لبنان يعتمد نظاما متشددا في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

ألزم المصارف بحزمة إجراءات لمراقبة الحسابات والتحويلات ومصادر الأموال

TT

أدخل مصرف لبنان المركزي تعديلات مهمة على نظام مراقبة العمليات المالية والمصرفية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، المرتكز على القانون رقم 318، الصادر عام 2001، بما يفضي إلى تشديد الإجراءات الرقابية الداخلية ويطال العمليات المالية الخارجية للمصارف والمؤسسات المالية المحلية.

وبموجب التعديلات التي قضت بإلغاء النظام السابق واعتماد النظام الجديد لمراقبة العمليات المالية بدءا من مطلع العام الحالي، سيكون على المصارف العاملة التأكد، عند إقامة علاقات مع مصرف مراسل خارجي، «من أنه ليس مصرفا صوريا وأن له وجودا فعليا، وذلك استنادا إلى وثائق ثبوتية يستحصل عليها، بالإضافة إلى كونه لا يتعامل مع مصارف صورية ويتمتع بسمعة حسنة وهو خاضع لرقابة جيدة ويعتمد إجراءات كافية وفعالة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب».

وفي سياق التأكد، على المصرف تطبيق حزمة من الإجراءات أبرزها، الاستحصال على موافقة الإدارة التنفيذية العليا قبل إقامة علاقات مع مصارف مراسلة (Respondent Bank)، والتثبت من طبيعة نشاط المصرف الأجنبي الذي يتعامل معه، وتحديد مسؤولية كل من المصرف والمصرف الأجنبي الذي يتعامل معه لا سيما بالنسبة لحسابات الدفع المفتوحة لديه من قبل المصارف.

وفي جانب العلاقات مع العملاء وإجراءات العناية الواجبة، فإنه على المصارف، أن تعتمد إجراءات واضحة لفتح الحسابات، وأن تطبق إجراءات العناية الواجبة التي تشمل التحقق من هوية كل من عملائها الدائمين والعابرين، المقيمين وغير المقيمين، وتحديد الغرض من التعامل أو من فتح الحساب ونوع أي منهما وصاحب الحق الاقتصادي، ومصدر الأموال ومراقبة العمليات بشكل مستمر، لا سيما قبل أو عند إجراء التعامل أو فتح الحسابات على أنواعها كافة، بما في ذلك الحسابات الائتمانية والحسابات المرقمة وعمليات التسليف، وتنظيم عقد إيجار صناديق حديدية، وعمليات تحويل الأموال بالوسائل الإلكترونية، وعمليات الصندوق التي تبلغ أو تفوق قيمتها 10 آلاف دولار أميركي، أو ما يعادلها في أي عملة أخرى.

وعلى المصرف أن يحتفظ بمعلومات عن العميل، لا سيما اسمه الكامل وعنوان مكان إقامته ومهنته، وعن وضعه المالي، وبنسخ عن جميع الوثائق التي اعتمدت للتحقق لمدة خمس سنوات على الأقل بعد إقفال الحساب أو إنهاء علاقة العمل، وعن جميع المستندات المتعلقة بالعمليات كافة لمدة خمس سنوات على الأقل بعد إنجاز العملية.

وحدد التعميم الصادر عن البنك المركزي بعض الحالات التي تثير الشك حول هوية صاحب الحق الاقتصادي، وأبرزها في حال إعطاء وكالة لشخص غير مهني (غير محام أو وكيل عام أو وسيط مالي)، أو يتضح، حسب الظاهر، أن لا علاقة تربطه بالموكل تفسر مبرر توكيله، وفي حال تم التعامل من خلال حسابات مرقمة أو عن طريق مؤسسات أو شركات تشكل واجهة (Front Companies)، وإذا كان الوضع المالي للعميل معروفا من قبل الموظف الذي يقوم بتنفيذ العملية، وكانت قيمتها غير متناسبة مع وضعه المالي، وإذا استرعت انتباه المصرف، ضمن إطار ممارسة أعماله، أي مؤشرات لافتة أخرى.

