مصر: البورصة واجهت ثاني أكبر هبوط في تاريخها.. والجنيه في أدنى مستوياته

وزير التجارة ألغى مشاركته بـ«دافوس».. وتخوفات من تأثر الاستثمار والسياحة

حيرة وسط المستثمرين في الاسهم المصرية (رويترز)
TT

تراجعت البورصة المصرية إلى أدنى مستوى لها خلال عام ونصف العام أمس، لتغلق على تراجع بلغت نسبته 10.52 في المائة، وهو ثاني أكبر تراجع للبورصة المصرية في تاريخها، مع اتجاه المستثمرين الأجانب والعرب نحو البيع بشكل مكثف، وذلك بعد استمرار المظاهرات المناهضة للنظام في مصر، وتخوف محللون من أن تؤدي تلك المظاهرات إلى تراجع معدلات الاستثمار والسياحة.

وأغلق مؤشر البورصة المصرية الرئيسي (EGX30) أمس عند 5646.5 نقطة، بعد تداولات مكثفة بلغت قيمتها 1.88 مليار جنيه، وأوقفت البورصة التداولات بعد ربع ساعة من بدئها أمس بعد أن فقد المؤشر أكثر من 6 في المائة من قيمته، لتعود التداولات مرة أخرى وتفقد البورصة أكثر من 40 مليار جنيه من قيمتها السوقية بنهاية جلسة التداول. واستحوذت المؤسسات على أغلب تعاملات السوق بنسبة 71.55 في المائة، وفاقت قيمة مشترياتها مستوى مبيعاتها بنحو طفيف بلغ 42 مليون جنيه.

واتجهت تعاملات الأجانب نحو البيع بعد استحواذهم على 27.86 في المائة، وبلغت قيمتها 549 مليون جنيه، بينما بلغت مشترياتهم نحو 496 مليون جنيه، بينما استحوذ المصريون على 65 في المائة وفاقت مشترياتهم مبيعاتهم بنحو 108 ملايين جنيه، بينما استحوذ العرب على 7 في المائة من تداولات السوق، واتجهت تعاملاتهم إلى البيع بنحو 55.4 مليون جنيه عن قيمة مشترياتهم.

وقال متعاملون في شركات الصرافة إن هناك اتجاها كبيرا من قبل المستثمرين الأجانب لتحويل أموالهم إلى عملات أجنبية، أبرزها الدولار واليورو والجنيه الإسترليني، مما أدى إلى ارتفاع أسعار تلك العملات مقابل الجنيه المصري. وتراجع الجنيه أمام الدولار إلى أدنى مستوى له خلال 6 أعوام، ليصل سعر شراء الدولار إلى 5.845 جنيه، وووصل سعر البيع إلى 5.87 جنيه.

وقال محمد جابر العضو المنتدب بـ«الشركة المصرية للصرافة»، إن المستثمرين الأجانب يقللون استثماراتهم في سوق رأس المال بمصر، سواء في الأسهم أو السندات أو أذون الخزانة، ويحولون أموالهم إلى عملات أجنبية أخرى أهمها الدولار الأميركي.

وأضاف جابر أنه لم يلاحظ أي اتجاه غير مألوف من قبل مواطنين مصريين لتحويل أموالهم إلى عملات أجنبيه أخرى، مشيرا إلى أن الهبوط العنيف للجنيه أمام الدولار سيتوقف ويعود إلى مستوياته الطبيعية في حالة انتهاء المظاهرات وعودة ثقة المستثمرين الأجانب. وقال محللون بالبورصة المصرية إنه لا يمكن التنبؤ بالاتجاهات المستقبلية للبورصة المصرية، فتخوفات المستثمرين الأجانب تنتقل إلى المصريين، وتراجع الجنيه المصري أمام الدولار يؤثر بشكل كبير على تقييم الأسهم المتداولة بالعملة المحلية، وهذا يضغط على البورصة، ولكنهم أجمعوا أن هذا الهبوط مبالغ فيه بشكل كبير، مطالبين مسؤولين بالحكومة بالخروج لتوضيح موقفهم للجميع.

