامل الرئيسية في قرارات الاستثمار وتوقع بروز المزيد من عدم اليقين حول أزمة اليورو التي لم تحل والتي يمكن أن تؤدي إلى تقلب خلال النصف الأول من السنة، لا سيما في حال طالبت البرتغال بالتدخل لإنقاذها. وقال «وعلى النقيض فإن الفرنك السويسري، والين الياباني والدولار الأميركي ستكون العملات التي ستستفيد من أزمة اليورو خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي». ويرى التقرير احتمال أن تسجل الدول الصناعية معدل نمو متواضعا مع استمرار انخفاض معدلات التضخم في الدول الصناعية والتزام البنوك المركزية بسياسة معدلات الفائدة القريبة من الصفر». وذكر أن احتمال حدوث أي زيادة في معدلات الفائدة في الدول الصناعية أمر غير وارد. وتوقع أن تواصل أسواق الأسهم والسلع الأساسية مسيرة التحسن حتى نهاية العام الحالي بعد فترة طويلة من الضعف. كما يرى التقرير أن الأسهم المفضلة حسب توقعاته خلال عام 2011 هي «إيدكو» و«بي جي غروب» و«بي إن بي باريبا» و«دويتشه بوست» و«هولسيم» و«روتاروكي» و«تيكان».

يتم تحديد التوقعات المتوسطة الأجل للاقتصاد الكلي من خلال الاختلالات الاقتصادية العالمية، التي أجبرت العالم كله على الاعتراف بضرورة تحديد الإنفاق الحكومي كنتيجة لأزمة اليورو، حيث يجري الآن تحديد وتعزيز الميزانيات في الدول الرئيسية عدا أميركا التي لا تزال ماضية في توسيع السياسات النقدية والمالية. وسيتميز النصف الأول من العام الحالي بصراع مستمر بين تحفيز مبادرات السياسة المالية التي تتبعها أميركا لتوسيع الكتلة النقدية وتأثير النمو المنخفض الذي يعوق تخفيض الديون في القطاع الخاص. ومن جهة أخرى، ستضاعف أسواق البلدان الناشئة جهودها لمحاربة الاتجاهات التضخمية وستواجه الكثير من البلدان الصناعية عواقب ارتفاع قيمة عملاتها. ويشكل الهبوط الحاد لمعدلات نمو الاقتصاد الصيني أحد أكبر التهديدات المتوقعة على الاقتصاد العالمي. ويجب إعطاء الوقت الكافي لحكومات البلدان التي تعاني من عجز في حساباتها الجارية لوضع ميزانياتها موضع التنفيذ، الأمر الذي سيضع الاقتصاد العالمي في مسار النمو المستدام حتى عام 2012.

وفي إطار تعليقه على النمو العالمي وآثاره، قال جان أمريت، رئيس قسم البحوث وكبير الاقتصاديين في بنك ساراسين: «سيتميز النصف الأول من عام 2011 بالصراع المستمر بين سياسات التحفيز المالي وتأثير النمو الذي يعوق تخفيض الديون في القطاع الخاص. ونظرا لمدى الدوافع المالية للولايات المتحدة، فإنه لا يمكن استبعاد تسارع وتيرة النمو العالمي خلال الفترة الانتقالية. ومع ذلك فإن التباطؤ الكبير سوف يعود بحلول منتصف العام مع ظهور بعض مخاوف النمو. وسيكون من الواضح قبل نهاية السنة أن هذا الانتعاش لن يكون مستداما». من جانبه، قال فيليب إي. بيراتسكي، كبير الاستراتيجيين في بنك ساراسين: «نحن متفائلون بحذر بشأن الاستثمار خلال عام 2011 ونتوقع ربع عام إيجابيا يتبعه ربع ضعيف خلال فصل الصيف وبعد ذلك تواصل السوق انتعاشها حتى نهاية العام مع ارتفاع مؤشر البورصة السويسرية بمعدل 7300 نقطة. وستتعاقب الانتعاشات والنكسات مما يؤكد الحاجة إلى الإدارات الفعالة».

وحول توقعات أسعار الفائدة، قال التقرير، لا تزال الفائدة منخفضة. وذكر أن عام 2010 سجل أسعار فائدة منخفضة. ومن المحتمل أن يسجل عام 2011 معدلات نمو متواضعة وتضخم منخفض مع تخفيف السياسات النقدية في البنوك المركزية، الأمر الذي يؤدي إلى استبعاد أي زيادة في أسعار الفائدة خلال هذا العام. وقال إن المخاوف في الدول الصناعية ستتواصل وسط أرقام التضخم المنخفضة وعدم الاستفادة من كامل القدرات الاقتصادية، مما يبرر انخفاض أسعار الفائدة، كما أن البنوك المركزية في البلدان الناشئة بحاجة إلى التفكير في تشديد سياساتها النقدية. وقد تحسنت التوقعات بالنسبة لسندات الشركات إلى حد كبير ومن المرجح أن تستفيد من النمو المعتدل في البلدان الصناعية. من ناحية أخرى، فإن النمو ليس قويا بما يكفي لإثارة الارتفاع الكبير في أسعار الفائدة.

وقال التقرير «بعد عودة وتيرة النمو في الربع الرابع من عام 2010 فقد بدأت الكثير من الشركات مراجعة توقعاتها صعودا بحجم المكاسب. حيث من المتوقع وجود اتجاه قوي في الطلبيات الجديدة خلال الربع الأول من عام 2011 ومن المرجح أن تنال أرباح بعض الشركات بعض المفاجآت الإيجابية أيضا». ولكنه أشار إلى أن التصحيحات الرئيسية ستتأرجح وفقا للنظرة الاقتصادية أو تشهد تحولا في السياسة النقدية. وقال «مع ذلك، فإن هناك غيوما سوداء قليلة في الأفق، الأمر الذي يدفعنا إلى توقع مفاجآت إيجابية في الاقتصاد الكلي خلال الأشهر المقبلة». ومن المرجح أن يزداد النفور من المخاطر مؤقتا خلال صيف عام 2011 بسبب أزمة ديون منطقة اليورو والمخاوف بشأن النمو الصيني وبرودة الاقتصاد الأميركي والأوروبي أيضا. ويتوقع بنك ساراسين لعام 2011 أن تكون سنة إيجابية للأسهم مع نسبة عوائد كبيرة (مؤلفة من رقمين).

وقال المصرف «لا يزال المناخ الاقتصادي العام مواتيا للسلع الأساسية. لا سيما قوة الطلب في الأسواق الناشئة التي من المفترض أن تولد زيادة إضافية في أسعار السلع الأساسية». ويرشح بنك ساراسين خلال عام 2011 أسواق النحاس والبلاتين والنيكل والذهب للارتفاع. ومن جهة أخرى يتوقع المصرف ارتفاع أسعار الحبوب والمحاصيل الزيتية بفضل قوة الطلب. من جهة أخرى، يرى البنك تحسن المناخ العقاري خلال العام الحالي، ولكنه لن يتفوق في الارتفاع على سوق الأسهم.

وحول المنطقة الخليجية، قال التقرير «طالما بقي سعر النفط فوق 70 دولارا، فإن احتمالات النمو في المنطقة سوف تظل إيجابية»، مشيرا إلى أن المنطقة سوف تجتذب مرة أخرى المستثمرين الأجانب. ومن شأن الزيادة في الطلب على الأسهم العالمية أن تكون عاملا رئيسيا، لأنه من المرجح أن تظل الرغبة في المخاطرة من قبل المستثمرين المحليين ضعيفة لفترة أطول من الزمن.