وعلى المصرف المعني أن يبلغ فورا إلى حاكم مصر ف لبنان، بصفته رئيس «هيئة التحقيق الخاصة»، إذا كانت لديه تأكيدات أو شكوك بأن العملية المصرفية أو محاولة إجرائها تتعلق بتبييض أموال أو تمويل إرهاب أو أعمال إرهابية أو منظمات إرهابية، ولا سيما عندما تنشأ لديه شكوك ويتعذر إزالتها حول صحة التصريح الخطي الذي أدلى به العميل عن هوية صاحب الحق الاقتصادي أو أنه أعطي معلومات مغلوطة أو غير دقيقة عن هذه الهوية، أو يتبين له أنه ضلل أثناء التحقق من هوية العميل أو هوية صاحب الحق الاقتصادي وتستمر لديه شكوك حول المعلومات المقدمة من العميل.

وفي إطار مراقبة بعض العمليات والعملاء، يتوجب على المصرف أن يستعلم من العميل عن مصدر الأموال ووجهتها وعن موضوع العملية وهوية المستفيد وصاحب الحق الاقتصادي، وذلك عندما تنطوي العملية على خصائص معينة كأن تجري هذه العملية في ظروف غير اعتيادية من التعقيد، وعلى المصرف أن يقدر هذه الظروف ليس فقط بالنظر إلى نوع العملية وطبيعتها، بل أيضا بالنظر إلى غايتها، وأن تبدو هذه العملية وكأن ليس لها مبررا اقتصاديا أو هدفا مشروعا، خصوصا بسبب التفاوت بين العملية والنشاط المهني للعميل أو حتى بينها وبين عاداته أو شخصيته، وأن يكون أحد طرفي العملية من رعايا دول أو مقيما في دول لا تطبق توصيات مجموعة العمل المالي أو تطبقها بشكل غير كاف.

وفي تحديد أدق لأبرز المؤشرات المثيرة للشك بحصول عمليات غسل أموال أو تمويل إرهاب، على المصارف، أن تأخذ بالاعتبار، بشكل خاص، عمليات مبادلة كميات كبيرة من القطع النقدية الصغيرة مقابل قطع أكبر من نفس العملة أو من عملات أخرى، عمليات القطع (Cambio) الكبيرة أو المتكررة، انطلاقا من مبالغ نقدية، وحركة حساب العميل كإيداع مبالغ كبيرة أو إيداعات متكررة لمبالغ غير مبررة نسبة إلى نشاطاته الظاهرة، وتشغيل حساب بصورة أساسية لتحويل مبالغ كبيرة إلى بلدان أجنبية أو لتلقي تحويلات كبيرة منها، في حين يظهر أن نشاط العميل لا يبرر مثل هذه العمليات، والعمليات الكبيرة أو المتكررة المتصلة بنشاط عميل خارجي (أوف - شور) التي يتبين أنها غير متناسبة مع حجم نشاط العميل، واستبدال كميات نقدية بطلبات تحويلات إلكترونية أو شيكات مصرفية، وتغيير في نمط عمليات الإيداع لدى عميل معفى من تعبئة استمارة العمليات النقدية.

كذلك ينبغي التنبه لقيام العميل بعمليات نقدية كبيرة من إيداعات وسحوبات دون وجود تعريف شخصي كاف، وصرف أو تلقي شيكات تدفع لحامله مصدرة في بلد أجنبي أو مسحوبة لأمر شخص ومظهرة من أشخاص سابقين للمودع أو شيكات بمبالغ متنوعة قد تكون غير مرتبطة بعمليات تجارية أو زعم بأنها متأتية من المقامرة، وحصول إيداعات نقدية و/أو تحويلات مصرفية يعقبها سحوبات مباشرة ومتعددة، ووجود حسابات كثيرة لأحد العملاء لا تبررها طبيعة عمله أو إجراء تحويلات نقدية كثيرة في ما بين وعبر هذه الحسابات، وحصول إيداعات نقدية و/أو تحويلات مصرفية في وقت لا ينتج نشاط العميل هذا الحجم من الأموال، وإيداع شيكات مصرفية سياحية في حساب باسم شركة أو مؤسسة لا تبرر طبيعة عملها ذلك، وحصول عمليات نقدية و/أو تحويلات مصرفية تبدو غير عادية بالنسبة لموقع الفرع، والعمليات المصرفية التي تنفذ إلكترونيا والتي تبدو غير اعتيادية.