وتراجعت أمس جميع الأسهم، باستثناء أربعة أسهم فقط، ومنيت الأسهم القيادية بخسائر كبيرة، حيث انخفض سهم «المجموعة المالية هيرمس القابضة»، بنسبة 11.61 في المائة ليغلق عند 26.42 جنيه، وتراجع سهم «أوراسكوم للإنشاء والصناعة» بنسبة 10.74 في المائة ليغلق عند 227.07 جنيه، كما شهد سهم البنك التجاري الدولي انخفاضا قدره 8.93 في المائة ليغلق عند 36.49 جنيه.

كما تراجعت شهادات إيداع الشركات المصرية بنهاية تداولاتها أمس ببورصة لندن باستثناء شهادة إيداع «المصرية للاتصالات» التي ارتفعت بشكل طفيف بنسبة 0.29 في المائة لتغلق عند 13.65 دولار، بينما كان أكبر التراجعات لشهادة إيداع «هيرمس» بنسبة 5.42 في المائة لتغلق عند 8.99 دولار.

وعلى صعيد متصل، تخوف محللون من تفاقم الاحتجاجات والمظاهرات في مصر، لأن هذا ينذر بعواقب وخيمة قد تؤدي إلى تراجع معدلات الاستثمارات والسياحة بشكل كبير، وقد يخفض هذا تصنيف مصر عالميا، من حيث مخاطر الاستثمار بها.

وألغى وزير التجارة والصناعة المصري رشيد محمد رشيد رحلته إلى منتدى «دافوس» الاقتصادي بسويسرا، ليعود من إيطاليا مباشرة إلى القاهرة أمس، ليغيب بذلك أي تمثيل حكومي في هذا المنتدى الذي دائما ما كان يشارك فيه وزراء المجموعة الاقتصادية في مصر وجمال مبارك نجل الرئيس المصري، وقال مسؤولون في وزارة التجارة والصناعة إن رشيد فضل العودة إلى القاهرة ليتابع الأحداث في مصر عن قرب، كما أن الهدف من التمثيل الحكومي في هذا المنتدى تلاشي الاضطرابات التي حدثت في القاهرة، والتي ستعوق أي جهود لجذب الاستثمارات إلى البلاد.

وزاد تدفق رأس المال خلال السنوات الخمس الماضية التي شهدت خطوات لتحرير الاقتصاد على الرغم من أزمة ائتمان، مما يشير إلى أن المستثمرين الأجانب يأمنون على أموالهم في مصر.

وعلى الرغم من الاضطرابات التي أصابت البلاد، فإن ذلك لم يكن مؤشرا لوكالات التصنيف الائتماني إلى تغيير نظرتها لمصر، فأعلنت كل من مؤسسة «ستاندر آند بورز» و«فيتش» و«موديز» أنهم أبقوا على تصنيفهم الائتماني لمصر دون تغيير، مع إعطاء نظرة مستقرة للاقتصاد المصري.

ولكن مؤسسة «CMA» البريطانية قالت إن مصر أصبحت أكثر خطورة من العراق فيما يتعلق بقدرتها على سداد ديونها، وذلك في أول مرة منذ أكثر من عام، وارتفعت تكاليف تأمين الدين المصري عن معدلها الطبيعي خلال الخمس سنوات الماضية، بنحو 43 نقطة خلال هذا الأسبوع لتصل إلى 347 نقطة أمس، مقارنة بـ328 نقطة للعراق. وفيما يتعلق بالسياحة وتأثرها بالمظاهرات الحالية، قال هشام زعزوع، مساعد أول وزير السياحة المصري، إنه لا يمكن تقدير أي خسائر أو تراجعات في معدلات السياح الوافدين إلى البلاد بسبب يومين من المظاهرات فقط، مؤكدا أن وزارته تقوم برصد الموقف يوميا لمعرفة تأثيرات تلك الاضطرابات على حركة السياحة.

وأضاف: «إذا انتهت المظاهرات خلال اليومين القادمين، فلن يكون هناك أي تأثيرات على معدلات السياحة، ولكن إذا استمر الوضع فقد يكون هذا مؤشرا لإلغاء رحلات سياحية قادمة إلى مصر».

وبلغ أعداد السياح الوافدين إلى مصر خلال العام الماضي نحو 15 مليون سائح، أكثر من 70 في المائة منهم يتجهون إلى المدن السياحية بالبحر الأحمر (شرق البلاد)، التي لم تشهد أي مظاهرات حتى الآن.