الاتحاد الأوروبي يدرس عدة خيارات لحل معضلة اليورو

البرتغال اجتازت أول «اختبار استدانة» في 2011

رئيس الوزراء البرتغالي جوزيه سقراطس يتفقد الجناح البرتغالي في معرض فرانكفورت أمس (رويترز)
TT

اجتازت البرتغال اختبارا حاسما في الأسواق المالية أمس الأربعاء، بعد أن أقبل المستثمرون على مزاد بيع سنداتها الجديدة التي طرحتها أمس بقيمة 1.25 مليار يورو (نحو 1.6 مليار دولار). وشمل المزاد سندات أجل 10 سنوات بقيمة 599 مليون يورو تمكنت من بيعها بعائد 6.72% مقارنة بعائد المزاد السابق على سندات الديون الذي باعته في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وبلغ 6.82%. ووصل سعر الفائدة على سندات الخزانة أجل 10 سندات للبرتغال في المتوسط إلى 6.79% بعد أن كان قد ارتفع إلى 7% الأسبوع الماضي مسجلا أعلى مستوى له منذ قيام منطقة اليورو عام 2000. ومما ساعد على هذا الإقبال إعلان اليابان والصين أنهما على استعداد لشراء سندات الديون الأوروبية وتحرك دول الاتحاد نحو إيجاد حل لأزمة الديون.

وقال باولو بيزولي المحلل الاقتصادي في «آي إن جي بنك» إن مزاد بيع سندات البرتغال الأخيرة أظهر أن البرتغال ما زالت قادرة حتى الآن على الاقتراض من أسواق المال حتى لو كان ذلك بسعر مرتفع. في الوقت نفسه قفزت الأسهم الأوروبية في مستهل تعاملات أمس الأربعاء، في حين حققت العملة الأوروبية الموحدة مكاسب ملموسة مع تنامي الآمال في إقبال المستثمرين على الطرح الجديد لسندات الخزانة البرتغالية اليوم.

فقد ارتفع مؤشر «يوروستوكس 50» الرئيسي للأسهم الأوروبية بنحو 2% ليصل إلى 2851 نقطة، في حين زادت قيمة اليورو بنسبة 0.5% لتصل إلى 1.3038 دولارا. كانت مجموعة الدول ذات المديونية العالية في منطقة اليورو قد تلقت دفعة قوية في وقت سابق من الأسبوع الحالي عندما انضمت اليابان إلى الصين في التصويت بالثقة في سندات دول منطقة اليورو بإعلان اعتزامها شراء سندات اليورو.

من جانب آخر طالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني الاتحاد الأوروبي بالهدوء في التعامل مع أزمة اليورو، كما طلبا من المواطنين التحلي بالثقة في الاتحاد. وقالت ميركل أمس عقب لقائها مع رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني في برلين: «تلعب العوامل النفسية أيضا دورا مهما». وشددت ميركل وبرلسكوني على ضرورة انتظار نتائج الخطوات التي تتخذها البرتغال قبل التعليق السريع على الأمر. وأضاف برلسكوني: «من المهم عدم الشعور بالتشاؤم بل خلق أجواء إيجابية للاستهلاك وللاقتصاد». من جهتها دعت ميركل إلى تحسين التنسيق داخل الاتحاد الأوروبي وطالبت بـ«كيان أفضل للاستقرار» وقالت: «أتعامل مع الأمر بتفاؤل.. يمكننا النجاح».

وقالت تقارير نقلتها وكالة الأنباء الألمانية أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل سوف تلتقي مع مدير صندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس، الذي كان في برلين أمس، وسط تجدد نداءات لتعزيز صندوق الإنقاذ المخصص للدول الأكثر مديونية في أوروبا. وفي مقال نشر بصحيفة «فاينانشيال تايمز»، دعا أكبر مسؤول اقتصادي في الاتحاد الأوروبي إلى توسيع آلية الإنقاذ التي أنشئت العام الماضي لمساعدة دول منطقة اليورو التي تعاني من مشاكل مالية. وصندوق الاستقرار المالي الأوروبي الذي انخفضت الأموال المتوفرة لديه إلى 440 مليار يورو (471 مليار دولار) هو الدعامة الرئيسية لسياج واقٍ ماليا بقيمة 750 مليار يورو أنشأه الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي عقب إنقاذ اليونان في مايو (أيار) الماضي. وقال المفوض الأوروبي للشؤون النقدية والاقتصادية أولي رين إن «قدرة الإقراض الفعالة ينبغي تعزيزها وتوسيع نطاق نشاطها». وأضاف رين في مؤتمر اقتصادي في بروكسل أن «المباحثات بشأن تلك الأمور تجرى حاليا مع الدول الأعضاء (بالاتحاد الأوروبي) وفيما بينها، ويتم إحراز تقدم».

تأتي تصريحات المسؤول الأوروبي عقب مخاوف بين مسؤولين أوروبيين بأن البرتغال قد تضطر إلى اقتفاء أثر آيرلندا واليونان وأن تتقدم بطلب للحصول على مساعدة من صندوق الإنقاذ. ورقم 440 مليار يورو هو الحجم الإجمالي لضمانات عرضتها حكومات دول منطقة اليورو لمساندة صندوق الاستقرار المالي الأوروبي وليس المقدار الفعلي من الأموال التي يمكن للصندوق جمعها في أسواق رأس المال لمساعدة الحكومات التي تعاني من مشاكل مالية.

وقال رين إن الاتحاد الأوروبي في حاجة إلى «مراجعة كل الخيارات لحجم ونطاق سياجنا المالي»، بما فيها تلك المساندات لإنشاء صندوق إنقاذ جديد يحل محل صندوق الاستقرار المالي الأوروبي اعتبارا من منتصف عام 2013. وقد تم في السابق استبعاد إجراء زيادة لصندوق الاستقرار في اجتماع لقادة الاتحاد الأوروبي في ديسمبر (كانون الثاني) الماضي. ومن المتوقع أن تطفو القضية على السطح مجددا في اجتماع دوري لوزراء اقتصاد منطقة اليورو والمقرر عقده في بروكسل يوم الاثنين المقبل.

إلى ذلك، قال تقرير داخلي للمفوضية الأوروبية إن ضريبة على البنوك لجمع 50 مليار يورو يمكنها تمويل آلية الاستقرار الأوروبية الجديدة لحماية الدول التي تواجه مشاكل مالية. وأوصى مسؤولون في تقرير المفوضية الذي اطلعت عليه «رويترز» بسبل مختلفة لتمويل آلية استقرار جديدة تحل محل صندوق الاستقرار المالي الأوروبي في 2013.

وفي إشارة إلى الحاجة لرأس مال مدفوع كبير اقترح مسؤولون اللجوء للقطاع المالي لتمويل الآلية، إذ إن القطاع مستفيد من وجود الصندوق. وقال المسؤولون في التقرير «من مصلحة القطاع المالي أن يسهم في وجود شبكة أمان مطلقة تحمي قدرة السلطات العامة على إنقاذه».

وأضافوا «فرض ضريبة غير متكررة بنسبة 0.2 في المائة على أصول بنوك منطقة اليورو سيوفر نحو 50 مليار يورو». وعرضت الوثيقة على نواب وزراء المالية الأوروبيين في اجتماع تحضيري يوم الاثنين قبل اجتماع وزراء مالية مجموعة اليورو الاثنين المقبل.