ويلزم تعميم البنك المركزي كل مصرف بتنظيم مركزية ممكنة للمعلومات المجمعة والمتعلقة بعمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، تتضمن، على الأقل، الأسماء التي جرى تعميمها من قبل «هيئة التحقيق الخاصة» وأسماء أصحاب الحسابات المشكوك فيها والمبلغ عنها من قبله، وعليه إبلاغ هيئة التحقيق عن أية حسابات تفتح لاحقا لأي من هؤلاء الأشخاص بصورة مباشرة أو غير مباشرة أو بموجب وكالة، وتدريب الموظفين بشكل مستمر وإشراك المسؤولين عن البرنامج التدريبي والموظفين المعنيين في الحلقات الدراسية والندوات والمحاضرات المتعلقة بهذا الموضوع بغية الاطلاع بشكل دائم على طرق مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وعدم إقفال أي حساب يشتبه به قبل الرجوع إلى «هيئة التحقيق»، ومسك سجل خاص بأسماء الأشخاص الذين يقومون بفتح أو بتحريك الحسابات بموجب وكالة، وفرض معايير عالية للاستقامة والنزاهة عند توظيف العناصر البشرية، والطلب من الموظفين، تحت طائلة المسؤولية، التزام السرية التامة وعدم إعلام العملاء أو السماح بإعلامهم أو إعلام غيرهم من الأطراف بأن المصرف أبلغ أو سوف يقوم بإبلاغ «هيئة التحقيق» في حال وجود تأكيدات أو شكوك بوجود عمليات تبييض أموال أو تمويل إرهاب أو عند قيام الهيئة بالاستعلام أو بالتدقيق في عملياتهم أو في حساباتهم، قبل صدور قرار عن هذه الأخيرة برفع السرية المصرفية عن هذه الحسابات وإبلاغ أصحاب العلاقة.

ويفرض التعميم عند الاستعانة بخدمات الوسطاء عدم التعامل إلا مع وسطاء يستوفون المعايير المطلوبة من المصارف والمؤسسات المالية تجاه عملائها، والحصول منهم فورا على المعلومات المطلوبة بموجب مبدأ العناية الواجبة وعلى نسخ من الوثائق اللازمة عند الطلب، بالإضافة إلى ذلك يتوجب اتخاذ الحيطة والحذر عند التعامل مع أطراف ثالثة موجودة في دول لا تطبق توصيات مجموعة العمل المالي بدرجة كافية.

وعلى فروع المصارف اللبنانية العاملة في الخارج اعتماد، كحد أدنى، الإجراءات المنصوص عليها في هذا النظام، وفي حال تعذر ذلك نتيجة تعارضها مع أحكام القوانين والأنظمة الملزمة المعمول بها في مكان وجود الفرع على المصرف إعلام «هيئة التحقيق الخاصة» بذلك.

كما يتوجب على مفوض المراقبة لدى المصرف أن يراجع إجراءات التدقيق الداخلي للتحقق من تقيد المصرف بأحكام القانون وأحكام هذا النظام، وعليه إعداد تقرير سنوي بهذا الخصوص يرفعه إلى مجلس إدارة المصرف وإلى حاكم مصرف لبنان وإلى لجنة الرقابة على المصارف، على أن يتضمن هذا التقرير بالإضافة إلى نتائج المراجعة واقتراحاته بخصوص تفعيل أعمال الرقابة على العمليات، معلومات مفصلة حول التحقق من قيام المصرف، باعتماد سياسة وإجراءات مكتوبة لجهة قبول وفتح الحسابات الجديدة للعملاء، والاستعلام عن مصدر الأموال المتلقاة ووجهتها النهائية وعن مبررات العمليات النقدية المحددة في قانون مكافحة تبييض الأموال وهذا النظام وتحديد سُقف للإيداعات وللسحوبات النقدية وللتحويلات الواردة من الخارج والواجب التنبه لها ضمن إجراءات الحيطة، وكذلك اعتماد نماذج إيداعات تظهر مصدر الأموال المودعة عند تجاوز الإيداع أو مجموع الإيداعات السقف المحدد. وتحضير تقارير دورية (فصلية على الأقل) حول حركة الإيداعات والسحوبات النقدية وكذلك التحويلات الواردة في حسابات العملاء.