الهدوء يعود للأسواق العالمية.. واليورو يرتفع بعد نجاح مزاد السندات الأوروبية

وسط تطمينات بوجود حل دائم لأزمة الديون وصفقات شراء صينية ووعود يابانية

متعامل أمام بورصة مدريد أمس (أ.ب)
TT

أسهم نجاح مزادات بيع الديون لكل من إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وصفقة شراء الصين لسندات أوروبية بقيمة مليار دولار، إضافة إلى التطمينات الأوروبية بالعكوف على حل سريع لأزمة مديونية الديون السيادية، في تهدئة الأسواق، أمس.

وبعد نجاح السندات الإسبانية والبرتغالية استطاعت الحكومة الإيطالية تجاوز عقبة مزاد سندات ديون خاص بسندات الـ5 والـ15 عشر عاما بقيمة إجمالية ناهزت 6 مليارات يورو. هذا وقد تم بيع سندات إيطالية يحين أجل استحقاقها بعد 5 سنوات بقيمة 3 مليارات يورو بمتوسط عائد بلغ 3.67 في المائة ارتفاعا من 3.24 في المائة في مزاد سابق، بينما تم بيع سندات يحين أجل استحقاقها بعد 15 عاما بقيمة 3 مليارات يورو أيضا وبمتوسط عائد 5.06 في المائة.

ويأتي هذا بعد نجاح الحكومة الإسبانية في بيع سندات لأجل 5 سنوات بقيمة 3 مليارات يورو وبعائد 4.542 في المائة ارتفاعا من عائد مزاد نوفمبر (تشرين الثاني) عند 3.576 في المائة.. وهدأت الأسواق أمس بعد أن ذكرت تقارير أن الصين اشترت سندات أوروبية بمليار دولار وسجل اليورو أعلى مستوى في شهر أمام الفرنك السويسري وارتفع أمام الدولار أمس (الخميس) في ظل تكهنات بأن هناك إجراءات وشيكة للسيطرة على أزمة ديون منطقة اليورو، وهو ما دفع المستثمرين إلى تغطية مراكز مدنية. وارتفع اليورو إلى أعلى مستوى له خلال الجلسة أمام الدولار بعدما اجتذبت إسبانيا طلبا كبيرا في مزاد لسندات لأجل 5 سنوات. وكان المستثمرون يترقبون هذا المزاد لمعرفة هل ستنتقل مشكلات الدين التي تعصف باليونان وآيرلندا والبرتغال إلى مدريد ودول أخرى.

وعززت العملة الموحدة المكاسب التي حققتها يوم الأربعاء عندما اجتذب مزاد للسندات في البرتغال طلبا قويا وهو ما أذهب بعض المخاوف بشأن ارتفاع تكلفة التمويل للبلاد وشجع المستثمرين على شراء اليورو بعدما سجل أدنى مستوى في 4 أشهر أوائل الأسبوع الحالي. في غضون ذلك، قال متعاملون إن القلق بشأن اجتماع طارئ تعقده النقابات السويسرية مع ممثلي القطاعين الصناعي والتجاري دفع إلى بيع الفرنك السويسري أمام اليورو، وهو ما رفع العملة الأوروبية الموحدة إلى 1.2837 فرنك أعلى مستوى لها منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول). وقال محللون لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إن اليورو يحظى بدعم بعدما قال وزير المالية الألماني فولفجانج شيوبله يوم الأربعاء إن دول منطقة اليورو تعكف على «حزمة شاملة لحل أزمة ديون المنطقة قد يتفق عليها بحلول فبراير (شباط) أو مارس (آذار)». وارتفع اليورو 0.2 في المائة إلى 1.3170 دولار بعدما كان متراجعا في وقت سابق عند 1.3089 دولار.

ورغم ارتفاع اليورو هذا الأسبوع يقول متعاملون إن العملة الموحدة ما زالت عرضة للبيع إذا تفاقمت مشكلات ديون منطقة اليورو. وقوبل مزاد السندات الإسبانية الخمسية بطلب قوي رغم أنها اجتذبت متوسط عائد عند 4.542 في المائة مقارنة مع 3.576 في المائة في المزاد السابق. وكانت السوق تتوقع عائدا يبلغ 5 في المائة.. لكن رغم ذلك فمن المتوقع ألا تفلح هذه النتائج الإسبانية كثيرا في تغيير الاعتقاد بأن البرتغال ستظل تواجه صعوبة وستحذو في نهاية المطاف حذو اليونان وآيرلندا في طلب المساعدة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وبقي الدولار ضعيفا بسبب الدعم الذي حظي به اليورو. ولم يسجل مؤشر الدولار الذي يرصد أداء العملة الأميركية أمام سلة عملات رئيسية تغييرا يذكر عند 79.98 بعدما تراجع نحو 1 في المائة هذا الأسبوع. واستقر الدولار أمام الين عند 82.98 ين دون تغيير يذكر عن الجلسة السابقة. واستقر الدولار الأسترالي عند 0.9966 دولار بعد زيادة طفيفة في بيانات الوظائف لم تكن متوقعة.

إلى ذلك، أبقى البنك المركزي الأوروبي أمس أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى متدن قياسي بلغ 1 في المائة. وتوافق القرار بإبقاء تكاليف الإقراض ثابتة للشهر الحادي والعشرين على التوالي مع توقعات المحللين. وظل سعر إعادة التمويل القياسي للبنك ثابتا دون تغيير منذ مايو (أيار) عام 2009، بينما اتجه البنك إلى تعزيز ثقة المستثمرين في منطقة اليورو عقب اجتياح الأزمة المالية الاقتصاد العالمي بعد انهيار بنك «ليمان براذرز» الاستثماري الأميركي في سبتمبر (أيلول) عام 2008.

ويرى محللون الآن أن الغموض الاقتصادي الذي أحدثته أزمة ديون منطقة اليورو يعني أنه من المستبعد أن يكون البنك المركزي الأوروبي في عجلة بأي صورة لزيادة تكاليف الإقراض. ويتوقع الكثير من المحللين أن يترك البنك سعر فائدته الرئيسية دون تغيير طيلة هذا العام.

وعلاوة على ارتفاع التضخم، يواجه البنك أيضا تفاوتا اقتصاديا كبيرا في منطقة اليورو. ورغم صدور بيانات قبيل اجتماع البنك أظهرت نمو الاقتصاد الألماني بشكل كبير، تتزايد المخاوف من أن النمو في الدول الأكثر مديونية في أوروبا يمكن أن يفقد قوة الزخم في الوقت الذي تكافح فيه من أجل خفض المستويات المرتفعة للدين وعجز الموازنة. ويثير ذلك مجددا تساؤلات بشأن سياسة البنك المركزي الأوروبي لسعر فائدة موحد مناسب لتفاوت اقتصادات منطقة اليورو.

وفي لندن، أبقى بنك إنجلترا المركزي أمس (الخميس) أسعار الفائدة عند مستوى متدن قياسي يبلغ 0.5 في المائة. يأتي القرار الذي أصدرته لجنة السياسة النقدية بالبنك بترك سعر الفائدة عند المستوى المحدد في مارس من عام 2009، وسط تزايد الضغوط على البنك نتيجة ارتفاع معدل التضخم الذي بلغ 3.3 في المائة في نوفمبر الماضي، وهو أعلى بكثير من السقف المستهدف من جانب البنك ويبلغ 2 في المائة. كما أبقى البنك على مستوى جهود تعزيز السيولة النقدية وفقا لبرنامج التيسير الكمي عند 200 مليار جنيه إسترليني (315 مليار دولار).